أ. ف. ب مني تنظيم الدولة الاسلامية اليوم بخسارتين فادحتين، اذ تمكن الجيش السوري من طرده من قلعة تدمر الاثرية بعد معارك عنيفة في حين اكدت واشنطن مقتل الرجل الثاني في التنظيم عبد الرحمن القادولي في سوريا. وبعد حوالى عشرة اشهر على سيطرة التنظيم المتطرف على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي (وسط)، تمكن الجيش السوري "من بسط سيطرته على قلعة تدمر الاثرية بعد تكبيد ارهابيي داعش خسائر كبيرة"، بحسب التلفزيون الرسمي السوري. وسيطر الجهاديون على قلعة تدمر، المعروفة ايضا بقلعة فخر الدين وتعود الى القرن الثالث عشر، في 23 ايار/مايو ورفع فوقها رايته السوداء والبيضاء. ومنذ سيطرته على تدمر، دمر التنظيم العديد من معالمها الاثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي بعل شمين وبل. ويواصل الجيش السوري، بغطاء جوي روسي، تقدمه في ضواحي المدينة. وقطع، بحسب التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري، الطريق الرئيسية تدمر - دير الزور المؤدية الى الحدود العراقية السورية. ويوضح مصدر ميداني سوري ان "خطة الجيش هي فرض الحصار والاطباق على المدينة من ثلاث جهات، وترك منفذ لانسحاب جهاديي التنظيم من الجهة الشرقية".
ويخوض الجيش السوري والمسلحون الموالون حاليا "حرب شوارع في حي المتقاعدين وحي الجمعيات السكنيين في شمال غرب المدينة"، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن. وبات الجيش السوري حاليا على بعد 600 متر من المنطقة الاثرية لمدينة تدمر من الجهة الجنوبية الغربية بعدما سيطر على "حي الفنادق والمطاعم ومنطقة وادي القبور"، وفق المدير العام للاثار والمتاحف مأمون عبد الكريم. واضاف عبد الكريم "تدمر ستتحرر قريبا". واشار الى ان الجيش "يتقدم ببطء بسبب الالغام وللحفاظ على المدينة من الدمار، كما طلبنا منهم". وفي محاولة لمنع تقدم الجيش السوري، وضع تنظيم الدولة الاسلامية الالغام في المدينة واحيائها. واكد مصدر امني "كلما اقتربنا من المدينة الأثرية، قلّلنا من استخدام الأسلحة الثقيلة والمدفعية والراجمات كي نحافظ على ما تبقى من الآثار". ومن شأن السيطرة على تدمر ان تفتح الطريق امام الجيش السوري لاستعادة منطقة بادية الشام وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا. وفي هذه الحالة سيضطر الجهاديون الى الانسحاب شرقا الى محافظة دير الزور او الى مناطق سيطرته في العراق. وفي الجهة الثانية من الحدود، بدأت القوات العراقية الخميس مرحلة اولى من عملية عسكرية لاستعادة محافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل التي استولى عليها التنظيم قبل عامين.
وتلقى تنظيم الدولة الاسلامية ضربة اخرى بمقتل الرجل الثاني عبد الرحمن القادولي المكنى بحجي امام في غارة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، حسبما صرح وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر الجمعة. ويشن التحالف الدولي منذ صيف العام 2014 غارات جوية ضد التنظيم في سورياوالعراق. واعتبر كارتر ان من شأن مقتل القادولي "اضعاف قدراتهم (الجهاديين) على القيام بعمليات داخل سورياوالعراق وخارجهما". وكانت وزارة العدل الاميركية عرضت مبلغ سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود الى القادولي ما يجعله المسؤول الارفع في التنظيم بعد ابو بكر البغدادي الذي "يساوي" عشرة ملايين دولار. وتبقى هيكلية قيادة التنيظم المتطرف سرية ولا تضم القائمة الاميركية سوى بعض المسؤولين الآخرين. وهذا القيادي الجهادي هو ثاني مسؤول كبير في هذه القائمة يقتل في اقل من شهر، اذ ان الولاياتالمتحدة اعلنت في الرابع من الشهر الحالي مقتل القيادي العسكري في التنظيم عمر الشيشاني.
وتأتي التطورات الميدانية، غداة اختتام جولة المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة والمعارضة في جنيف، على ان تستؤنف اعتبارا من التاسع من نيسان/ابريل المقبل، رغم مطالبة الوفد الحكومي السوري باستئنافها بعد موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 13 نيسان/ابريل. وبعد محادثات استمرت اكثر من اربع ساعات في الكرملين بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف من جهة ووزير الخارجية الاميركي جون كيري من جهة ثانية، اتفقت الولاياتالمتحدة وروسيا على ان تضغطا باتجاه اجراء "مفاوضات مباشرة" بين الحكومة والمعارضة. وقال كيري انه اتفق مع بوتين ولافروف ايضا "على ضرورة ان يكون هناك جدول زمني ومسودة دستور بحلول آب/اغسطس". لكن القوتين العظميين لم تتوصلا الى اتفاق بشأن مصير الرئيس بشار الاسد، المسألة المركزية في اي تسوية للنزاع الذي اسفر خلال خمسة سنوات عن مقتل ما يزيد عن 270 الف شخص. ويشكل مستقبل الاسد نقطة خلاف جوهرية، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما يصر الوفد الحكومي على ان مستقبله يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع. وتمارس القوى الكبرى وخصوصا الولاياتالمتحدة وروسيا ضغوطا لانجاح المفاوضات السورية، وفرضتا هدنة تستثني الجهاديين لا زالت سارية منذ 27 شباط/فبراير.