بمشاركة مليوني طالب وطالبة.. الأزهر يكرّم أوائل «تحدي القراءة العربي» في موسمه ال9    لليوم ال23.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2025    ياسمين فؤاد سكرتيرا تنفيذيا لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    بينهم 3 أطفال.. ارتفاع عدد شهداء مجزرة الاحتلال بحق عائلة دردونة في جباليا البلد ل 14    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    رسميا.. ريال مدريد يعلن رحيل أنشيلوتي    سقوط المتهم بإدارة مسكنه لتزوير المحررات الرسمية بالشرقية    ضبط سيدة بصحبتها 5 أطفال لقيامهم بالتسول بالشروق    علم الوثائق والأرشيف، أحدث إصدارات هيئة الكتاب    فيديوجراف| 3 أسرار تكشف حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    قيادات التأمين الصحي الشامل في زيارة إلى أسوان لمتابعة تطبيق المنظومة    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    إنجاز مصري عالمي جديد في علاج الانزلاق الغضروفي بدون جراحة بقيادة الدكتور أحمد رأفت السيد    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    رقصت مع غوريلا وتوليت.. خفة ظل ومرح أسماء جلال في عيد ميلادها ال30 (صور)    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    أمين الفتوى: التدخين حرام والمدخن سيواجه هذا السؤال يوم القيامة (فيديو)    المشاط تشارك بجلسة نقاشية حول تجنب فخ الدخل المتوسط بالدول أعضاء البنك الإسلامي    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    محافظ الأقصر يؤدي صلاة الجمعة بمسجد سيدي أبوالحجاج الأقصري    قيادات هيئة التأمين الشامل تتفقد جاهزية محافظة أسوان لبدء تطبيق المنظومة    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    بالبالونات، انطلاق لقاء الجمعة للأطفال في مسجد الشهداء بالدقهلية (صور)    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    طفل يطعن زميله فى مدرسة بألمانيا ويفر هاربا    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    على غرار اليابان.. نائب أمريكي يدعو لقصف غزة بالنووي    « وزارة الصحة » : تعلن عن خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي والعلمين بفصل الصيف    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    إيرادات فيلم سيكو سيكو تتراجع في دور العرض المصرية.. لليوم الثاني على التوالي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو في سوق العبور للجملة    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    محافظ سوهاج يفتتح ميدان سيتي بعد تطويره ويتفقد مشروعات التجميل بالمدينة    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    عمر مرموش يهدد رقم فودين فى قائمة هدافى مانشستر سيتى    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    الهلال يفاوض أوسيمين    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليون بانيتا: أحداث كنيسة القديسين كانت البداية الحقيقية للثورة فى القاهرة
نشر في الموجز يوم 22 - 03 - 2016

اختار وزير الدفاع الأمريكي السابق والذي كان مديرا للمخابرات المركزية الأمريكية فى الفترة التى اندلعت فيها ثورة يناير، اسم "حروب جديرة بخوضها" لمذكراته التي نشرها بعد أن ترك منصبه كعادة الكثير من المسئولين الأمريكيين وتحدث "بانيتا" خلالها عن أسرار كثيرة حدثت خلال خدمته سواء بالمخابرات أو كوزير للدفاع الأمر الذي أتاح له الإطلاع على كثير من الأسرار مما أضفى على كتابه المزيد من الأهمية
وكان الكثيرون قد ألقوا باللوم على المخابرات الأمريكية لأنها لم تتوقع اندلاع ثورة يناير مما يكشف ضعفها إلا أنه لم يعلق على هذا الأمر كثيرا واكتفى بالقول إنه "قام بعمله" ، حيث حذر من الضغوط التى يمكن أن تؤدى لثورة فى مصر، لكنه لم يتوقع السرعة التى حدثت بها.
اهتم بانيتا كثيرا بالأحداث التي سبقت الثورة حيث أكد في مذكراته أن بداية الثورة الحقيقية فى مصر كانت مع انفجار كنيسة القديسين، الذى أشعل التوترات الطائفية بين المسلمين والأقباط, قائلا إنه فى يناير 2011، حدث انفجار كنيسة القديسين القبطية فى مصر، وأدى هذا التفجير إلى مصرع ما يقرب من 20 شخصاً، وإنطلاق اضطرابات ودخول المسلمين والمسيحيين فى حالة من الصراع حسب وصفه.
ولم ينس أن يشير إلى موقف مبارك من الحادث حيث ذكر أنه تعهد بقطع يد الإرهابيين وانحدرت مصر إلى حالة من العنف السياسى والطائفى، ولم يمر وقت طويل بعدها قبل أن يندفع المحتجون إلى شوارع ليبيا ، وبدا أن الربيع العربى فى طريقه إلى النور.
