* أسرار تنشر لأول مرة عن المنطقة الغربية العسكرية * قصة حائط الصد المسئول عن منع جيوب داعش من اختراق حدود مصر * عمليات المسح الجوى نجحت فى تأمين أطول خط حدودى ومحاصرة تهريب الأسلحة الثقيلة عيون باتت تحرس فى سبيل الله ونسور تحلق فى عنان السماء بمقاتلات تقوم بعمليات مسح جوى على الشريط الحدودى لبوابة مصر الغربية ..هذا هو الوصف المختصر لأبناء الصمت ورجال الجيش المصرى البواسل بالمنطقة الغربية العسكرية فالمهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة لأن المستحيل لا مكان له فى قواميس عزيمة المصريين . صعوبة المهمة تكمن فى أن الحدود الغربية هى أطول شريط حدودى برى لمصر كما ان عمليات تأمينه تحتاج الى تكتيكات مختلفة وأساليب مواجهة غير تقليدية خاصة فى ظل الوضع الامنى المتدهور فى ليبيا والممتد منذ سنوات حتى الان ونجاح تنظيم داعش الارهابى فى اختراق الحدود الليبية منذ اكثر من عام وسيطرة ميليشياته المجرمة على مناطق ليبية بأكملها هذا إلى جانب أنشطة التهريب المتنوعة وأخطرها جماعات تهريب الأسلحة الثقيلة . أسود المنطقة الغربية العسكرية هم حائط الصد المنيع الذى استعصى على خفافيش الظلام وكلاب داعش المسعورة وقد أولت القيادة السياسية اهتماما كبيرا بدعم قواتنا المسلحة بالمنطقة الغربية حيث كان الرئيس عبدالفتاح السيسي أول رئيس جمهورية يزور مقر قيادة المنطقة الغربية العسكرية في سيدي براني بمحافظة مرسى مطروح، برفقة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي لتفقد الحدود المصرية الليبية فى واقعة كانت هى الاصعب على قلوب كل المصريين وهى قتل "داعش" 21 مصريًا في ليبيا. ولأن هذه المنطقة شائكة وشديدة الخطورة لم يفكر أى رئيس على مدار تاريخ مصر أن يزورها حتى زارها الرئيس السيسي العام الماضى فى تلك الظروف الصعبة ويرجع ذلك لكونها منطقة شديدة الخطورة والحساسية وتتميز بموقعها الهام على الحدود الغربية بين مصر وليبيا. التاريخ يذكر الكثير عن منطقة "سيدي براني"لكن ابرز المشاهد الخاصة بها أنها كانت منطقة نزاع في عهد الرئيس الراحل أنور السادات حيث نشبت خلافات بينه ونظيره الليبي معمر القذافي، ما دفع مصر لنشر عدد كبير من قوات الجيش بها، وتعود زيارة السيسي فى وقت سابق المنطقة الغربية العسكرية في سيدي براني لعدة اسباب مهمة ولازالت قائمة حتى الأن. السبب الأول هو رغبة الرئيس في التلاحم مع الجنود، بصفته قائدًا عامًا للقوات المسلحة والدراية الكاملة للجنرال بان رفع الروح المعنوية للجنود لها مفعول السحرلاستنفار الهمم وتحقيق النصر . ثانيا - رفع روح الجنود المعنوية والاطمئنان على تدريباتهم ثالثا - متابعة الموقف المتوتر في ليبيا عن كثب، خاصة بعد العمليات العسكرية التي شنتها القوات الجوية على معاقل "داعش". رابعا – حرص القيادة السياسية التأكيد على مراقبة مصر لما يحدث عن كثب ودون تهاون أو تقصيرداخل ليبيا والمتغيرات المستمرة فى مسرح العمليات وتكشف تقديرات الموقف ان الوصف التفصيلى للساحة الليبية، وقدرات «داعش» هناك، تشير إلى أنه من غير المرجح، بدرجة كبيرة، أن تتمكن قيادة داعش فى العراقوسوريا من استنساخ مشروعها الشرق أوسطى عبر سواحل المتوسط. وإن كان ذلك لا ينفى، بالمقابل، أن داعش فى ليبيا لا تزال تمثل تهديدا، بدرجة أو بأخرى، لدول الجوار الليبى، وكذلك عبر المتوسط، وهو ما يتعين على مصر تنسيق جهود التعاون الإقليمى والدولى لمواجهة هذا التهديد وهو