يبدو أن سوق الترجمان الذي وضُعت عليه أمال كبيرة فى أن يكون مثالا يحتذي به فى التعامل مع مشكلة الباعة الجائلين في مصر قد تحول إلي كابوس وصداع في رأس الحكومة بعد أن أثبت فشلها في التعامل مع قضايا المواطنين البسطاء وتحول إلي مقبرة للباعة الجائلين الذين نقلتهم الحكومة إليه. ومع إيماننا بضرورة إخلاء الشوارع من ظاهرة الباعة الجائلين حفاظا علي حق المواطنين في استغلالها إلا أنه علي الوجه الآخر فإن ظروف المجتمع تقتضي مراعاة ظروف هذه الفئة والتعامل معها بطريقة تحفظ لهم لقمة عيش تغنيهم وتكفيهم ذل الحاجة والسؤال. وكعادة الحكومة في مصر فإن العهود والوعود للبسطاء بلا قيمة وهي مجرد مسكنات لا أكثر تخدر ولا تعالج مشكلة أو قضية وقد ضربت الحكومة بوعودها للباعة الجائلين بنقلهم إلي "مول" يقام في منطقة "وابور الثلج" خلال 6 أشهر عرض الحائط فقد مرت سبعة أشهر حتي الآن ولم يوضع في هذا ال"مول" سوي لافتة مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا الوعد فى حد ذاته يعني إقرار الحكومة بانعدام فرصة البيع في سوق الترجمان. وكان عدد من الباعة الجائلين بسوق الترجمان قد نظموا وقفة احتجاجية الأربعاء الماضي أمام دار القضاء العالى للمطالبة بنقلهم من سوق الترجمان إلى منطقة وابور التلج مشيرين إلى أن مشروع الترجمان لم يمنحهم فرصة للعمل وأن محافظ القاهرة وعدهم بفتح مقرات لهم فى وابور التلج وصرف مرتبات شهرية لهم ولكن حتى الآن ومنذ 6 أشهر لم يتم صرف أى مرتب رغم أنهم لم يحصلوا حتى على قوت يومهم. 40 حالة قال سلامة متولي إننا نتعرض لظلم بيّن من الحكومة ومن المجتمع في آن واحد فالحكومة تتعامل معنا كبلطجية وليس كمواطنين حيث ألصقوا بنا كباعة جائلين كل مشاكل الشارع المصري ولم يسأل أحد نفسه ما الذي يدفعنا للوقوف في الشارع إلا لقمة العيش والرغبة في الأكل بالحلال في ظل ظروف البلد الصعبة وصعوبة الحصول علي فرصة عمل. وأضاف: عندما طلبت منا الحكومة أن نترك الشارع ونأتي إلي هنا استجبنا لذلك رغم علمنا أن المكان هنا مهجور وهناك صعوبة في أن يأتي الزبون إلينا إلا أنهم وعدونا أن هذا النقل سيكون مؤقتا حتي يتم تجهيز أرض وابور الثلج لتكون مقرنا النهائي ووعدونا أن ذلك سيتم في موعد أقصاه 6 أشهر. وتابع: تحملنا خلال هذه الأشهر معاناة كبيرة فنحن نقف بالساعات والأيام دون أن يأتينا زبون واحد فمن يسدد عنا ثمن البضاعة التي نأخذها بالأجل من التجار. وأضاف: أصبحنا مدينين ولا نجد ما ننفق به علي أسرنا وقد طلبت مني زوجتي الطلاق بسبب ضيق الحال الذي يمر بي ولأنها لا تجد أملا في تحسن هذه الأحوال وأنا لا أبالغ في ذلك فهناك حوالي 40 حالة طلاق حدثت بين صفوف الباعة الجائلين الذين تم نقلهم إلي هنا والسبب ضيق الرزق ولا ندري ماذا نفعل؟! . اللومان أرحم وقال بكر محمد لقد نقلتنا الحكومة إلي "اللومان" وليس الترجمان فالمكان هنا أشبه بسجن كبير فالأمن هنا يقيد حركتنا ويسيء معاملتنا بشكل كبير والحال كما تري نجلس أمام بضاعتنا كل يوم ننتظر الزبون الذي لا يأتي أبدا وأنا أقسم بالله أنني منذ انتقالى إلي هنا منذ6 اشهر قد أنفقت من بيتي 11ألف جنيه كنت ادخرها للزمن ولا أدري ماذا أفعل الآن؟! . وأضاف: أنا رجل كبير في السن وتجاوزت الستين عاما ولدي ثلاث بنات فكيف أنفق عليهن؟!. والغريب – كما يقول بكر – أن المسئولين والمحللين يسألون عن سبب الإرهاب.. مشيرا إلى أن الجوع هو السبب الرئيسي للإرهاب ومن يجوع يفعل أي شيء