أمين عام المجلس الأعلى للصحافة قال إن مشروع قانون الإعلام الموحد ينتصر لحرية التعبير هجوم البرلمان على الإعلام غير مبرر.. ومطالبتهم بغلق القنوات أو الصحف جهل دستوري المطالبة بفصل الصحافة عن الإعلام فى القانون الجديد غير منطقي.. والحكومة تتحمل مسئولية تفاقم أزمتى "ريجينى" و"سد النهضة" كشف الكاتب الصحفي صلاح عيسى أمين عام المجلس الأعلى للصحافة، وعضو اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية، أن مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام سيتم تقديمه لمجلس النواب للمناقشة خلال الدورة التشريعية الحالية، لافتًا إلى أن القانون نقلة كبيرة فى اتجاه ترسيخ إعلام جديد بلا قيود ولا حريات منقوصة، كما كان في السنوات الماضية . وأوضح عيسى فى حواره مع "الموجز" أن انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسى للإعلام ، مجرد عتاب على شكل تناول بعض القضايا الهامة. وأكد أن هجوم مجلس النواب على الصحافة والإعلام غير مبرر، مشيراً إلى أن البرلمان لن يرفض القانون لمجرد اختلافه مع بعض الإعلاميين أو الصحفيين الذي يتناولونه بالنقد.. وإلى نص الحوار... = فى البداية.. كيف ترى حرية الصحافة فى الوقت الراهن ؟ هناك حالة من الشد والجذب بين بعض التيارات المحافظة فى المجتمع وبين الصحافة والإعلام بشكل عام، وهذه التيارات ترى أنه لابد من وضع ضوابط وقيود على الإعلام للحفاظ على المجتمع من وجهة نظرها، وفى المقابل نجد أن الإعلام يتمتع بحرية إلى حد كبير خلال هذه الفترة والجميع يشهد بذلك، علمًا أننا نعيش فترة انتقالية تمر بها الدولة، ومع ذلك لم نسمع عن حادثه واحدة لمنع نشر مقال أو إغلاق جريدة أو شيء من هذا القبيل قد ينقص من حرية التعبير أو يغُضب الجماعة الصحفية. = ولكن هناك العديد من قضايا النشر ما زالت منظورة أمام المحاكم!! قضايا النشر مقسمة إلى قسمين أساسيين، الأول يمثل الطرف الآخر فيه السلطة الحاكمة ، بمعنى أن السلطة أو أحد أفرادها يتقدم ببلاغ ضد صحفى أو كاتب أو إعلامى أو مؤسسة صحفية أو تلفزيونية بعينها، وتتهمه بارتكاب جريمة نشر فى حقه، وهذا النوع من القضايا نادر جدًا أن لم يكن موجود بالمرة، واقرب هذا النوع من القضايا تلك التى حركها المستشار أحمد الزند وزير العدل السابق عندما كان رئيسًا لنادي القضاة قبل تولى الوزارة ضد بعض الصحفيين، ولم نسمع أن رئيس الجمهورية تقدم ببلاغ ضد أحد ليتهمه بإهانته أو ارتكاب جريمة نشر ضده، ولا أحد من الوزراء تقدم ببلاغ أيضا ضد احد . القسم الثانى هى القضايا المتعلقة بحقوق الأفراد، وهي كثيرة فى الوسط الصحفى والاعلامى ، فنجد أن الصحفيين والإعلاميين أنفسهم الأكثر لجوءً إلى المحاكم فى قضايا النشر ضد بعضهم البعض وهو حق يكفله القانون لهم . = لماذا حمّل الرئيس الإعلام مسئولية تدهور بعض الملفات والقضايا الراهنة؟ ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى مجرد عتاب منه للصحافة والإعلام على ما يقدمونه، والدليل على ذلك أن حديثه لم يتضمن أى عبارات تهديد أو وعيد بإجراء معين. والرئيس دائمًا ما يتحدث للإعلاميين أو الصحفيين كلما التقى بهم، ويعبر عن ملاحظاته وانتقاداته لبعض المضامين، وخلال اللقاء الأخير الذى جمع الأسرة المصرية تحدث بوضوح وقال إن هناك اعتماداً متزايداً من الإعلام المهنى على ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى، دون أن ينتبه الذين ينقلون عن هذه الوسائل أن هناك البعض منها يترأسه مليشيات إعلامية منظمة تتبع جماعات معادية للنظام وللدولة وتريد النيل منها، ومن ثم جاء العتاب تنبيهاً حتى لا نسقط فى فخ الترويج عن ما يريدون بثه فى نفوس المجتمع. = ولكن الرئيس اتهم الإعلام بالتسبب فى تأخر مفاوضات أزمة سد النهضة والتحقيقات فى قضية "ريجينى"؟ هذا الحديث جاء بمثابة حوار بين الرئيس والإعلام، فهو عبر عن رؤيته لتناول الإعلام لتلك الأزمتين بالتحديد، ومن ثم رد الإعلام بعدم مسئوليته، وأن الذين فشلوا فى حل الأزمتين هم المسئولين أنفسهم ، والإعلام لعب دوره، وهذا الأمر محمود فى الترسيخ لحرية التعبير وتبادل الحوار بين رئيس دولة وإعلاميها . القانون الموحد = ما هى أسباب تأخر إصدار القانون الموحد للصحافة والإعلام؟ لا توجد أسباب لتأخر إصدار القانون، ونحن كلجنة وطنية عملنا ليل نهار من اجل إخراج القانون بالصورة التى ترضى الصحفيين والإعلاميين، وتتفق مع مواد الدستور.. وسبب التأخير يرجع إلى تشكل حكومة المهندس شريف إسماعيل، من خمسة أشهر مما أدى إلى تجميد القانون، إلا أنه فى الفترة الأخيرة حدثت دفعة قوية بشكل مفاجئ، ووافقت الحكومة على استمرار العمل بنفس المنهج الذى كنا نتبعه أثناء حكومة المهندس إبراهيم محلب، وهو أن يتم التفاوض بين وفد من الهيئة الوطنية لتشريعات الصحافة وبين ممثلي الحكومة المصرية، برئاسة الدكتور اشرف العربى وزير التخطيط والمتابعة، ومن ثم تم التفاوض معه ومع معاونيه فى تلك الفترة ، ثم عدنا مؤخراً للعمل على مراجعة نص القانون السابق والتدقيق فيه بشكل موضوعي وتلافى بعض الملاحظات التى أبدى بعض الوزراء اعتراضهم عليها في بعض مواد القانون ، وتم مناقشتها وإدخال بعض التعديلات من خلال الاجتماعات المستمرة بشكل يومى خلال الأسابيع الماضية فى وزارة التخطيط، بحضور ممثلى الهيئة الوطنية المشكلة من بعض المستشارين التشريعيين من وزارة العدل، ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وممثلين من مجلس الدولة، وتم مراجعة كل مادة فى القانونين . = كشفت فى حديثك عن وجود قانونين .. ما الفرق بينهما ؟ القانونان وضعتهما اللجنة الوطنية للتشريعات، الأول هو القانون الموحد للصحافة والإعلام وتم الانتهاء منه الأسبوع الماضى بعد مراجعته، والثانى هو قانون إلغاء العقوبات السالبة للحريات فى الجرائم المتعلقة بالنشر. = وما هى السيناريوهات المتفق عليها مع الحكومة بعد مناقشتها للقانون الموحد للصحافة والإعلام ؟ سيتم إحالة المشروع إلى مجلس الدولة لمراجعة الصياغة، ونحن كنا حريصون على التدقيق فى الصياغة من خلال مستشارين قانونيين، بما يضمن التقليل من الأخطاء فى القانون ، ومن ثم يضمن لنا عدم الإطالة فى مدة العرض على مجلس الدولة، وبعد ذلك يعود القانون من مجلس الدولة إلى مجلس الوزراء لاعتماده بشكل نهائي ويتم عرضه على مجلس النواب. = وما هو الوقت المتوقع لمناقشة القانون في مجلس النواب؟ نتمنى ألا يستغرق القانون وقت طويل فى مناقشته أمام المجلس، ونأمل أن يتم خلال دورته الأولى من الانعقاد. حق التعديل = هل من حق مجلس النواب رفض القانون أو إدخال تعديلات عليه؟ بالفعل هذا حق أصيل لمجلس النواب..ولكن الأهم هو المرجعية التى نستند إليها جميعًا وهى المواد الحاكمة فى الدستور، وإن رأى المجلس تعديل بعض المواد التى يراها ، لان القوانين هى المكملة للدستور، ومن ثم سيعرض القانون على اللجنة الدستورية فى المجلس، لتُبدى ملاحظتها، وفى كل الأحوال فإن مجلس النواب هو الجهة التشريعية فى الدولة المنوط بها التشريعات والفصل فى القوانين المقدمة إليها. = فى حالة وجود بعض الملاحظات على مواد القانون.. هل سيتم إعادته للجنة الوطنية من جديد للتعديل ؟ لا.. لأن مجلس النواب يناقش القوانين المقدمة من الحكومة ثم يرفعها لرئيس الجمهورية للتصديق عليها، وهو صاحب الحق للاعتراض على بعض المواد فى القانون خلال شهر من تصديق مجلس النواب عليه، وفى حالة وجود بعض الملاحظات فإن الرئيس يعيده من جديد لمجلس النواب الذى يعيده إلى الحكومة لإدخال التعديلات عليه . = الفترة الماضية شهدت هجومًا شرسًا من أعضاء مجلس النواب على الصحافة والإعلام.. هل سيؤثر ذلك على مناقشتهم للقانون بما يؤدى لفرض قيود على حرية الرأى والتعبير؟ بشكل عام هناك تيار يريد وضع قيود على حرية الصحافة والإعلام ليس فى مجلس النواب فقط، ولكن كما قلت فى السابق أننا لنا مرجعية دستورية تحكمنا وتحكم مجلس النواب ورئيس الجمهورية أيضاً، ومن ثم فإن القانون لا يتعارض مع الدستور حتى يتم رفضه أو إدخال تعديلات جوهرية على مواده. وعلى مجلس النواب أن يعمل وفق رؤية سليمة لحرية الصحافة والإعلام والعمل على أن كل ما يثار فى الصحافة والإعلام يُرد عليه فى الصحافة والإعلام أيضاً وليس تحت القبة، ولو قرأ الأعضاء الدستور جيدًا لما طالب بعضهم بغلق صحف أو قنوات أو إيقاف برامج، لان الدستور لم يتضمن ذلك. = تتحدث عن تيار معارض لحرية الصحافة والإعلام .. من هو؟ هو ليس تيار حزبى أو جماعة ما منظمة، وهو موجود فى الحكومة ومجلس النواب وبين أفراد الشعب أيضاً، وهو تيار محافظ ولديه مخاوف من استغلال أعداء الدولة والنظام للإعلام من اجل التحريض على الدولة وبث روح الكراهية فى نفوس المواطنين من خلال استغلال الأوضاع الراهنة فى مصر. وعلى الجميع أن يدرك أن مصر عاشت سنوات طويلة فى ظل إعلام مطارد ومقيد ومحدود الحرية، وعلينا أن ندرك أن حرية الإعلام والصحافة فى العالم كله، أصبحت ضمن حقوق الإنسان الأساسية، والعالم كله ينظر إلينا من هذه الزاوية، ومن ثم فإن أى تضييق على الإعلام يعكس رد فعل سلبى جدًا على سُمعة مصر فى الخارج . = هناك بعض الأصوات الصحفية التي طالبت بفصل قانون الصحافة عن الإعلام .. كيف ترى ذلك هذا المطلب ؟ بعض الصحفيين يعتبرون القانون الموحد للصحافة والإعلام ينال من حق الجماعة الصحفية ، والعكس صحيح. والمشكلة الحقيقية أن القواعد التى تنظم الصحافة هى نفسها التى تنظم الإعلام فى الدستور، وبالتالى لم يذكر الدستور كلمة صحافة منفردة أو لفظ إعلام منفردًا ، ولابد أن يعلم الجانبان أن الصحافة إما مقروءة ممثلة فى الصحف الورقية أو مرئية ممثلة فى التلفزيون أو الكترونية ممثلة فى المواقع ، وهذا ليس اختراعًا، والعالم كله يعلم ذلك ، ولكن بسبب ظروف النشأة والإصدار فى مصر تم الفصل بينهما وترتب عليه هذا الخلط ، وبالتالي لا يجوز أن يتم إصدار قانونين منفصلين .