أوضحت مجلة إيكونوميست البريطانية فى تقرير لها , أن "خلافة" داعش تضعف بوضوح وتخسر أراضي في معقلها، الأمر الذي يدفع البعض إلى القول إن الجهاديين يضربون في الخارج لأنهم يتراجعون في الداخل. وأضافت أن هزيمة داعش في مدينة تدمر السورية ستوفر بعض العزاء لشعب بلجيكا الذي لا يزال في حداد على مقتل أكثر من 30 شخصاً على أيدي إنتحاريين من التنظيم في 22 مارس. ففي الأشهر الأخيرة، تقول الصحيفة، خسر داعش ربع أراضيه. وتلقى آخر الضربات في تدمر التي استعادها الجيش السوري في 27 مارس بعد أسابيع من القتال الشرس والغارات الجوية الروسية، في ما يعدّ انتصاراً هو الأكبر حتى الآن لنظام الرئيس بشار الأسد منذ قلبت روسيا الحرب لمصلحته. وكان داعش نسف بعد سيطرته على المدينة الأثرية في مايو 2015، معبدي بيل وبعل شمين وقوس النصر التاريخي، وهي أعمال وصفتها الأممالمتحدة بأنها جرائم حرب، لكن شريطاً صورته طائرة استطلاع من دون طيار روسية، أظهر أن بعض الهياكل القديمة على الأقل لا يزال سليماً، بما فيه مدرج المسرح الذي يعود إلى 2000 عام، حيث أعدم داعش رئيس مصلحة الآثار السابق خالد أسعد (81 عاماً). ويأمل خبراء في أن يكون الجزء الأكبر من المكان قد نجا أو أنه لا يزال على الأقل صالحاً للترميم، علماً أن مزيداً من القطع الأثرية نقل إلى دمشق قبل سقوط تدمر. وعن معنى إستعادة تدمر، قالت المجلة إن الجيش السوري قطع الآن طريق إمداد الجهاديين إلى الرقة، عاصمة الأمر الواقع لتنظيمهم (مع أن الطريق إلى دير الزور لا يزال في أيديهم) وأجبرهم على التراجع إلى الشرق نحو الحدود مع العراق، حيث يعاني داعش ضربات أيضاً. وسيطر مقاتلون أيزيديون وقبليون أخيراً على منطقة في جبل سنجار على الحدود مع سوريا، فيما إندفع الأكراد السوريون لاستعادة مدينة الشدادي على الطريق إلى دير الزور. وفي رأي المجلة تبقى مدينة الموصل الجائزة الكبرى حيث يتحصن داعش. ويقوم تحالف من البشمركة الكردية والميليشيات الشيعية والسنية والجيش العراقي، بمحاصرة المدينة تدريجياً. ويقول مسؤولون غربيون إن الهجوم على الموصل قد بدأ، إلا أن اندفاعة كبيرة نحو المدينة لن تحصل إلا في وقت لاحق من هذه السنة أو السنة المقبلة. عملياً، أثرت الخسائر المتتالية لداعش على تمويله، إذ صار صعباً عليه تنظيم تصدير النفط منذ فقد السيطرة على نقاط حدودية رئيسية بين شمال سوريا وتركيا. ومنذ أشهر، تستهدف الغارات الجوية الغربية حقول النفط التي يسيطر عليها الجهاديون ومعامل التكرير وأماكن تخزين أموالهم النقدية. وهذا الأسبوع قتلت أمريكا حاجي إيمان، محاسب التنظيم والرجل الثاني في هيكليته القيادية، وذلك بعد أسابيع من مقتل "وزير حرب" الجماعة أبو عمر الشيشاني في غارة جوية أمريكية. وفي فبراير الماضي، أورد تقرير إستخباراتي أمريكي أن عدد مقاتلي التنظيم في سورياوالعراق تراجع بنسبة 20 في المئة تقريباً بسبب الموت أو الفرار. (ويُعتقد أن أكثر من 400 جهادي قتلوا في تدمر وحدها). وأُرسل بعض مجندي داعش إلى ليبيا التي تشهد هي الأخرى حرباً أهلية. ويبدو أن الأمريكيين متحمسون في تقويمهم للمعركة ضد داعش. لكن المعارك الأصعب لا تزال في الانتظار. فاستعادة الموصل والرقة سيتخللها قتال عنيف في المدينتين. ومع ذلك، يكمن التحدي الأكبر في تحديد مَن سيحكم المدينتين، من بين القوى المقاتلة الكثيرة والمنقسمة على أسس إتنية وطائفية.