ليسد جوعه وجوع أولاده وإذا أرادت الحكومة القضاء علي الإرهاب حقا فعليها أن تحل مشاكلنا وفقرنا وأن ترعي البسطاء لا أن تتجبر عليهم وتتنكر لهم وتتهرب من وعودها التي قطعتها علي نفسها. انتحار جماعي ولم يختلف حسن السكري مع ما قاله زملائه السابقون من البائعين حيث أضاف: حالنا هنا لا يسر عدوا ولا حبيبا والحكومة تنكرت لكل الوعود التي قطعتها علي نفسها وثُبت الآن أن هذه الوعود كانت مجرد وسيلة لإقناعنا بالمجيء إلي هنا حيث أكدوا أنهم سيعطوننا منحا وإعانات من وزارة التضامن وتعهدوا بتوفير مصانع تعطينا المنتجات والبضائع بالأجل حتي نتجاوز المرحلة التي سنظل بها هنا علي اعتبار أنها مرحلة مؤقتة ننتقل بعدها لمنطقة وابور الثلج ولكن كل تلك الوعود كانت زائفة . وأضاف أن المحافظ خرج فى الفضائيات وأعلن للجميع أنه منح كل بائع مبلغ 5 ألاف جنيه إعانة ليعيننا وهذا محض كذب وافتراء فلم نحصل منه علي جنيه واحد فأين ذهبت الأموال الذي يدعي أنه أعطاها لنا ولماذا يريد تشويه صورتنا بهذه الطرق.. ألسنا مواطنين مسئولين منه ومهمته هي التخفيف من أعبائنا وما الفرق إذا بين المسئولين قبل الثورة وبعدها فالكذب والإهمال هما شعارهم فلماذا قام الناس بالثورة؟!. وأكد أن المحافظ منح مشروع الأسر المنتجة 40 من المحال التجارية هنا لتنشيط السوق ولكنهم لم يستطيعوا الاستمرار حيث أغلقوا محالهم بالكامل فهل العيب فينا إذا أم في المكان؟!. وتابع: توجد أيضا جمعية سلع ومواد غذائية تابعة للمحافظة فشلت هى الأخرى. وطالب السكرى المحافظ بالصدق وأن يفي بوعوده فقد تعهد بالتأمين على الباعة وتسجيلهم في السجل التجاري وتمويلهم من الصندوق الإجتماعي ولم يفي بأي وعد من ذلك. وقال: المحافظ عين لنا اللواء إبراهيم عبدالهادي مديرا مسئولا عن الترجمان وحينما طالبناه بحقوقنا والوفاء بالتعهدات قال لنا" اللي مش عاجبه يمشي من هنا و يخبط دماغه في الحيط". وقال لم يعد لدينا شيء نخسره فقد خسرنا كل شيء وما لم تتحرك الحكومة لإنقاذنا فسنقوم بعملية إنتحار جماعي خلال الفترة القادمة ولا يلومنا أحد . ذل السؤال وقال محمد إبراهيم سوق الترجمان قضي علي مستقبل 3 آلاف بائع تم نقلهم من بولاق وحي غرب وعابدين والأزبكية لكي يتم دفنهم في هذا المنفي حيث لا بيع ولا شراء ولكننا نأتي إلي هنا لكي نجلس ويشاهد بعضنا بعضا وأحيانا نقوم بالشراء من بعض وهذا شيء يصيبنا بالحسرة فقد كنا نكسب رزقنا ونكفي بيوتنا ذل السؤال ولكن الآن جميعنا مدين بثمن الأكل والشرب وبيوتنا خٌربت كما كثرت حالات الطلاق وجميعنا سيكون مصيره كذلك إذا لم يتحرك أحد لإنقاذنا. وأضاف أننا لا نعارض رغبة الحكومة في التطوير وإخلاء الشوارع من الباعة الجائلين ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل يحافظ علي حياتنا ولقمة عيشنا وهذه أهم مسؤوليات الحكومة. وتابع: أننا انتخبنا الرئيس السيسي ولدينا عليه عتاب لأنه تركنا إلي حكومته ولم يلتفت إلينا وصحيح أنه مشغول بالإرهاب ولكن ما نعانيه من جوع وفقر هو أساس أي إرهاب ويجب الانتباه إلي ذلك وعليه أن يجد لنا حلا فمازال لدينا أمل فيه ونحن لا نطلب سوى نقلنا إلي مكان نستطيع البيع والشراء فيه وهناك الكثير من الأماكن ففي كل حي خرابات تابعة للمحافظة فلينقلونا إلي إحدي تلك الخرابات فهل هذا صعب. رقبة الحكومة وقالت أم محمد أنا أرملة ولدي أربع بنات وكنت أسترزق من الشارع وكانت الأمور تسير رزق يوم بيوم وكنت أوفر من طعامي لأولادي وكنا نحمد