ما يتم بالفعل وعلى عدة مستويات بالتوازى مع بعضها البعض . الحصاد المر للتنظيمات الارهابية يمثل قائمة طويلة تتباهى بها هذه الخفافيش وفى مقدمتها داعش فخلال العام 2016، نشرت صحيفة «النبأ» التى يصدرها تنظيم «داعش الأم» بيانات مفصلة عن عمليات التنظيم داخل ليبيا، اشتملت على أهم العمليات العسكرية للتنظيم ضد «تنظيمات جهادية» أخرى، وضد الجيش الليبى فى مدينة درنة، خلال الفترة من بداية ديسمبر 2015 وحتى نهاية فبراير 2016 المشهد التكتيكى و تلك البيانات التى قدمها «التنظيم الأم» توحى بوضوح بأن «داعش– ليبيا» تتمدد، فى حين أن حقيقة ما يجرى هناك هو العكس من ذلك تماما، الأمر الذى يعكس رغبة التنظيم فى ممارسة أكبر قدر ممكن من الدعاية، وحاجته الملحة «للبروباجندا» لكى يخفف من وطأة الخسائر التى لحقت به أخيراوتعرضه للحصار وشلل الحركة وحرمانه من الامدادات التى كان يتلقاها عن طريق البحر . فمثلما فقدت داعش رأس جسرها الساحلى فى درنة، فى يونيو2015، فقدت أخيرا معاقلها فى بنغازى لصالح قوات الجيش الوطن الليبى بقيادة خليفة حفتر. وكذلك خسرت موقعها فى صبراتة لصالح ميليشيات متحالفة مع مصراتة... فى ذات الوقت، فإن السباق على استرداد مدينة سرت ( داعش يسيطر عليها منذ منتصف 2015) بين الجيش الليبى بقيادة حفتر من ناحية، وبين ميليشيات مدينة مصراته من ناحية أخرى، قد بدأت بالفعل... وكلها تطورات تفرض تحديات كبرى على "داعش – ليبيا". تنظيم الذباحين المجرم له سمات خاصة فى قدراته وهى محل دراسات متانية على المستوى العسكرى لدول عدة بما فيها دول المنطقة إن أى محاولة للمقارنة بين قدرات داعش فى ليبيا، وقدراتها فى العراقوسوريا، ستكشف عن تفاوت كبير جدا لصالح الأخيرة، سواء من حيث عدد المقاتلين، أو مساحة الأراضى التى تخضع للسيطرة، أو كذلك من حيث مصادر الدخل والقدرات الاقتصادية، وهو ما يمكن تناوله تفصيلا على النحو التالي أولا - عدد المقاتلين : تتفاوت التقديرات بشأن حجم داعش فى ليبيا. ففى يناير 2016، أشارت بعض التقديرات الأمريكية إلى أن عددهم قد زاد ليصل إلى ما بين 5 و6 آلاف مقاتل. بينما تعتقد مصادر فرنسية أن عدد عناصر الجماعة يصل إلى 12 ألف مقاتل. وحتى لو أخذنا بأعلى تقدير لعناصر داعش فى ليبيا، يمكن القول إن متوسط عدد مقاتلى داعش فى ليبيا هو نحو 30% فقط من متوسط عدد مقاتلى داعش فى العراقوسوريا، فى بلد تبلغ مساحته أربعة أضعاف مساحة العراق، وثلاثة أضعاف مساحة العراقوسوريا مجتمعتين. صحيح أن تركيز مقاتلى داعش فى ليبيا يعد كبيرا، لكن حجمهم مقارنة بحجم التنظيم فى العراقوسوريا من ناحية، وضخامة ليبيا النسبية من ناحية أخرى، تشكك كثيرا فى قدرة الجماعة على التمدد، من دون التحاق عدة آلاف آخرين بالقوة البرية لها، وهى النقطة التى سلطت عليها الأممالمتحدة الضوء فى تقرير صدر عنها فى فبراير الماضى. ثانيا :الأراضى التى يسيطر عليها "داعش – ليبيا"فخلال العام الماضى أعلنت «داعش» عن إنشاء ثلاث ولايات فى ليبيا، هى: ولاية برقة، ولاية طرابلس، وولاية فزان. إلا أن الواقع الآن يعكس حقيقة أن هذه الولايات هى بالاسم فقط، وأن داعش هناك محصورة فى قطاع ساحلى رفيع على جانبى مدينة سرت، يبلغ إجمالى طوله مائتى ميل. ذلك أن أيديولوجية داعش وأساليبها، أثارت ردود فعل عنيفة من تنظيمات جهادية أخرى، وكذلك ميليشيات وأطراف محلية.... ففى يونيو 2015، شنت جماعة من «الجهاديين»، اتحدوا تحت لواء «مجلس شورى