ووصف "بانيتا" ثورات الربيع العربى، كما عرفت فيما بعد، بأنها اضطرابات امتدت لجزء كبير من العالم العربى منذ نهايات عام 2010،وعلق على هذا الأمر بقوله إن هذه الثورات كانت بشكل ما تمثل نجاحا للمخابرات الأمريكية، وتعبر عن فشلها من زاوية أخرى فى نفس الوقت. فلسنوات طويلة، ظل المحللون فى المخابرات المركزية الأمريكية يحذرون من تراكم الضغوط التى يمكن أن تؤدى لانفجار فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، وزيادة الفوارق فى مستويات الدخل والمعيشة، وتزايد حدة الغليان الشعبى بسبب انتشار الفساد.
وكانت تلك هى الأسباب الكامنة التى أدت لانفجار ثورات الربيع العربى وفقا لرأي وزير الدفاع السابق , واستكمل بانيتا: بأن المخابرات المركزية، أجادت أداء عملها القائم على أن تقدم لصناع القرار رؤيتها وتحليلاتها الخاصة لما يجرى فى العالم، وصنفت هذه الأسباب على أنها مصادر محتملة للضغط قبل لحظة انفجاره بوقت طويل
إلا أنه اعترف بالفشل حيث قال: "لكن فى الوقت نفسه، لم نتوقع فى المخابرات الأمريكية، تلك الوتيرة التى تسارعت بها الأحداث فى المنطقة. ففى 14 يناير 2011، بعد أقل من شهر من إشعال التونسى محمد البوعزيزى للنار فى نفسه، أنهى الرئيس زين العابدين بن على حكمه الطويل الذى استمر لأكثر من 20 عاما فى تونس، وطار هاربا إلى المملكة العربية السعودية،و كان هذا هو أول نجاح لثورات الربيع العربى، الذى قام بعد ذلك بتغذية مزيد من الحراك عبر المنطقة كلها، إلى الحد الذى كانت المخابرات الأمريكية تجاهد للحاق به.
ولم يفوت بانيتا الفرصة للتعليق على الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأدائه خلال فترة عمله وتوضيح انطباعاته عنه خلال لقاءاته به حيث كتب في مذكراته " أذكر أن أولى جولاتى كمدير للمخابرات المركزية الأمريكية كانت تتضمن التوقف فى مصر كمحطة، حيث التقيت بالرئيس المصرى حسنى مبارك عام 2009، وكنت قد التقيت به من قبل خلال فترة رئاسة بيل كلينتون، حيث كان «مبارك» حاضراً فى البيت الأبيض لحضور مفاوضات السلام النهائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول الضفة الغربية، وطلب منى كلينتون أن أجلس مع مبارك فى الوقت الذى ذهب فيه هو للتواصل مع ياسر عرفات زعيم السلطة الفلسطينية الراحل، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين"
ووجد "بانيتا" أن "مبارك "كان يبدو حازما وجادا , وأكد له أنه أصبح الآن حليف الولايات المتحدة الرئيسى فى المنطقة، وأنه فى أفضل وضع حالياً يمكنه من الحفاظ على السلام. وكان يرى أن حكومته مستقرة، وأن علاقته ثابتة وراسخة مع إسرائيل، كما أنه يتمتع بمصداقية بين القادة العرب فى نفس الوقت, إلا ان وزير الدفاع الأمريكي السابق لم يصدق مبارك حيث استطرد قائلا " لم أجادله فى أى مما قال، على الرغم من أننى كنت الاحظ بعض الدلائل التى تثير القلق بالنسبة لى"
وأضاف بانيتا " كانت أهم هذه الدلائل أو الإشارات التى تثير القلق، أنه كانت هناك كتائب من قوات الأمن تقوم على حراسة مبارك، وكان يتم إخلاء الطرق المحيطة بمقر حكمه لمسافات كبيرة، كأنها تشير إلى المسافة والفجوة المتباعدة التى صارت تفصل بين الرئيس المصرى وشعبه فى ذلك الوقت"
ولم ينكر "بانيتا" أن أحداث تونس أججت الشعور بالغضب لدى المصريين حيث قال " لقد كان اشتعال الأحداث وتطوراتها فى تونس، نهاية 2010، سبباً فى إذكاء جذوة غضب شعوب غير راضية على امتداد المنطقة كلها. وبدا فى تلك اللحظة أن ثقة مبارك فى نفسه كانت فى غير محلها. لقد قلب قرار بن على بالفرار من تونس كل الحسابات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط ككل، وليس بدولته وحدها. لقد تسربت احتمالية الإصلاح إلى المحتجين والمعارضين فى الدول الأخرى، وحتى إمكانية التغيير الفعلى للنظام القائم. وكان هذا إيذانا بأن تصبح هذه الإمكانية التى كانت يوما ما احتمالا تستبعده تحليلات المخابرات المركزية الخاصة بالمنطقة، إلى محور تتحرك من حوله الأحداث فيها"
