قد تكون رأيت هذا الوجه يقف في ود ومحبة إلي جوار رموز السياسة العالمية أونجوم السينما الأمريكية، ولكن لو أمعنت في صوره المنتشرة في وكالات الأنباء والصحف الأجنبية ستجده أيضا يجلس مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما واضعا ساقا فوق ساق، كما يقف إلي جوار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري التي تسعي الآن للجلوس علي المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.. هذا الرجل هو ليس سياسي وليس فنانا بل يهودي مصري من أبناء مدينة الإسكندرية هاجر لإسرائيل وامتدت تجارته ما بين فرنساوأمريكا حتي صار من أغني 25 رجل أعمال يهودي بالعالم ويسخر "حاييم صبان" كل علاقاته بمشاهير العالم سواء في مجال السياسة أو الفن للتبرع لحماية تل أبيب وبناء جيش بني صهيون. يعمل حاييم في مجال الدعاية والإعلان وباع لشركة ديزني للأعمال الكارتونية للأطفال أفلاما من إنتاجه احتفت بها وبلغت ثروة حاييم ب2.8 مليار دولار وقد سبق أن صنفته مجلة فوربس بأنه من أغني رجال العالم ال100. حاييم صبان الذى ولد بمدينة الإسكندرية في 15 أكتوبر عام 1944 هاجر لإسرائيل حين كان عمره 12 عام ثم قضي مدة التجنيد العسكري بالجيش الإسرائيلي ليبدأ بعدها العمل في مجال تنظيم حفلات للمطربين والمغنيات ثم قرر السفر لفرنسا ليؤسس هناك شركة للإنتاج الموسيقي واستقر هناك حوالي 10 أعوام ثم عاد عام 1983 من باريس إلي لوس أنجلوس بأمريكا ليستقر بها فأنشأ شركة للإنتاج الفني. إذا لم تكن من هواة متابعة الأحداث السياسة ولم تري "حاييم صبان" يجلس وعن يمينه تسيبي ليفني وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق وعن يساره تجلس هيلاري كلينتون وزير خارجية أمريكا السابقة فإنك بالطبع شاهدت في مرحلة ما من عمرك أفلام كارتون اشتراها "صبان" ليبيعها لأمريكا ثم للشرق الأوسط ومن ضمنهم مصر فأفلام الكارتون مثل "مغامرات الفضاء جريندايزر" وهو عمل ياباني استورده صبان لتتم دبلجته لحوالي 3 لغات من بينا العربية تم بيعه لمصر، وكذلك "باور رينجرز " الذى أنتجته شركته "صبان للأعمال الفنية والسينمائية" وأنتجت أيضا مسلسلات مثل "ستارسكي وهاتش" و"دالاس". وفي إطار استحواذه علي السوق السينمائي قام صبان بشراء قناة فوكس للأطفال ثم باعها عام 2001 ليكسب فيها حوالي 100 مليون دولار وبعد عامين تمكن صبان من الاستحواذ علي قناتين للتلفزيون الألماني بعد أن اشتري معظم أسهم القناتين بالبورصة ، وهما قناة "برو 7 وسات 1 " ثم أصبح في عام 2006 مالكا لشركة "يونيفيش للاتصالات" وهي تعد اكبر شركة للبث التلفزيوني باللغة الاسبانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. عالم المال والأعمال جعل "صبان" أقرب صديق لدوائر العمل السياسي فقد اقترب حاييم صبان من بيل كيلنتون وصار أقرب داعم له حسب وصف كلينتون بل إن تقارير صحفيه نشرت بالصحف الأمريكية أكدت أن حاييم وزوجته شيريل قد قضوا عدة أيام وناموا أكثر من مرة بالبيت الأبيض وقد عينه كيلنتون في فترة رئاسته لأمريكا عضوا في مجلس استشارات التصدير الأمريكي. أموال "صبان" التي كسبها كان يوزع جزءا من أرباحها لدعم الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري الأمريكي في أحيان كثيرة بتوفير الدعم المالي لمرشحي الحزبين بفترات زمنية مختلفة لرئاسة إحدي الولايات أو الترشح لرئاسة أمريكا نفسها وأما الجزء الآخر من دعمه المالي فكان يذهب لحزب العمل الإسرائيلي حيث تبرع عام 2005 لشيمون بيريز ب100 ألف دولار مؤازرة منه له في انتخابات