الله وقامت الحكومة بنقلى إلي هنا منذ 6 أشهر وتقريبا لم أبع شيئا فنادرا ما يأتي أحد إلي هذا السوق. وتساءلت: هل سيترك الناس الباعة في رمسيس ووسط البلد ويأتون إلي هنا فماذا أفعل في أولادي.. هل أخرجهم من المدارس؟!.. مضيفة إذا استمر الوضع كذلك فسيكون هذا مصيرهم وسيخرجون مثلي إلى الحياة بلا مصدر للرزق أو تعليم وذنبهم في رقبة الحكومة. وأضافت: مع يأسي من البيع قررت أن أبيع الشاي إلي جوار الملابس لعلي أبيع الي البائعين ولكن هذا أيضا لا يحدث فجميعهم حالهم أصبح معدوما مع مرور الوقت فكل يوم يمر علينا هنا يمر بالخسارة ولا ندري ماذا نفعل فقد وقفنا يوم الأربعاء أمام دار القضاء العالي ولم يسأل فينا أحد ونحن نخاف أن نُتهم بالإرهاب فمن يحمينا ونحن لا نثق بالحكومة أبدا فوعودها كلها كاذبة. وقالت: أحيانا أخذ شنطة بها بعض الملابس وأذهب إلى منطقة الإسعاف لبيعها إلا أن الشرطة تعاملني أسوأ مما تعامل به اللصوص وتجار المخدرات وأنا أريد إطعام بناتي لا أكثر والحكومة نقلتنا ونسيتنا وكأننا لسنا بشرا مثلكم نشعر ونحس. وأكدت أنا أناشد الرئيس السيسي أن يرحمنا ولا يتركنا للحكومة تعذبنا فقد أصبحنا نكلم أنفسنا في الشارع من قسوة ما نعاني من جوع وحاجة ولا أمل لنا بعد الله سواك فلا تدعنا فريسة للإرهاب وصانعيه فالجائع لا يفكر ولا يفرق معه شيء فانقذنا واحمنا من الفقر والحاجة. حكومة كاذبة وفي سياق متصل قال سيد سعيد إن المشكلة تكمن فى أن الحكومة تعاملنا ك"جاهلين" وتسخر منا وتستخف بوعودها لنا ولا تفي بشيء مما تم الاتفاق عليه معنا ولا ندري ماذا نفعل فإذا تظاهرنا سنحاكم وإذا سكتنا سنموت من الجوع فمنذ شهور ونحن لا نكسب شيئا. وأضاف: نطالب الرئيس بحل مشكلتنا لأننا لا نثق فى وعود الحكومة وإذا أراد الرئيس النجاح فعليه تغيير هذه الحكومة العاجزة عن حل مشكلة بسيطة كمشكلتنا . وأضاف نحن نتساءل ببساطة لماذا تم نقلنا وعلي بعد خطوات منا يتواجد الباعة في ميدان رمسيس أليسوا باعة جائلين مثلنا ونحن لا نريد سوي المعاملة بالمثل معهم فأعطونا أماكن كالتي تسمحون لهم بها وإذا تجاوزنا فحاسبونا ولكن لا تتركونا نموت هكذا بالبطيء فالرحمة قبل القوة . وأكد أن المحافظ يقول أنه أنفق علي تجهيز المكان 10مليون جنيه فما ذنبنا إذا كان اختار المكان الخاطيء فهذه مسؤوليته التي يجب أن يُحاسب عليها وليس نحن. رفع الظلم وقال محمد عبد الله نقيب الباعة الجائلين (النقابة المستقلة) إنهم تقدموا ببلاغ للنائب العام يحمل رقم 2903 لسنة 2015 يفيد بأن سوق الترجمان غير صالح بالنسبة لهم حيث تنعدم فيه حركة البيع والشراء. وأضاف عبد الله أن الحكومة لا تلتفت إليهم ولا تسمع حديثهم مطالبا بتمكينهم من الساحات الموجودة فى الشوارع مثل شارع الفلكي ودار القضاء العالي.. مؤكدا أنهم بذلك لن يكلفوا الدولة جنيها واحدا وأنهم سيتكفلون بالأمر على نفقتهم الخاصة تحت إشراف الدولة وأنهم سيكونون بعيدين عن الشارع. واتهم "عبد الله"الحكومة بأنها تريد القضاء على الباعة الجائلين الذين يبلغ عددهم 6 ملايين بعد أن كان هناك اتفاق بنقلهم من الترجمان بعد ستة أشهر إلى "وابور التلج" بشارع الجلاء حيث يعد فبراير الجاري الشهر السابع بعد الاتفاق مؤكدا أنهم ملتزمون بالمدة التي حددتها الحكومة. وأوضح أنهم سيرسلون استغاثات لعبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لرفع الظلم عنهم مهدداً بعودة الباعة الجائلين إلى الشوارع إذا لم تتوفر حلول لهم .