اعتبرت صحيفة بوسطن جلوب أن داعش أنهى الأسبوع الأول من شهر رمضان بصورة دموية مروعة، ولكنها لم تكن أشد ما شهده العالم، فقد ذبح داعش في شهر نوفمبر الماضي أكثر من 300 ضحية من رجال العشائر السنة، كما سجل أبشع جرائمه في يوم واحد من شهر أغسطس الأخير. وأوضحت الصحيفة أنه وفقاً للتقارير الأولية، شن ذئب متوحد في فرنسا، على صلة بأنصار داعش، ولكنه لم يتلق دعماً مباشراً من التنظيم، هجوماً ضد منشأة للغاز جنوب شرق مدينة ليون، وقد تكشف الأيام المقبلة عن طبيعة هذا الهجوم، وبحسب الصحيفة فإن تقارير غير مؤكدة توحي بأن المهاجم كان عاملاً في المصنع، كما أن نفس التكتيك استخدمه داعش، خلال الأشهر الأخيرة، وبنجاح غير مسبوق، كما حدث في جارلاند في تكساس، حيث حاول مهاجمان بتشجيع من أنصار داعش، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إطلاق النار على المشرفين على مسابقة لرسم النبي محمد. وفي تونس، أطلق مسلح النار على سياح في منتجع ساحلي، وقتلا عشرات الأشخاص، وهو الهجوم الثالث من نوعه في بضعة أشهر، فقد هاجم ثلاثة إرهابيين في شهر مارس متحف باردو في تونس، مستهدفين أيضاً صناعة السياحة في هذا البلد، ويتسم الهجومان بما يمكن أن تقوم به خلية إرهابية من متوسطة الحجم إلى صغيرة، رغم أن المنفذين قد يكونا مرتبطين بحضور أكبر لداعش في تونس، كما بدا برأي الصحيفة أن الهجوم الثالث، عبر أطلاق النار على ثكنة عسكرية، ينطبق بشكل وثيق على نموذج الذئاب المتوحدة. وأما في الكويت، فأدى هجوم انتحاري لمقتل ما لا يقل عن 25 شخصاً، وسرعان ما تبناه فرع رسمي لداعش، مما جعله عملية إرهابية منظمة، من نوعية العمليات التي اشتهرت بها التنظيمات المتشددة. وفي كوباني، عين العرب السورية، كان الهجوم إرهابي، ولكن الأهداف كانت بلا شك مدنية، فقد بدأ بواسطة تفجيرات انتحارية وتصاعد إلى هجوم صاروخي ومن ثم طلقات قناصة، مما خلف عشرات المدنيين قتلى وجرحى، لكن من جانب آخر، كان للهجوم بعد عسكري، حيث اندلع القتال مع القوات الكردية الحامية للمدينة، بقصد تشتيت انتباه الأكراد، وربما الحد من مكاسبهم الأخيرة في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش في سوريا. وتلفت صحيفة بوسطن جلوب إلى أن الطبيعة المتنوعة لهذه الموجة من العنف تجسد التهديد الذي يمثله داعش، والإحباط الذي يواجهه التحالف الساعي لدحره، فإن داعش ليس تنظيماً هجيناً، بل هو نتاج عدة عمليات تهجين، ومواجهته لن تتم عبر استخدام نفس الأساليب الحربية القديمة، إنه دولة ولكنه أيضاً تنظيم متمرد، وهو أيضاً شبكة إرهابية، ونتيجة لكل ما سبق ذكره، تعتبر الصحيفة أنه لن يفيد في محاربته اتباع الحرب التقليدية، أو مقاومة الحركات المتمردة، أو تطبيق أسلوب جديد في مقاومة الإرهاب، وعند خلط جميع تلك الأساليب المتنوعة، ضمن ائتلاف لدول لكل منها أسبابها المختلفة في محاربة داعش، فقد تبدو مهمة محاربة التنظيم من العقد المستعصية. وتشير الصحيفة إلى استغلال داعش عند تجنيده لمقاتلين جدد لانقسامات سياسية محلية، ولكنه يطرق أيضاً على وتر الصراع الطائفي، فيما يستثمر آلية غامضة تتسم بالسرية والتكتم، وحتى أنه يشتري الولاء بواسطة المال، ونتيجة لذلك، لن تنفع استراتيجية واحدة في محاربة إيديولوجيته وفلسفته. ومع تحرك العالم المتحضر نحو محاربة داعش، سيتركز التحدي في وضع استراتيجية تجمع جميع تلك الخيوط كي تبدو متناسقة وكأنها سيمفونية، وليس كآلة خرقاء ساذجة، إنه تحد كبير، وخاصة عند الأخذ بعين الاعتبار تشكيلة التحالف وعجزه عن الاتفاق حول الأهداف الأساسية والهامة. وقد لا يكون داعش قادراً على الانتصار على المدى البعيد، ولكن ما لم يكن العالم مستعداً لمواجهته عبر موقف حازم قوي، فإنه قد لا يهزم في وقت قريب.