كتب:أ.د.شعبان خليل مدير مركز الفيزياء الأساسية بمدينة زويل الثقوب السوداء هي أجسام أفتراضية ذات مجال جاذبي كبير جدا لدرجة أنه لايوجد شئ يمكنه الأفلات من جاذبيتها وحتي أشعة الضوء التي تدخل المدي المحيط بها لاتخرج منه ولذلك تظهر هذه الأجسام معتمة تماما. أن قوة المجال الجاذبي للثقوب السوداء يعادل أكثر من مليون نجم مثل الشمس مجمعة في مركز مجرة. ويعتقد العلماء أن الثقوب السوداء قد تكونت من نجوم أنهارت وكونت أجسام ذاكثافه لانهائية. فكما هو معلوم ‘ أثناء حياة أي نجم ينتج عن الاندماج النووي في مركزه أشعاع كهرومغناطيسي يولد ضغطا هائلا للخارج وهذا الضغط يعادل قوي السحب للداخل الناتجة عن الجاذبية مما يسبب أتزان النجم. ومع نفاذ الوقود النووي تبدأ القوي الطاردة للخارج في التلاشي مما يؤدي الي تفوق قوي الجاذبية في ضغط النجم الي الداخل. هذا الأنقباض يسبب زيادة درجة حرارة النجم مما يسمح للمواد النووية المتبقية من الأستخدام كوقود يساهم في أتزان النجم بعد أنقباضه و هكذا تتكرر هذه العملية الي أن ينفذ الوقود النووي تماما مما يؤدي الي أنهيار كلي للنجم. يتوقف حجم أنهيار النجم ونوع الجسم الناتج عنه علي كتلة هذا النجم. فأذا كان النجم ذو كتلة هائلة ‘ أكبر من حدا معين‘ فأنه ينهار الي ثقب أسود. أما أذا كانت كتلته أقل من ذلك فأنه قد يتحول الي ما يعرف بأسم القزم الأبيض أو النجم النيوتروني. فعلي سبيل المثال فأن نجما كتلته حوالي ثماني أضعاف كتلة الشمس يتحول بعد أنهياره الي قزم أبيض والذي يعادل حجمه حجم كرتنا الأرضية فقط وبالطبع النجوم ذات الكتل الأكبر تنهار الي أجسام أصغر في الحجم. وجدير بالذكر أن معلقة شاي صغيرة من مادة القزم الأبيض تزن حوالي أكثر من خمسة أطنان من مادة الأرض. وهناك العديد من الأقزام البيضاء في مجرتنا وأول هذه الأجسام أكتشافا هو ما يعرف بأسم القزم الأبيض Sirius B . أما بالنسبة للنجوم التي تصل كتلتها الي حوالي 20 ضعف كتلة الشمس فأنها تنهار الي ما يعرف بالنجوم النيوترونية ومنها معلقة شاي واحدة تزن حوالي 100 مليون طن وحتي الان لم نتمكن من أكتشاف أي من تلك النجوم النيوترونية في الكون. وأذا زادت كتلة النجم عن هذا الحد فأنه يتحول بعد الأنهيار الي ثقب أسود حيث تنعدم فيه أي قوة طاردة للخارج ولذلك يستمر في الأنهيار الي أن يصل لما يعرف بالحجم الحرج. في عام 1994 أكد تلسكوب هابل وجود ثقب أسود في مركز المجرة M87 حيث أشارة السرعات العالية للغازات في هذه المنطقة عن حتمية وجود جسم تبلغ كتلته من 2.5 الي 3.5 بليون مرة من كتلة الشمس. ويرجح العالم الأنجليزي ستيفن هوكنج أن هناك العديد من الثقوب السوداء تكونت في البدايات الأولي للكون. وأذا كان هذا صحيح فقد يكون هناك العديد من الثقوب السوداء في الفراغ ولكنها بعيدة عنا جدا بحيث يصعب أكتشافها ولكنها بالقطع تمثل نسبة مهمة من المادة الكلية للكون. كيف يمكننا رؤية الثقوب السوداء ؟ ‘ هذا السؤال يشغل بال الجميع من علماء وعامة. فكما سبق أن أشارنا أنه لايمكن رؤية الثقوب السوداء ‘ حيث أنه لايمكن حتي لشعاع الضوء الهروب من جاذبيته الشديدة ولكننا قد يمكننا رؤية تأثيرات هذه الثقوب علي المادة المحيطة بها. فعلي سبيل المثال لو أن هناك غاز من نجم قريب جذب نحو ثقبا أسودا فأن شدة جاذبيته تزيد من درجة حرارة الغاز الي أكثر من بليون درجة مئوية وبالتالي فأن أشعة X المنبعثة من تلك الغازات تدل علي وجود الثقوب السوداء. أو لوكان هناك ثقبا أسودا ومحاطا به كمية كبيرة من المادة (غازات ‘ غبار كوني أو حتي نجوم) فأن الحركة الزائدة لتلك المادة قرب الثقب يمكن رصدها من خلال الأزاحة في طاقة الأشعة المنبعثة منها. وقد اقترح ستيفين هوكينج في عام 1978 ان الثقوب السوداء يمكنها أن تبعث بإشعاع مما قد يساهم فى تبخر تلك الثقوب تماماً. الثقوب السوداء مثل كل شئ آخر يجب الحفاظ على التاريخ الكمى لمكوناتها. فقد ينشأ الثقب الأسود على سبيل المثال من انهيار نجم كبير تحت تأثير جاذبية بعد نفاذ وقوده النووى و وفقاً لميكانيكا الكم ينبغى أن يخزن الثقب الأسود كل المعلومات حول النجم الذى أنشأ منه و كذلك أى مادة قد سقطت فيه و لكن إذا كان الثقب الأسود يتبخر فى يوم من الأيام فيبدوا أن المعلومات سوف يتم تدميرها و هذا ما يعرف بمعضلة فقد المعلومات بالثقوب السوداء. يحاول علماء الفيزياء ايجاد وسيلة للحصول على المعلومات عن طريق اشعاع هوكينج و لكن يبدوا إنه لا توجد وسيلة لنقل المعلومات من خلال تلك الآشعة فالثقوب السوداء ليس لها سوى ثلاث خواص مميزة : الكتلة ، الشحن ، الزخم الزاوى (angler momentum) . أن أية محاولة لفهم طبيعة الثقوب السوداء تتطلب نظرية كاملة عن الجاذبية الكمية وهى النظرية التى تجمع بين نظريتين ميكانيكا الكم و نظرية النسبية العامة لأينشتاين عن الجاذبية، تلك النظرية التى لا يعُرف كيفية الوصول إليها إلى الآن.