الكنيست الإسرائيلي. ولم ينسي "صبان" المجتمع الأمريكي الذى يعيش فيه فقد تبرع بآلاف الدولارات لدعم ترشح "جاري ديفيس" لرئاسة ولاية كاليفورنيا، ولكن في عام 2006 ظهر الممثل "ارنولد شوارزنيجر" ليؤيد حرب إسرائيل ضد لبنان وهو الأمر الذى جعل صبان يغير دفة دعمه ليقف إلي جوار "شوارزنيجر" ، وكان "صبان" حسبما يؤكد دائما أن قضيته التي يحيا وسيموت من أجلها هي إسرائيل، لذلك استغل كل علاقاته ونفوذه بالهجوم علي هيئة الإذاعة البريطانية BBC وعلى قناة سكاي نيوز أثناء نقلهم أحداث انتفاضة غزة وقال "صبان" إن القناتين تساندان أهالي غزة علي حساب مواطنو إسرائيل الضعفاء والشهداء، وهو الأمر الذى دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "ارييل شارون" إلي وصف "صبان" بأنه رجل دولة إسرائيل المدافع عنها في كل زمان ومكان، كما شارك صبان مع زوجته في العديد من حملات التبرع لإسرائيل والتي نظمها نجوم هوليوود أو رجال الأعمال الداعمين لتل أبيب حيث ساهم صبان مع "سيلفستر ستالوني" و"باميلا اندرسون" ومئات آخرون في تقديم الأموال لإسرائيل وقدم صبان حوالي 3 مليون دولار لصالح جنود إسرائيل المصابون من انتفاضة غزة، كما شارك صبان في حفل عشاء نظمه جورج كلوني وزوجته أمل علم الدين والذى كان شرط حضور الحفل والتقاط صورة تذكارية مع كلوني وأمل أن يدفع المدعو حوالي 33 ألف دولار لصالح حضور العشاء الذى ستخصص عوائده لدعم هيلاري كلينتون رئيسة لأمريكا. نفوذ وقدرات صبان لم تقف عند حدود التبرع لإسرائيل أو دعم مناصري إسرائيل بأمريكا بل قام بإنشاء مركز صبان لدراسات الشرق الأوسط والموجود بأمريكا وقام أيضا بإنشاء معهد صبان لدراسة النظام السياسي الأميركي في جامعة تل أبيب في إسرائيل، وكانت هذه المعاهد والمراكز البحثية منصة مدفع ينطلق منها "صبان" ليخترق أروقة السياسة بدءا من المجالس الاقتصادية والتصديرية والسيطرة علي عشرات من وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية وصولا للبيت الأبيض والكنيست ذاته والتدخل بقوة في الشرق الأوسط عبر قيام مراكزه البحثية بتخصيص ندوات ومؤتمرات لتحليل أحداث الشرق الأوسط. "صبان" دفع 13 مليون دولار لإنشاء المعهد الذى يحمل اسمه ويهدف ظاهريا إلي خدمة قضايا الديمقراطية والتعليم ومحاربة الفقر ودعم العالم النامي لكن الهدف الخفي للمركز كان التدخل في سياسة الشرق الأوسط، فالمركز الذى تأسس عام 2002 جاء عام 2003 لتدخل أمريكاالعراق وسقوط نظام صدام حسين فاستغل المركز الأحداث ليخصص فرع للمركز بالعراق يرصد كل كبيرة وصغيرة ويقدم إحصاءات حول الأوضاع الأمنية بالعراق ومدي قوة أو تدهور النظام الاقتصادي وخريطة تفصيلية للنظام الاجتماعي والصراع بين السنة والشيعة ونسبة الجرائم المنتشرة بالعراق علي أن يشمل كل هذا ما يسمي "دليل العراق" الذى يتم تقديمه للبيت الأبيض بشكل دوري، ليصبح دليلا استرشاديا للكونجرس في خطة أعماله بالعراق، كما ساعد "صبان" في تنظيم لقاء بين صحفيين إسرائيليون وجلال طالباني رئيس العراق السابق أثناء زيارة الأخير لأمريكا. ليس هذا فحسب بل إن مركز صبان يعمل علي مشروع يسمي "السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي " وهو يتم بالتعاون بين قطر ومؤسسة فورد ، ومن مشاريع المركز أيضا مشروع بعنوان"الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية"، وتردد أن "حاييم صبان" كان يسعي لشراء 50% من أسهم قناة الجزيرة بعد لقاءات جرت بينه وبين رئيس دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني.