قبل أن يذهب الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية كان قد خاض معركة باردة من نوع خاص دارت أحداثها عقب ثورة 30 يونيو مباشرة وفوجئ العالم كله بأمريكا تساند جماعة الإخوان المسلمين ولا تخجل من إعلان ذلك على لسان رئيسها وعدد كبير من كبار مسئوليها فى البيت الأبيض. لقد بدأت الحرب من داخل البيت الأبيض بعد ساعات من انتصار الشعب المصرى على المعزول وجماعته، وظهرت جيداً طبيعة المواقف الأمريكية فى المرحلة الجديدة. وكان على الجنرال المصرى أن يقرأ الخريطة وأن يضع قضية (المعونة العسكرية الأمريكية لمصر) على قائمة القضايا التى تحتاج حلولاً قبل أن تتحول إلى ورقة ضغط، وقرر الجنرال تغيير قواعد اللعبة بحيث تصبح المعونة عنصر ضغط فى الاتجاه العكسى، فبينما كانت المعونة العسكرية الأمريكية عنصر ضغط على كل الإدارات المصرية السابقة نجح السيسى حالياً فى جعلها عنصر ضغط على الإدارة الأمريكية مع تسريب أنباء عن صفقات سلاح روسية لمصر ومباحثات سرية مع الصين حول تصنيع بعض قطع الغيار التى يحتاجها الجيش المصرى لصيانة المعدات الأمريكية فى نفس الوقت الذى طور فيه السيسى خلال العام الجارى عدداً من المصانع الحربية المصرية للقيام بتصنيع قطع الغيار تلك دون النظر إلى موافقة أمريكا من عدمها فى استفزاز واضح للإدارة الأمريكية ليصل معها إلى الحد الفاصل وهو مناقشة قطع المعونة العسكرية عن مصر، وقبل أن يتطور الوضع إلى هذا الحد كان السيسى متأكدا من انتصاره فى التصويت ضد قطع المعونة ليبدأ فى المرحلة القادمة مزيدا من المساومات فهو يريد أن يتصرف فى المعونة الأمريكية بمزيد من الحرية ليشترى بالمعونة الأمريكية أسلحة من الصينوروسيا وكوريا وغيرها فى الوقت الذى يرسل الكثير من الأخبار التى تأتى فى إطار التهديدات عن توجه مصرى واضح نحو روسيا كمصدر للسلاح سواء وافق الأمريكان على شروطه أولاً بينما يطمئن تماما إلى حاجة الأمريكان الماسة للتدريبات المشتركة مع الجيش المصرى ومن ناحية أخرى فإن أوباما قدم له مجانا ورقة ضغط أخرى عندما تعهد بإنهاء الأمر بين إسرائيل والفلسطينيين خلال فترة محددة، ومن المهم هنا أن نشير إلى الاتصالات التى جرت بين الفريق عبدالفتاح السيسى آنذاك ووزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل ليوضح له أن العلاقات العسكرية بين أمريكا ومصر لن تتأثر بالرئيس الحالى وأن أوباما لا يمثل سوى جزء من السلطة فقط لكن السيسى أجابه بأن مصر لا تحتاج فعليا للمعونة الأمريكية التى تبيح لأشخاص مثل أوباما أن يحاولوا ممارسة الوصاية على مصر وهو ما أجاب عنه تشاك هيجل بحديث حول تراتبية اتخاذ القرار فى الإدارة الأمريكية وأن البنتاجون على مسافة واضحة من الرئيس الأمريكى فيما يخص الشأن المصرى، لكن السيسى الذى اعتذر عن اضطراره لاختصار المكالمة بسبب متابعته للأحداث الجارية فى مصر أوضح قبل أن ينهى المكالمة أنه يتعجب من أن يأتى من بنى حضارته فوق الآلاف من جثث الهنود الحمر ليمارس دور الحكيم مع شعب يحتاج السيد أوباما لأن يقضى ما بقى من حياته بعد الخروج من الرئاسة لدراسة تاريخه. ونجح عبد الفتاح السيسى الذى لم يكن قد وصل إلى الحكم فى هز الولاياتالمتحدةالأمريكية ومفاجأتها بسيناريوهات جديدة لم تتوقعها مطلقاً، ووجه ركلة قوية للمؤخرة الأمريكية حسب تقرير معهد ستانفورد الذى صدر فى يوليو 2013.