المجاهدين فى درنة»، حملة ضد داعش ودفعوها فى النهاية إلى الانسحاب من المدينة. كما حققت قوات تابعة للواء خليفة حفتر وبدعم من قوات فرنسية خاصة نجاحات مهمة ،وازاحت داعش عن بعض الأحياء فى بنغازي. فى ذات الوقت عصف قصف جوى أمريكى يصاحبه هجوم لميليشيات ليبية بداعش فى صبراتة. وكانت محصلة كل ذلك، أن تقلص مركز وجود الجماعة فى ليبيا، والمنطقة الوحيدة التى تسيطر عليها وتديرها تقع فى الحد الشرقى لما تسميه «ولاية طرابلس». وتتألف أراضيها من مدينة سرت، وبلدات: الهراوة، النوفلية، وبن جواد، شرق سرت وحتى الحدود الخارجية لأبو قرين غرب سرت إذن، بشكل إجمالى، ربما تناور داعش فى مساحة تبلغ 4550 ميلا مربعا، وتسيطر على نحو 110 آلاف من ساكنى مناطق سرت. وتمثل تلك المناطق مساحة محدودة جدا بالمقارنة بإجمالى مساحة ليبيا. ثالثا –التمويل و القدرات الاقتصادية للدواعش فى ليبيا فقد انتهج التنظيم الارهابى نفس الاسلوب الذى اتبعه فى العراقوسوريا فقد حاولت «داعش – ليبيا» أن تفرض ضرائب فى سرت... وفى هذا السياق تذكر مصادر لداعش أن جميع المحال التجارية فى سرت تدفع ضرائب منذ نهاية أغسطس 2015. بالإضافة إلى هذا، هناك جمارك تُجمع على البضائع والمركبات فى الطريق الساحلى السريع بين شرق وغرب سرت، كذلك الطريق السريع الذى يربط سرت بالجنوب. أيضا، انخرطت «داعش- ليبيا» فى عمليات تهريب، وبيع آثار وتحف. وربما تكون قادرة على الحصول على أموال من كميات صغيرة من النفط الذى تتمكن من الاستيلاء عليه من أنابيب النفط القريبة، ولكنها غير منخرطة بأى حال من الأحوال فى مبيعات نفطية ضخمة. فهناك العديد من الأسباب التى تمنع داعش من استخدام موارد ليبيا النفطية. أولها: أن جماعات قوية أخرى سيطرت على أجزاء مختلفة من قطاع النفط قبل وصول داعش، ومن الصعب على داعش إقصاؤها. ثانيها: أن البنية التحتية النفطية فى ليبيا منتشرة عبر مساحة ضخمة بمنشآت تخزين ومصاف تبعد غالبا مئات الأميال عن آبار النفط . إذن عمليات داعش فى ليبيا لا تحقق عائدات يُعتد بها، وليست منظمة بنفس درجة تنظيم عملياتها فى العراقوسوريا. وعليه، يبدو من غير المرجح أن تتمكن داعش من استبدال ما خسرته من عائدات عراقية وسورية، بعائدات أخرى من ليبيا. كذلك لا يبدو أن «داعش– ليبيا» ستتمكن وحدها من دعم نفسها وبتحليل المعلومات السابقة يتأكد لنا عدة حقائق أهمها أن داعش فى ليبيا أظهرت كفاءة محدودة فى الاستيلاء على أراض، وإدارتها، ولا يمكنها تمويل نفسها، فضلا عن افتقاد ليبيا للبعد الطائفى الذى وظفته داعش بنجاح كبير فى العراقوسوريا وأن هناك شكوك كبيرة بشأن مدى «صلاحية» ليبيا فى أن تكون موطنا بديلا لداعش فى العراقوسوريا. لكن ذلك، فى الحاصل الأخير، لا يتعارض مع عدة حقائق، أهمها *أولا أن داعش فى ليبيا لا تزال الفرع الأقوى لأبوبكر البغداد *أن المعركة القادمة من أجل استرداد «سرت» من قبضة داعش، تحتل الآن موقع الصدارة فى المنافسة على النفوذ داخل الحكومة الجديدة للبلاد، تحديدا بين الفريق المؤيد لخليفة حفتر، والفريق الآخر المتحالف مع مصراته حيث سيضمن المنتصر تحقيق قدرة أكبر على المناورة بشأن النفوذ داخل حكومة الوفاق الوطني "المدعومة أمميا". ففى الشرق، يستعد حفتر لإرسال المزيد من القوات إلى سرت، خاصة أن قواته تلقت، فى الثالث والعشرين من إبريل الماضى، مركبات مصفحة جديدة، وشاحنات وأسلحة من حلفاء إقليميين. وفى الغرب، تستعد ميليشيات مصراته للتحرك فى