قالت صحيفة جارديان البريطانية، إن وفاة زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر، والاضطرابات التي تشهدها الحركة على خليفته، تعني عدم وجود منافس واضح في الحركة الإسلامية العالمية لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي. وترى الصحيفة أنه في خضم ما تشهده حركة طالبان من اضطرابات وارتباك حول زعيم الحركة الجديد الذي سيخلف الملا عمر، فإن تنظيم داعش الإرهابي سيكون، بلا شك، الفائز الأكبر من تداعيات الأزمة الحالية لحركة طالبان بغض النظر عمن سيتم اختياره. تنوه جارديان إلى حالة الاضطراب التي تسود حركة طالبان منذ تأكيدها وفاة الملا عمر قبيل 11 يوماً، والذي كان مختبأ عن أعين الجمهور منذ فترة طويلة. وعلى الرغم من إسراع حركة طالبان في الإعلان عبر موقعها الإلكتروني عن زعيمها الجديد وهو الملا أختر محمد منصور الذي كان نائباً للملا عمر، فإن خلافة حركة طالبان لاتزال تشهد نزاعاً يشمل أفراد عائلة الملا عمر. غياب المنافسة وتوضح الصحيفة أنه مع رحيل الملا عمر لم يعد هناك منافس واضح في الحركة الإسلامية العالمية لزعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، وفقدت التوبيخات المتكررة التي كانت طالبان توجهها لخصومها "السلطة والنفوذ". وتلفت جارديان إلى وجهة نظر المحلل السياسي "جي ام بيرغر" المؤلف المشارك لكتاب "داعش: دولة الإرهاب" الذي يرى أن وفاة الملا عمر تُعد انتزاعاً لمركز الثقل في الحركة الإسلامية التي تتنافس مع تنظيم داعش الإرهابي، "إذ أنه لا توجد شخصية أخرى يمكن مقارنتها ب الملا عمر، الأمر الذي يقوض ذلك الجانب من المعادلة بشكل كبير". موقف حرج للغاية وتقول الصحيفة: "إن الإعلان عن وفاة الملا عمر – الذي تأخر طويلاً وجاء في أعقاب ادعاءات الاستخبارات الأفغانية أنه حدث منذ أكثر من عامين – وضع زعيم طالبان الجديد (الملا منصور) في موقف حرج للغاية". وتشرح جارديان أن الملا منصور كان نائباً للملا عمر منذ عام 2010، وكان جزءاً من زمرة صغيرة لديها إمكانية الوصول المباشر إلى الزعيم المنعزل، وكان منصور مسئولاً عن نشر الرسائل باسم الملا عمر. ومؤخراً في الخامس عشر من شهر يوليو(تموز)، أصدر موقع طالبان بياناً يؤيد فيه الملا عمر محادثات السلام الأخيرة مع الحكومة الأفغانية. ويقول بيرغر: "إن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة هو متى كانت وفاة الملا عمر؟ فإذا كانت طالبان تقوم بنشر رسائل باسمه بعد وفاته، فإن هذا الشيء يمثل مشكلة كبيرة في المصداقية بالنسبة إليهم". تلفت جارديان إلى أنه في محاولة من طالبان لإثبات وحدة الصف داخلها والتأكيد على استمرار الجهاد ضد القوات الحكومية، وعلى الرغم من الفوضى السائدة داخل الحركة، فإن طالبان عمدت إلى تنفيذ اثنين – على الأقل – من الهجمات الشرسة في كابول يوم الجمعة. وزعم المتمردين – بحسب الصحيفة – مسؤوليتهم عن هجوم على أكاديمية الشرطة الأفغانية وقاعدة عسكرية أمريكية، فضلاً عن الاشتباه في تفجير شاحنة مفخخة في منطقة سكنية، وكل تلك الهجمات تم تنفيذها في 24 ساعة فقط وأسفرت عن مقتل 50 شخصاً على الأقل وإصابة المئات في واحداً من أكثر الأيام الدموية التي شهدها المدنيون الأفغان منذ عدة سنوات. وبينما