فضايح حى الأثرياء فى محافظة سوهاج

- تورط هيئة تنشيط السياحة فى تأجير قرية بحى الكوثر بدون استغلالها لمدة عشرين سنة
-
- إستيلاء فلول الحزب الوطنى المنحل بسوهاج على نصف مليون متر مربع
- جهات رقابية طالبت بسحب الأراضى من المستثمرين لعدم جديتهم.. و المحافظ أمهلهم 6 اشهر لتنفيذ مشروعاتهم وتركهم عام ونصف
- الجمعيات الأهلية.. الباب الخلفى لأباطرة الفساد لنهب أراضى الدولة
كتب : رامى عبد الحميد- إسلام لطفى
على مدار حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك استفحل الفساد فى جميع مؤسسات الدولة بشكل أصبح من الصعب مواجهته، وما أن قامت ثورتى يناير ويونيو استبشر المصريين خيرا للقضاء على الفساد واقتلاع المفسدين من أجهزة الدولة.
جزء من هذا الفساد ما كشف عنه تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بسوهاح والصادر بتاريخ 3 ابريل 2013، والذى يرصد الكثير من وقائع إهدار المال العام بحى الكوثر بمحافظة سوهاج
والذى تقدر مساحته بما يقارب مساحة حى المعادى بالقاهرة ويعد منتجعا للأثرياء ورجال الأعمال بأفقر محافظات مصر، تلك الطبقة العليا التى أسست لحكمها ونفوذها باستحواذها على أملاك وأراضى الدولة دون سند ولا قانون.
من أهم هذه الملاحظات التى كشفها التقرير وأرسلها إلى محافظ سوهاح فى وقتها و لم يحرك تجاهها سكانا كانت قيام المحافظة بإنشاء قرية سياحية في حي الكوثر على مساحة "21000م2" منذ ما يقرب من عشرون عامًا بلغت تكلفة إنشاؤها 772000 جنيها دون الاستفادة منها حتى تاريخ كتابة التقرير، وتأجيرها لهيئة تنشيط السياحة بموجب محضر الهيئة بالمخالفة للقانون وتحميل الموازنة العامة للدولة، بتكاليف استهلاك الكهرباء البالغة "10825000ك.وات"، وأجور العمالة البالغة "33573" جنيهًا سنويًا، الأمر الذي يعد إهدارًا للمال العام لمدة عشرون عامًا فى ظل صمت كافة المحافظين قبل وبعد ثورتى يناير ويونية.
ونص التقرير على أنه تبين لدى الفحص قيام المحافظة بإنشاء قرية سياحية في حي الكوثر على مساحة قدرها 5 أفدنة منذ عام 1993، بلغت تكاليف إنشاؤها مبلغ "772000" جنيهًا، وذلك من حساب صندوق الخدمات بالوحدات المحلية، وتضم هذه القرية عدد "18" شاليه وجناح واستراحة ونادي اجتماعى وعدد من المظلات بالإضافة لمسجد.
كما كشف التقرير ان هذه القرية تم تأجيرها لهيئة تنشيط السياحة بإيجار رسمي بموجب محضر الهيئة المؤرخ 22 ديسمبر 1998 ولم يتم سداد آية مبالغ من الهيئة مقابل الإيجار، فضلًا عن عدم استغلال القرية من قبل الهيئة وتحقيق أي عائد منها حتى تاريخ الفحص فى فبراير 2013، على الرغم من تحميل موازنة الدولة بتكلفة الإنشاء المشار إليها وتكاليف المرافق والتى كان منها
استهلاك الكهرباء بإجمالي كمية بلغت "10825000ك.وات" والمسدد من قبل الوحدة المحلية لحي الكوثر، ومرتبات العاملين الملحقين للعمل بها على موازنة الديوان العام بمبلغ "33573" جنيه سنويًا وكذلك تحميل الهيئة بقيمة استهلاك المياه واستهلاك التليفون عن عامي 2011، 2012، بلغت مبلغ 1213 جنيه.
وأشار تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات كذلك إلى أن الأمر يقتضي إحالة الموضوع إلى جهات التحقيق لتحديد المسئولية بشأن ما تقدم وإهدار المال العام طول المدة السابقة، دون اتخاذ الإجراءات القانونية للاستفادة من تلك المبالغ، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو استغلال هذه القرية بالتأجير أو الانتفاع، وذلك بعد دراسة الأمر مع هيئة تنشيط السياحة وتحديد كيفية الاستفادة منها بعد إجراء الدراسات اللازمة وتوفير كافة الاعتمادات اللازمة للتشغيل.