اتجاه الجنوب الشرقى نحو «سرت» أيضا. لكن هناك عدة تحديات خطيرة أهمها ان المنافسة وعدم الثقة المتبادلة تعقدان الاندفاعة نحو سرت، الأمر الذى يجعل المواجهة احتمالا ممكنا، خاصة أن مسلحين مصراتيين وميليشيات محلية موالية لقائد حرس المنشآت النفطية إبراهيم جدران، يتمركزون بين سرت وأجدابية. ويخشون من أنه فى طريقهم إلى سرت، ستسيطر قوات حفتر على بعض أهم البنية التحتية النفطية والغاز الطبيعى فى ليبيا، الأمر الذى سيعزز أكثر من الوضع التفاوضى للواء حفتر. ولاشك فى أن المناوشات المحدودة التى اندلعت بالفعل ( فى محافظة الجفرة) بين الجيش الليبي، وقوات موالية لزياد بلعم قائد مجلس شورى ثوار بنغازي، تعزز من احتمالات اندلاع تلك المواجهة بين الفريقين. ومن بين الحقائق المهمة أن داعش أظهرت بالفعل كفاءة فى استخدام ليبيا لضرب بلدان أخرى، إذ نفذت هجومين كبيرين فى تونس فى 2015، وكذلك هجوما على بلدة بن قردان الحدودية التونسية فى مارس 2016 ، الأمر الذى يشير إلى أن داعش قادرة على التحرك بحرية عبر الحدود. وخلال العامين الماضيين أثبتت تحقيقات جهاز «الأمن الوطنى» فى مصر أن « داعش- ليبيا» لعبت دورا رئيسيا فى محاولات زرع خلايا إرهابية فى الداخل المصرى، لا سيما فى مناطق: الصحراء الغربية، القاهرة الكبرى (داخل محافظة الجيزة بالذات) ومناطق الصعيد... والشاهد على ذلك تلك الخلية الإرهابية التى جاءت عبر الحدود الغربية وحاولت إقامة معسكر لها فى «جبل ديروط» بالقرب من أسيوط، حيث طاردتها على الفور (فى سبتمبر2015) وحدات من القوات الخاصة المدعومة جوا، وتم تصفية عشرة عناصر، وإلقاء القبص على عنصر آخر على الأقل. أيضا، يبقى احتمال أن تكون داعش فى ليبيا منصة لانطلاق هجمات فى أوروبا. فقد أظهرت هجمات باريس وبلجيكا أن داعش فى العراقوسوريا قادرة على تحريك أنصارها من وإلى أوروبا، وأنها على الأرجح ستحاول الشىء نفسه فى ليبيا. وفى هذا السياق، حذر وزير الدفاع الفرنسي– فى فبراير الماضى- من مثل هذا المصير. وخلال أشهر الصيف وهدوء البحر، يصبح عبور المتوسط بواسطة القوارب أسهل، ويُخشى من أن «جهاديين» من ليبيا سيحاولون على الأرجح الاندماج وسط أعداد اللاجئين الذين يتدفقون عبر السواحل الليبية. وهنا لا تحتاج داعش إلى ثلاث ولايات ( بشكل حقيقى) فى ليبيا لكى تفعل هذا. جملة القول أنه من غير المرجح أن تتمكن قيادة «داعش» فى العراقوسوريا من استنساخ مشروعها الشرق أوسطي، عبر سواحل المتوسط، لكن فى ذات الوقت «داعش – ليبيا» لا تحتاج أن تكون نموذجا يحاكى داعش فى العراقوسوريا، لكى تكون خطيرة ومثيرة للاضطرابات فى داخل ليبيا، ولجيرانها، أو عبر المتوسط. خطورة داعش خارج ليبيا دعت لمواجهته بقسوة وبسرعة حيث تمكن التنظيم الارهابى من تكوين ثروات طائلة والاستحواذ على كل ثروات لابلاد التى اخترق حدودها وتمركز فيها فيتربع تنظيم الدولة الإسلامية على عرش أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم وقد حصل التنظيم على نصف مليار دولار من البنك المركزي في الموصل هذا بخلاف سلسلة من العمليات التي تم فيها نهب الملايين، وبذلك ضمن تنظيم داعش سيولة مادية تضمن استمراريته بقوة في المنطقة،ليس هذا فحسب بل وانتشاره خاصة أنه يسيطر على أهم الحقول النفطية في سورياوالعراق . وتشير المعلومات أن المناطق التي يسيطر عليها داعش هي ممر لنقل الطاقة من العراق وبفضل المنشآت النفطية والمصارف التي تمكن داعش من السيطرة