أعدت محطة سي إن إن الأمريكية, تقريرا خطيرا حول خطف الفتيات من قبل تنظيم بوكو حرام لتحويلهن إلى انتحاريات، وارتكاب جرائم فظيعة. "وتتسابق الفتيات في الرد:" أنا، أنا". إنهن يتنافسن لكي يصبحن انتحاريات وكتب برينت سواليس وديفيد ماكينزي التقرير بعد زيارتهما لمعسكر ميناواو في الكاميرون، ولقائهما عدداً من الضحايا الصغيرات ، ومنهن فاتي التي قالت:" يأتون لاختيارنا. ويسألون من ترغب بأن تصبح انتحارية؟ " وتتسابق الفتيات في الرد:" أنا، أنا". إنهن يتنافسن لكي يصبحن انتحاريات. ويوضح المحرران أن سبب تسابق الفتيات على تزنير أنفسهن بأحزمة ناسفة، لا يعود لتأثرهن بأساليب العنف التي يتبعها سجانوهن، بل لكونهن لم يعدن قادرات على تحمل الجوع والاستغلال الجنسي المتواصل، فضلاً عن استمرار تعرضهن للقصف. وقالت فاتي، ابنة السادسة عشرة: "وجدنا طريقة للخلاص وللهروب"، قبل أن تغرق في الصمت وهي تمسك بسوار ذهبي وضعته في معصمها هدية من أمها، ويمثل صلتها الوحيدة بأسرتها بعدما أصبحت واحدة من مئات الفتيات اللواتي خطفهن أحد أشد التنظيمات عنفاً وشراسة في العالم، وأجبرهن على الزواج بمقاتليه. وخطفت فاتي في نيجيريا عام 2014، ونقلت إلى معسكر تابع لبوكو حرام وسط غابة سامبيسا. وبررت فاتي سبب تهافت الفتيات على حمل أحزمة ناسفة بقولها: "إنهن يبحثن عن أية وسيلة تمكنهن من الهرب. فإن سُلِّمت إحداهن قنبلة قد تلتقي جنوداً وتقول لهم : أحمل حزاماً ناسفاً، وعندها سيتم نزع الحزام، وتتمكن الضحية من النجاة". ولم يكن أمام فاتي مجالاً للهرب عندما اقتحم مقاتلو بوكو حرام قريتها في شمال شرق نيجيريا عام 2014. وكان من صار زوجاً لها يحمل بندقية، وكان والداها أنفقا ما قيمته 40 دولاراً من أجل تهريب أخويها إلى مكان آمن. ولم يكن بوسعهما فعل أي شيء لحمايتها. وقالت فاتي: " قلنا لهم لا نستطيع الزواج، ولا نريد، نحن صغيرات جداً. ولكنهم تزوجونا بالإكراه". ولكن، بعدما اغتصبها، قدم ذلك المسلح لفاتي هدية هو فستان باللونين البني والبنفسجي مع غطاء رأس، لم يفارقها طوال عامين من الحياة معه أمضتهما وهي تنتقل من مخبأ إلى آخر تفادياً للوقوع في أيدي السلطات النيجيرية. وروت فاتي أنها التقت في معقل بوكو حرام داخل غابة سامبيسا، فتيات أصغر منها سناً خطفن من أسرهن كي يتم تزويجهن وسجنهن واستغلالهن من أزواجهن المزعومين. وبين تلك الفتيات بعض من 270 تلميذة صدم العالم عندما خطفن من مدرسة شيبوك في نيجيريا. وأشارت إحصاءات حديثة صدرت عن منظمة يونيسيف إلى أدلة على زيادة كبيرة في عدد الأطفال المستخدمين كقنابل في أربع دول أفريقية، هي نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، حيث شن تنظيم بوكو حرام حملته الإرهابية خلال العامين الأخيرين. فقد ارتفع عدد الأطفال الذي استخدموا في عمليات انتحارية من أربعة هجمات عام 2014 إلى 44 هجوماً عام 2015. وتقول يونيسيف إن ثلاثة أرباع الأطفال الانتحاريين من الفتيات الصغيرات. ومع زيادة مشاركة الأطفال في هجمات وتفجيرات إرهابية، شكل تحالف دولي جديد متعدد الجنسيات، ضغطاً على بوكو حرام،الجماعة التي أعلنت ولاءها لداعش ، بشكل لم يسبق له مثيل. وتكشف رواية فاتي أن التنظيم الإرهابي يطالب أسراه بتنفيذ المزيد من العمليات بسبب اليأس الذي يعانيه زعماءه. وفيما كان يعتقد بأن معقل سامبيسا عصي على الاختراق،بات اليوم يتعرض لقصف جوي وغارات متواصلة ينفذها الجيش النيجيري. وتروي فاتي بعضاً من ذكرياتها الأليمة، قائلة: "كثيراً ما تساقطت علينا قنابل وطلقات نارية. وكنا نخشى القنابل بقدر خشيتنا من سجانينا. وقد انتاب رعب شديد جميع الفتيات، وكن يبكين من الخوف فيما يواصل المقاتلون اغتصابهن. ولم يكن لدينا طعام، ولا شيء. وكان باستطاعة من يشاهدنا أن يعد أضلعنا من شدة الجوع". وقالت فاتي أن القنابل التي أصابت معسكر سامبيسا قضت على عدد كبير من مقاتلي بوكو حرام، ومعهم قتلت فتيات قرية شيبوك. ولكن الغارات التي نفذت في العام الماضي أدت أيضا لتحرير مئات النساء والفتيات، ومنهن فاتي التي أنقذها الجيش الكاميروني بعدما هرب سجانوها، وحاولوا عبور الحدود. وتشدد فيليسيتي تشيبيندا، مديرة يونيسيف في الكاميرون على ضرورة اتباع استراتيجية جديدة قائمة على بناء الثقة بين ضحايا الخطف ومجتمعاتهن. وقالت: "لا بد من معالجة الآثار الطويلة الأمد للخطف، وإذا لم نفعل ذلك، فإننا سنفقد الثقة بين المجتمعات والضحايا والسلطات التي يفترض بها حمايتهن".