أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها مؤخرا, ان هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدعو لإجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان على محمل الجد. وبحسب الصحيفة، يتثمل السبب الأول في أن العراق بوضعه الحالي ليس بالدولة التي ترغب بأن تكون جزءاً منها، فقد قدرت الأممالمتحدة أن 2400 شخص قتلوا في شهر يونيو المنصرم فقط، مما يجعله الشهر الأكثر دموية منذ سنوات في العراق. وقالت الصحيفة إن قليلين فقط من العراقيين هم من يثقون في أن الحكومة الشيعية تحت قيادة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، لديها فرصة كبيرة في إنهاء ذلك العنف. وأصبحت مساحات شاسعة من البلاد تحت السيطرة الاسمية لجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة اختصاراً باسم "داعش"، الجماعة الإسلامية السنية التي أعلنت مؤخراً الخلافة الإسلامية، وسط دعم كبير من حلفائها من حزب البعث القديم. وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن الأمر الثاني هو أن إقليم كردستان مستقل بحكم الأمر الواقع، بعد الاتفاق الكردي العراقي للحكم الذاتي عام 1970 مهد الطريق لإجراء محادثات حول الاستقلال داخل العراق، بينما قدم الدستور العراقي لعام 2005 بعض التنازلات الاتحادية الكبيرة إلى حد ما، والتي استفاد منها الزعماء الأكراد بقدر ما سمح به المالكي، فلقد أصبح للمنطقة الآن جيشها الخاص، "البشمرجة"، الذي أجبر القوات العراقية على التراجع من المنطقة منذ عقود، والذي قيل إنه حقق نجاحاً أكبر من الجيش العراقي الرئيسي، في تعامله مع متمردي داعش، ولذا فإن الاستقلال الكامل عن العراق "الواهن بالفعل" يبدو الخطوة المنطقية التالية. وأشارت الصحيفة إلى السبب الثالث وهو العامل التاريخي، إذ أن الكثير مما حدث سواء في العراق وسوريا ينظر إليه في نهاية المطاف، على أنه فشل لاتفاقية حدود "سايكس بيكو"، التي أبرمتها فرنسا وبريطانيا التي قسمت بينهما بمقتضاها المناطق العربية التابعة للإمبراطورية العثمانية آنذاك، ويرى كثير من الناس أن الانقسام بين السنّة والشيعة هو إلى حد كبير نتيجة لهذه الحدود الجائرة. ومضت الصحيفة قائلة، أن الأكراد لديهم أيضاً أسباب للشعور بالغضب بعد ترسيم الحدود في الشرق الأوسط إبان الحرب العالمية الأولى، فلقد عاش الأكراد فترة طويلة حياة شبه بدوية في ظل الإمبراطورية العثمانية، يرعون الأغنام بين سهول بلاد ما بين النهرين والمناطق الجبلية في إيرانوتركيا. وعلى الرغم من أنهم من السنّة، إلا أن لهم لغة مميزة وثقافة خاصة بهم تفصلهم بشكل واضح عن جيرانهم من العرب والأتراك والفرس، فعندما انهارت الدولة العثمانية وحلت محلها الدول القومية، عقد الأكراد آمالهم على إقامة دولتهم الخاصة ولكن بدلاً من ذلك، انقسموا بين دول مختلفة. ففي العراق، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى شكل الأكراد أقلية وواجهوا موجات من الاضطهادات، وحينما ساند الأكراد إيران خلال الحرب العراقيةالإيرانية، استخدم صدام حسين الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الأكراد ولقي ما يقرب من 180 ألف من الأكراد حتفهم، فيما وصف آنذاك بالإبادة الجماعية. وبالنظر إلى هذه النقاط، فحصول إقليم كردستان على الاستقلال هدف مفهوم، وعلى ما يبدو أن معظم الأكراد يدعمون هذا الرأي فقد جري استفتاء غير رسمي أثناء انتخابات عام 2005 كانت نتيجته أن 98% من الأكراد العراقيين، يريدون الاستقلال إذا أمكن. وتساءلت الصحيفة عن كيفية حدوث الاستقلال على أرض الواقع، لافتة إلى أن حكومة بغداد تعارض الاستفتاء، حيث قال أحد مستشاري المالكي أن "الحكومة لا تقبل أي شيء خارج نطاق الدستور، الذي تم التصويت عليه من قبل الأكراد"، مضيفاً بأن الغالبية العظمى من العراقيين من غير الأكراد يعارضون فكرة الاستفتاء. وبالنظر لطبيعة الشعب الكردي فهناك قضايا إقليمية أوسع، فلقد أعربت الحكومة التركية عن معارضتها لوجود كردستان مستقلة، بسبب المخاوف التي تنتابهم من أن الأقلية الكردية في تركيا قد يحملون نفس الفكرة. ورأت "واشنطن بوست" أن الشعب الكردي لا يمثل بالضرورة جبهة موحدة، فقد دعت الجماعات الكردية في بلاد أخرى، ولا سيما حزب العمال الكردستاني في تركيا، دعت طويلاً لكردستان موحدة كبيرة بدلاً من مجموعة من الدول المنفصلة.