عليها فإنه تمكن من بناء اقتصاد متكامل، لكن كافة أعمال التجارة التي يقوم بها ليست مشروعة، وليس فقط تجارة البشر، حيث إنه يقوم ببيع النفط لعصابات تهريب غالبا ما تكون في تركيا وتقوم بشرائه بأسعار أقل بكثير من السعر العالمي . وتشير المعلومات ايضا أن التنظيم يقوم بعمليات بيع واسعة للنساء والأطفال الذين يقوم باختطافهم، لتمثل عمليات تجارة البشر واحدة من أهم مصادر التمويل للتنظيم، فضلاً عن أنه يتمكن بفضل هذه التجارة من إغراء واستقطاب مزيد من المقاتلين من مختلف أنحاء العالم ممن يتم تأمين نساء لهم ك"سبايا وعبيد" فور وصولهم إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم وقد بدأت هذه الصور في فقدان شعبيتها، ويمكن الافتراض هنا أن زعماء "الدولة الإسلامية" أرادوا وقف تدفّق الجهاديين الانتهازيين الذين انضمّ بعضهم إلى جبهة النصرة بعد خيبة أملهم في "الدولة الإسلامية" جراء استمرار معاركها مع المجموعات الجهادية والمعتدلة الأخرى. لكن نهاية هذه النزعة لم تمنع المناصرين لهم في الإعلام الاجتماعي من نشر عناوين لنشاطات غير جهادية تتراوح بين أخذ صور مع القطط إلى التعبير عن الحزن لوفاة الممثل والفكاهي الأمريكي روبين ويليامز وغيرها من المشاركات التى تسعى الى تلميع صورة التنظيم واظهاره فى منطقة قريبة من التمدن والتحضر . ولم تكن هذه هى وسائل الجذب الوحيدة فقد استوجب الامر على المجموعات الجهادية المتنافسة، أن تفاخر بالنعم المادية ومظاهر رغد العيش لاجتذاب المزيد من المقاتلين، لكن بشكل لا يخالف الطريق المستقيم. إضافة إلى ذلك فإنّ الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية أصبح مُضاعفا خاصة بعد محاولاته جذب عائلات كاملة للعيش في ظل "خلافته". فلكي ينجح في ذلك عليه ليس فقط بعث رسالة بأن مقاتليه مسلحون جيدا، بل وكذلك مجهزون جيدا ولديهم الأكل والشرب وسيتم الاعتناء بأطفالهم وعائلاتهم وستتمّ حمايتهم. ومؤخّرا تحدّث مجنّد جديد في "الدولة الإسلامية" (في شريط فيديو نشره مركز الحياة الإعلامي) وهو أحد أجهزتهم الإعلامية المهيمنة، موجها خطابه للجهاديين القادمين: "ستعيش عائلاتكم هنا في أمان مثلما هو الحال في أوطانكم" وقدعمدت التنظيمات المتطرفة إلى اتهام بعضها البعض بتلقي التدريبات أو التمويلات أو المساندة بأيّ شكل من وكالة المخابرات الأمريكية أو الموساد، وعادة ما تتهم المجموعات المتشدّدة في سوريا بمحاولة الاستفادة من الحرب الأهلية المدمّرة، خاصة في ما يتعلق بحقول النفط في شمال شرق سوريا، التي شهدت خلافات عديدة حولها، رغم أنّ أغلب المجموعات الصغيرة لم تكن تمتلك الخبرة التكنولوجية لاستخراج النفط ونقله بطريقة آمنة أو مربحة كثيرا في هذا السياق، كانت جبهة النصرة أوّل مجموعة تعلن سيطرتها على حقول النفط السورية في محافظة الرقة سنة 2013، وكان زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني يرى أن إعالة أيّ تنظيم لنفسه من خلال التحكم القوي في الموارد، هو مفتاح النصر على نظام الأسد. لذلك كانت مشاهدة السرعة والعنف اللذين اتسمت بهما عملية طرد الدولة الإسلامية لجبهة النصرة والاستيلاء على حقول النفط والمصافي، مفاجأة للكثير من المجموعات. السطور السابقة تؤكد ان الدولة كانت على يقظة ودراية تامة بخطورة تنظيم داعش واعدت له خطة مواجهة من خطوط بعيدة عن الحدود لضمان عدم تمثيله اى خطورة على ارضنا الغالية اوالمساس باى مصرى خارج او داخل مصر.