ولفت التقرير إلى استحقاق مبلغ 6.0021.875 جنيه، مقابل انتفاع طرف بعض الشركات الحائزة لأراضي أملاك الدولة بالحي فضلًا عن عدم تعديل مقابل الانتفاع لإحدى الشركات طبقًا لمحضر اللجنة العليا المخصصة لهذا الشأن فى عام 2013، حيث تبين لمراقب الجهاز المركزى للمحاسبات لدى الفحص استحقاق المبلغ السالف الإشارة إليه كقيمة انتفاع للدولة طرف بعض الشركات الحائزة على أراضي أملاك الدولة بالحي، وكان من هذه الشركات والمؤسسات :
- المعهد العالي لعلوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والذى صدر لصالحه القرار رقم 904 لعام 1997، بتخصيص مسطح 17000م2، والقرار رقم 261 لعام 2004 بتخصيص 9000م2مستغل، وكان اجمالى المبلغ المستحق عليه 52000000جنيه، طبقًا لمحضر اللجنة العليا المؤرخ في 2 يونيو 2011 بناءً على القرار رقم 488 الصادر في 24 سبتمبر 2005، وذلك بالثمن الفعلي.
- كما تبين أن الشركة التجارية لتنمية الثروة الداجنة الحائزة لمساحة 30250م2 من عام 1998
وحتى 2012عليها مستحقات بلغت 7991875جنيه، وكذلك مبلغ 3750 جنيه، مستحق على الشركة المصرية لنقل وتوصيل الغاز "بوتجاسكو" بقرار التخصيص رقم 80 لعام 2003، ولم يتم تعديل مقابل الانتفاع عن عام 2013، طبقًا لمحضر اللجنة العليا المؤرخ في 4 فبراير 2013 حيث يصبح مقابل الانتفاع المستحق مبلغ 30000جنيه.
وشدد التقرير على أن الجهاز المركزى يرى ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه الجهات المماطلة بما في ذلك الحجر على المباني والمنشآت وأرصدة البنوك الخاصة بتلك الجهات، مع إخطار وزارة التعليم العالي بشأن المعهد العالي للكمبيوتر والتكنولوجيا والمستحق عليه مبلغ "52000000" "إثنان وخمسون مليون جنيه مصريًا "، علاوة على ضرورة تعديل المبالغ المستحقة طرف الشركة المصرية لنقل وتوصيل الغاز بالدفاتر طبقًا لتقرير اللجنة العليا في المحافظة.
تسقيع أراضى الدولة
كشف تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن حيلة جديدة اتخذها المعتدون على أملاك الدولة وسيلة لخدمة أغراضهم الشيطانية، فبمجرد حصول المستثمر على أراضى الدولة بغرض إنشاء مشروعه الذى يهدف لخدمة أهالى سوهاج، يرفض الوفاء بوعوده السابقة التى تعهد بها أمام الدولة والمواطنين ويترك الأرض لسنوات دون استغلال حتى يزيد سعرها تلقائيا ثم يعود ليبيعها ويحصل على فارق السعر دون أى معاناة أو تكاليف مادية.
تقرير الجهاز رصد هذه الظاهرة، حيث ثبت لمراقب الجهاز المركزى عدم قيام بعض الجهات المخصص لها أراضي أملاك الدولة بنطاق حى الكوثر منذ أكثر من عشرون عامًا باستغلال الأراضي المخصصة لها أو جزء منها، الأمر الذي ترتب عليه عدم الاستفادة منها وحرمان صندوق الإسكان الاقتصادى من بعض موارده بمساحة بلغت 635.118م2،وفنًّد التقرير ما تم حصره، وكان أبرزها:
1- هيئة الأرصاد الجوية والتى خصص لها مساحة 3.375م2، وفقا للقرار رقم 217 الصادر في 7 يوليو 1994، إلا أنها لم تستغل سوى 165م2 فقط والباقي محاط بسور.
2- محلات تجارية خصص لها مساحة 1.1400م2، وفقا للقرار رقم 146 الصادر في 29 مايو 1995، و تبين أنه تم بيع منها محل، والباقي لم يتم استغلاله.