كانت العاصمة في حالة تأهب قصوى، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من مدخل مطار كابول اليوم الاثنين، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص. وترى جارديان أن تنظيم داعش الإرهابي يزدهر مع اندلاع هذه الفوضى المرئية في حركة طالبان، ويقوم الداعشيون وأنصارهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بزعيم طالبان الجديد الملا منصور والترويج بأنه "كاذب". ويغرد الداعشيون على تويتر "إن السبب الحقيقي الذي جعل طالبان تقوم بإخفاء حقيقة وفاة الملا عمر هو وقف المسلمين عن مبايعة الدولة الإسلامية". وفي الوقت نفسه يروج داعشيون آخرون عدداً من الشائعات مفادها أن "منصور قام بقتل الملا عمر بالسم وإلقاء جثته في النهر". وتضيف الصحيفة: "كانت حركة طالبان تسعى لمواجهة النفوذ المتنامي لتنظيم داعش الإرهابي داخل أفغانستان، وفي خطاب مفتوح، وجه منصور في يونيو الماضي تحذيراً للبغدادي بعدم التدخل في أفغانستان، وتم اعتبار رسالة تم إرسالها، باسم الملا عمر، بأنها تهديد غير مباشر لتنظيم داعش. ولكن إذا كانت وفاة الملا عمر قد حدثت بالفعل في إبريل عام 2013، فإن هذا يعني أنه لم يكن على قيد الحياة لكي يوجه انتقادات لإعلان داعش للخلافة الذي تم في عام 2014". وبحسب برهان عثمان وهو محلل سياسي في كابول، فإن وفاة الملا عمر تمنح تنظيم داعش الإرهابي تحرراً في الخطابة، إذ كان الداعشيون يظهرون بعضاً من الحذر في وصف حركة طالبان بأنها "جماعة منحرفة" بسبب المكانة الرمزية للملا عمر لكونه الأب الروحي للجهاد، بيد أن الداعشيين الأن يتحدثون عن الزعيم الجديد لحركة طالبان "بخطاب شديد اللهجة ولغة قاسية". وكما يرى "بيرغر" فإن الأشخاص الذين بايعوا من قبل الملا عمر ليسوا ملزمين بمبايعة خليفته، ومن ثم فقد تركت وفاة الملا عمر فراغاً هائلاً، لاسيما أن تنظيم داعش الإرهابي يعمل على تجنيد الشباب منذ فترة. ومنذ يناير الماضي، أعلن عدد كبير من مقاتلي طالبان الولاء لتنظيم داعش الإرهابي. ولكن – بحسب غارديان – ثمة اختلافات ايديولوجية كبيرة بين طالبان وداعش، ومن المحتمل أن يكون لذلك تأثيراً يحد من تلك الانشقاقات. ويصف المحلل برهان عثمان مقاتلي طالبان الذين ينضمون إلى داعش بأنهم "قطعة صغيرة جداً"، بيد أنه في الوقت نفسه يقول: "من الصعب معرفة لماذا ينضم الأشخاص إلى جماعات إرهابية محددة؟". وتختتم جارديان: "على الأرجح أن وفاة الملا عمر سيكون لها تداعيات تتجاوز حدود طالبان أيضاً، حيث إن فوز من هذا النوع بالنسبة إلى تنظيم داعش الإرهابي يعد خسارة لخصومه الآخرين (تنظيم القاعدة)، لاسيما أن أيمن الظواهري زعيم القاعدة قام في سبتمبر 2014 بتجديد مبايعته للملا عمر، وهو ما يعني أنه إذا كان مقدراً أن يكون هناك خليفة في العالم الإسلامي، فسيكون زعيم طالبان وليس البغدادي". ولكن مع إخفاء وفاة الملا عمر، تتعرض مصداقية الظواهري أيضاً إلى التوتر، سواء كان ذلك بسبب جهله بوفاة الرجل الذي تعهد إليه بالولاء أو ربما لمشاركته في تلك الأكاذيب. وفي الحالتين يتعين على الظواهري – الذي لايزال صامتاً منذ ما تم إعلانه في سبتمبر – إعادة الظهور والخروج بخطة، وإذا لم يفعل ذلك سوف يستمر تراجع تنظيم القاعدة.