من يحرق سوريا؟ .. بات هذا التساؤل يتناقل بين ألسنة العرب في محاولة للوصول إلى إجابة مانعة جامعة، تريح العقل وتضع حداً للحيرة والشتات الذي أصاب أذهان الجميع بفعل الأخبار المتناثرة التي تؤكد تارة أن الجيش النظامي هو المسئول عن المذابح التى تشهدها مدن وقرى سوريا بصفة تكاد تكون يومية، في حين يشير البعض إلى مسئولية التنظيمات المتطرفة مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، بينما يرمى فريق ثالث بالمسئولية على التنظيمات المسلحة لقوى المعارضة مثل "الجيش الحر". ورغم الاختلاف حول مسئولية الدماء المسالة على أرض سوريا، إلا أن هناك اتفاقاً بين الجميع على أن ما يجرى ربما يكون جزءً من مخطط أمريكي روسي، يهدف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة كحل نهائي للأزمة المحتدمة التي وصلت إلى نقطة "اللاعودة". في هذا السياق تفرض الأنباء التى تحدثت عن دخول وشيك للقوات التركية للأراضي السورية بدعم أمريكي من أجل هدف "ظاهر" وهو حماية ما تبقى من المدنيين السوريين من بطش نظام الأسد، وآخر "باطن" وهو تنفيذ الفصل الأخير من مسلسل الإطاحة ب"بشار" لرسم خريطة جديدة للمنطقة. إذن.. تعددت الدوافع.. واختلطت الأوراق.. وتشتتت الأذهان.. وضاعت الحقائق وتبقى حقيقة واحدة أشار إليها الشاعر فاروق جويدة في قصيدته "يقول الدم العربي".. أخيراً، يقول الدم العربيُّ: تساويْتُ والماءَ أصبحتُ لا طعْمَ، لا لوْنَ، لا رائحة! أخيراً، يقول الدم العربيُّ: أسيلُ.... فلا يتداعى ورائي النخيلُ ولا ينبتُ الشجرُ المستحيلُ أسيلُ.... أُروّي الشقوقَ العطاشَ، وأسكبُ ذاكرتي للرمالِ، فلا يتخلّقُ وجهُ المليحةِ، أو حُلمُ فارسها المستطارِ، وأنزفُ حتى النخاعِ، وينحسرُ المدُّ، تنبُتُ فوقي حجارتُكم، مدناً تتمدّدُ أو تستطيلُ وتأكل ما يتبقّى من الأرضِ، لكنها أضرحة!