3- نادي الطيران، خصص لصالحه مساحة بلغت 4200م2، وفقا لقرار التخصيص رقم 308 الصادر فى 10 أكتوبر 1994.
كما تم حصر كمية هائلة من الأراضى التى حصلت عليها كل من "مديرية التربية والتعليم، دار المسنين، معهد الإرشاد السياحي، كلية الزراعة، معسكر قوات الأمن، جمعية الهلال الأحمر، معهد الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات،و المجلس القومي للمرأة، نادي هيئة البريد، كلية الطب البيطري، الوحدة المحلية لحي الكوثر، الشركة المصرية لنقل وتوصيل الغاز، الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، ومخزن مديرية التربية والتعليم ، جمعية الشهيد عبدالمنعم رياض، جمعية الوفاء لضباط الشرطة، الوحدة المحلية لحي الكوثر، جامعة الأزهر، مستشفى سوهاج التعليمي، الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي، السنترال، نادي الشبان المسلمين، قصر الثقافة، نادي المطاحن، نادي الزراعيين، قرية الشروق لرعاية الأطفال الأيتام، منطقة الخدمات الثانية، المدرسة الثانوية العسكرية، جمعية المستثمرين، المركز الطبي المتكامل"، وغيرها من الجهات التى استحوذت على أراضى الدولة وقامت بتسقيعها دون استفادة.
الغريب فيما كل ما سبق هو ما كشفه عنه مراقب الجهاز، حيث أوضح أنه صدر كتاب الإدارة العامة للوحدة المحلية لحي الكوثر برقم 865 في 24 فبراير 2013، وأن المحافظ وافق على منح مهلة ستة أشهر، للتخصيصات التي لم يتم تنفيذها للترخيص أو استكمال البناء أو السحب، الأمر الذى رأى الجهاز من أجله، ضرورة متابعة كافة الجهات المشار إليها بقرار المحافظ لاستغلال الأراضي في خلال المهلة الممنوحة وفي حالة تقاعسها فى اتخاذ ما يلزم لسحب تلك الأراضي وإعادة تخصيصها، بالثمن الفعلي.
مخالفات الجمعيات التعاونية
رصد تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عدم قيام بعض الجمعيات التعاونية المخصص لها أراضي بناء بنطاق الحي بسداد مقدم الثمن، لتلك الأراضي بإجمالي مبلغ14.575.581 جنيه بعضها يرجع لعام 2008 مما ترتب عليه حرمان صندوق الإسكان الإقتصادى من بعض مواره.
وأضاف التقرير أنه تبين لدى الفحص عدم قيام بعض الجمعيات المخصص لها أراضي بناء بنطاق الحي بسداد مقدم الثمن لتلك الأراضي، بنسبة 25% من القيمة التقديرية لها على الرغم من أن بعض قرارات التخصيص ترجع لعام 2008، وكان من ضمن هذه الجمعيات :
1- الجمعية التعاونية للبناء _هيئة تدريس كلية دراسات_ والتى خصص لها مساحة 1645، بقيمة تقديرية 2000 جنيه للمتر.
ونظرا لكثرة الجمعيات المخصص لها أراضى ولم تستغلها سنكتفى بالإشارة إليها فقط وهى كالتالى ( الجمعية التعاونية الشعبية المحلية للإسكان، الجمعية التعاونية للإسكان للعاملين بقطاع كهرباء سوهاج، الجمعية التعاونية بهيئة الأبنية التعليمية، الجمعية التعاونية لشركة الاتصالات، الجمعية التعاونية لإعلام سوهاج، الجمعية التعاونية لمعهد الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، الجمعية التعاونية بنقابة التجاريين، الجمعية التعاونية لموظفي هيئة النيابة الإدارية).
واختتم مراقب الجهاز المركزى للمحاسبات تقريره بالتوصية على ضرورة التنبيه نحو إنذار تلك الجمعيات لسداد مقدم الثمن خلال المهلة المحددة بقرار المحافظ (ستة أشهر) والسير في إجراءات الترخيص والبناء، وأنه في حالة التقاعس سحب تلك الأراضي وإعادة تخصيصها بالثمن الفعلي منعا من حبس وتعطيل المال العام وعدم حرمان صندوق الإسكان الاقتصادي من بعض موارده.