وكشف بانيتا عن سبب فشل المخابرات الأمريكية في توقع الثورة حيث أضاف" كان الملاحظ فى هذه الفترة أن معلوماتنا عن هذه الأحداث، وتحديدا تلك المعلومات الخاصة بجماعات المتظاهرين، كانت تزداد تدهورا وانكماشا مع تزايد حدة اندفاع تلك المظاهرات إلى الشوارع و كان ذلك يرجع فى الأساس إلى أننا كنا نعتمد فى حالات كثيرة على أجهزة مخابرات الدولة لفهم ما يحدث فيها، ومن هم اللاعبون على ساحتها الداخلية. بالتالى كان الربيع العربى يتمدد سريعا بينما تنكمش مساحة معلوماتنا عنه بسرعة مماثلة".
وذكر الثورة المصرية بالتحديد قائلا: "فى 25 يناير 2011، اندفعت موجة من الاحتجاجات المنظمة حشدت آلاف المصريين فى الشوارع ودخل المتظاهرون فى مواجهات عنيفة مع الشرطة والجيش , لم يرضَ هؤلاء المتظاهرون بمجرد الإصلاح، وأصبحوا يطالبون بتخلى مبارك عن السلطة" واللافت هنا أن بانيتا ذكر أن المتظاهرين المصريين دخلوا في مواجهات مع الجيش بينما أعلنت المؤسسة العسكرية من اللحظة الأولى انحيازها للشعب.
وحاول بانيتا شرح موقف واشنطن من مبارك وكيف تخلت عنه وهو حليفها لعقود من الزمن حيث قال" كان هذا يضع الولايات المتحدة فى موقف دقيق: لقد كان مبارك حليفا عتيدا وقديما لنا، وتركه يسقط لم يكن يعنى فقط أننا ندير ظهورنا لعشرات السنين من التعاون والتنسيق، ولكنه كان يرسل إشارة لباقى الأنظمة فى الشرق الأوسط بأننا نتخلى عنهم ونتركهم للمعارضين لهم "
وأضاف: "كان السؤال الأخطر الذى كنا نواجهه فى تلك الفترة، السؤال الذى كان قائماً طيلة الوقت هو: ماذا بعد؟ من الذى سيأتى بعد مبارك؟ لكن الثقة فى أن من سيأتى بعده سيكون أفضل منه قصة أخرى. فى الوقت نفسه، كان مبارك قائدا عنيفا بشكل ما، بينما كان المعارضون لحكومته يملكون أساسا أخلاقيا لاحتجاجهم، ومن المؤكد أنهم كانوا يشعرون بأن لهم الحق فى الحصول على دعم وتفهم الولايات المتحدة التى ولدت هى نفسها من خضم احتجاجات مماثلة، من الناحية التاريخية على الأقل"
وكشف بانيتا عن اتصالات جرت بين مبارك والبيت الأبيض خلال الثورة حيث قال "حاولنا أن نجد وسيلة ما لكى يتخلى مبارك عن السلطة دون جر مصر إلى الفوضى، فسعينا للتواصل معه من خلال وسطاء، وطلب البيت الأبيض من نائبى مايك موريل أن يتواصل من خلال القنوات الاستخباراتية مع مدير المخابرات المصرية وقتها اللواء عمر سليمان، لكى ينقل له رسالة محددة: بأن محاولات مبارك للتمسك بالسلطة تجعله يدمر نفسه بنفسه"
وزعم بانيتا أن بلاده كانت حريصة على مصلحة مصر حيث أضاف " اقترحنا على اللواء عمر سليمان وقتها بعض الحلول والنقاط التى يمكن أن تساعد مبارك على أن يتنازل عن السلطة من دون أن يكون مضطرا لمغادرة البلاد، ووافق اللواء سليمان على نقل هذه المقترحات لمبارك. وعندما أعلن الرئيس المصرى الأسبق عن نيته توجيه خطاب للأمة فى 28 يناير 2011، شعرنا بالتفاؤل، وظننا أن رسالتنا قد وصلت إليه"
كما كشف بانيتا أن البيت الأبيض أعد غرفة عمليات خاصة لمتابعة الوضع في مصر حيث ذكر أنه "فى مساء 28 يناير، انضممت إلى زملائى فى غرفة متابعة الموقف فى البيت الأبيض. وجلسنا جميعا نستمع إلى مبارك يدلى بخطابه الذى طال انتظاره لشعبه، كنا فى واشنطن نترقب بشدة أن يعلن عن نيته للتنحى وتسليم السلطة لمن سيأتى بعده. لكنه لم يفعل، واكتفى باللجوء لأنصاف الحلول، على غرار إقالة الحكومة، والاستمرار فى السلطة مع الإعلان عن أنه لم يكن ينتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة. وهكذا، خيم الصمت على غرفة متابعة الموقف فى البيت الأبيض. فحتى من على بعد آلاف الأميال، كان من الواضح أن هذه القرارات لن تنجح فى تهدئة المتظاهرين"
وذكر بانيتا أن واشنطن لم تكن راضية عن تمسك مبارك بالسلطة حيث قال "فى اليوم التالى، عين مبارك عمر سليمان نائبا له، بما يشير إلى عملية انتقال للسلطة. لكن، مرة أخرى، كان ذلك أقل مما ينبغى عمله فى تلك اللحظة التى تأخرت كثيراً. ومع حلول شهر فبراير، أخذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما بحسم جانب المتظاهرين، ويوم 11 فبراير 2011، أعلن نائب الرئيس عمر سليمان عن تخلى مبارك عن السلطة. لقد احتاج الأمر ستة أسابيع من الاحتجاجات لكى يسقط واحد من أكثر أنظمة الشرق الأوسط صلابة واستقراراً"
وانتقل بانيتا فى مذكراته للحديث عن مرحلة أخرى من عمله فى إدارة أوباما، هذه المرة كوزير للدفاع بداية من أبريل 2011، خلال الفترة الانتقالية لحكم المجلس العسكرى ما بين تنحى مبارك وتولى الإخوان الحكم. ولم يتوقف فى مذكراته عن تلك المرحلة إلا عند أحداث السفارة الإسرائيلية، عندما قامت مجموعة من المتظاهرين بحصار واقتحام السفارة الإسرائيلية فى القاهرة،حيث يحكى عن الاتصال الذى تلقاه بصفته وزيرا للدفاع الأمريكى من نظيره الإسرائيلى إيهود باراك، يطالبه فيه بالتدخل لدى مصر لحل الأزمة، خاصة أنه يكشف عن معلومة لم يعرفها كثيرون وقتها، وهى وجود ستة إسرائيليين محتجزين فى السفارة خلال حصارها، الأمر الذى كان يعنى حدوث أزمة عنيفة بين مصر وإسرائيل لو كانت الأوضاع قد خرجت أكثر عن السيطرة.
وعبر بانيتا عن صدمته من هذا الحادث قائلا: "استغرقت لحظات حتى أستوعب ما كان يخبرنى به. كنت قد نسيت أن إسرائيل تحتفظ بسفارة صغيرة مؤمنة جيدافى القاهرة كتجسيد ظاهر لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية. ذكرتنى مكالمة «باراك» بهذه الحقيقة، لكن لم أكن واثقا ما الذى يمكننى عمله. سألته: ماذا تريد منى أن أفعل؟ ورد باراك بحدة: أريد منك أن تتصل بطنطاوى وأن تطلب منه أن يرسل قواته الأمنية إلى الساحة، وأن يطلق سراح رجالنا"
وأضاف بانيتا: "إن خطورة الموقف لم تكن تكمن فقط فيما يمكن أن يكون عليه مصير موظفى السفارة الإسرائيلية المحتجزين فى القاهرة، كانت العاصمة الليبية طرابلس قد سقطت من قبلها بشهر. وبدأت الاضطرابات والتوترات تجد طريقها إلى سوريا. وحتى صديقى الملك عبدالله، ملك الأردن، وجد نفسه يقف على أرضية غير ثابتة. أما شركاؤنا فى الخليج، السعودية والإمارات والبحرين وغيرها، فكانوا يشعرون بالقلق من خططنا حول خفض الإنفاق العسكرى، ولا يطيقون صبرا لدفعنا لمواجهة إيران بشكل أكثر حسما ، ووسط كل هذه الضغوط، كان من الممكن أن يؤدى اندلاع أزمة عنيفة بين مصر وإسرائيل إلى حدوث تداعيات عنيفة بالنسبة للشرق الأوسط ككل "
وذكر بانيتا أنه حاول الاتصال بطنطاوي "لكن، كان الرد الأول الذى تلقيناه من مكتب طنطاوى فى القاهرة هو أنه غير متاح. فقط، بلا تقديم أى معلومات إضافية. وعلى مدى الساعة التالية، ظللنا نحاول الاتصال به، وظلت الإجابة فى كل مرة أنه غير متاح"
وأضاف " تزايد قلقى، ولا أخفى أننى كنت أشعر بما هو أكثر من الغضب، وتساءلت بصوت مسموع عن السبب الذى يمكن أن يجعل وزير الدفاع المصرى لا يرد على اتصالاتنا الهاتفية. وكان رد جون كيلى، أحد المساعدين لى، أنه «لن يرد عليك حتى يصبح الموقف هناك تحت السيطرة. إنه يحاول الآن أن يحكم قبضته على ما يجرى. دعنا نواصل محاولة الاتصال به حتى يدرك مدى أهمية وإلحاح المسألة".
كما كشف بانيتا أن طنطاوي لم يرد أيضا على أوباما حيث قال "دخلت مساعدتى للشئون السياسية بايلى هيلى لتخبرنى أن البيت الأبيض على الخط. كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد اتصل بباراك أوباما، يطالبه أيضا بالتدخل للمساعدة. وحاول الرئيس الأمريكي بدوره الاتصال بطنطاوى لكن دون أن يرد عليه. وحرص طاقم الرئيس على أن يوضح أن الولايات المتحدة تنتظر من طنطاوى رد الاتصال على الفور وواصلنا الاتصال به للتأكيد على هذه النقطة"
وذكر بانيتا تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي انتظره كثيرا من نظيره المصري حيث قال "وأخيرا رد طنطاوى على اتصالاتنا. أمسكت بالهاتف ولم أضيع الوقت فى "اللف والدوران". قلت له: سيادة المشير، هناك الآن أزمة فى شوارع بلدك. إن السفارة الإسرائيلية تتعرض لهجوم. وهناك ستة أشخاص أبرياء هناك. أنا بحاجة لتأكيد وضمانة شخصية منك بأنك ستفعل كل ما فى وسعك لإخراجهم من هناك أحياء"
وتعمد بانيتا أن يشرح حتى رد فعله وانطباعه على رد فعل طنطاوي حيث قال " الواقع أننى لم أكن قد تحدثت إلى الرجل من قبل، لكن كنت أبدو وكأننى أوجه إليه الأوامر باسم أمريكا. لم تكن هذه هى الطريقة التى أفضلها لإدارة وسير الأمور، لكن لم أكن أملك خيارا آخر"
وأضاف " لكن الواقع، أن هدوء طنطاوى كان يفوق حدتى، بادرنى وزير الدفاع المصرى بالقول، كأنه لم يسمع كلمة واحدة مما قلت: سيادة الوزير إنه لشرف كبير لى أن أتحدث إليك. إننى أتطلع لمقابلتك ولقائك فى مصر، إن بلدنا العظيم، وبلدكم العظيم يحافظان على علاقة شديدة التميز بينهما" واستكمل بانيتا "كانت حدة غضبى تتزايد وهو يواصل الكلام متجنبا الخوض فى سبب مناقشتنا من الأساس. لقد كنت أحتاج وأنتظر منه ضمانات وتأكيدات بأن الموقف تحت السيطرة، ولم أكن أنتظر منه دعوة لزيارة القاهرة. وأخيرا، وصل إلى الموضوع، وقال لى إن قواته الأمنية موجودة الآن على الساحة، وإنه من الممكن إنقاذ الإسرائيليين" «وفى مساء ذلك اليوم، شقت قوات الأمن المصرية طريقها إلى داخل مبنى السفارة الإسرائيلية، وأحبطت الهجوم عليها. وأوقفت المهاجمين، وقامت بإطلاق سراح الإسرائيليين. وهكذا، بمجرد أن انتهت تلك الأزمة، قبلت دعوة طنطاوى التى وجهها إلىَّ فى هذا اليوم، وقمت بزيارته فى مصر. وصرنا نعمل معا عن قرب منذ تلك اللحظة" والغريب أن وزير الدفاع الأمريكي السابق لم يذكر أي تفاصيل أخرى عن الفترة التالية والتي شهدت زيارته لمصر وكذلك تصدر الإخوان للمشهد السياسي المصري وانطباعه عن هذا الأمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.