كشف تقرير للمركز الإقليمي للدراسات, عن لجوء التنظيمات الأصولية لوسائل التواصل الاجتماعي لتدشين شبكات من الإعلام الجهادي، بعد محاصرة أدوات التعبئة التقليدية، كالمساجد والفضائيات في إطار الحرب على الإرهاب. وقال التقرير , إن النشاط الجهادي، على المستويين الإقليمي والدولي، شهد تطوراً في آليات تنفيذه، منذ أحداث سبتمبر 2001 ، إذ تم تصوير أكبر هجوم إرهابي ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع تطور تقنيات وسائل الإعلام، وظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي؛ انتقل هذا النشاط من مرحلة العمل السري والتخفي خلف أسماء مستعارة إلى مرحلة العلن من خلال شبكة الإنترنت. وتحولت وسائل الإعلام الحديثة إلى إحدى ساحات المواجهة بين التيارات الجهادية والأنظمة السياسية؛ إذ يلاحظ بث الأخيرة فيديوهات وصور لمواجهات عسكرية، يتم فيها القضاء على عناصر وقيادات جهادية، بغرض تطمين الرأى العام، ورفع الروح المعنوية لأفراد الشرطة والقوات المسلحة، فيما وظفت التنظيمات الأصولية، وآخرها عملياتها الهجومية، في مقاطع فيديو تظهر استهداف وقتل الجنود. وقال التقرير إن التيارات الجهادية المختلفة لجأت إلى استخدام الإنترنت كوسيلة أساسية للترويج والدعوة لأفكارها، في ظل التضييق الذي بات ُيمارس عليها من قبل العديد من الأنظمة، التي تتبنى استراتيجية الحرب على الإرهاب، اعتماداً على سهولة التطبيقات التكنولوجية للشبكة، وانتشار استخدامها عالمّياً، وتوفيرها قاعدة واسعة من المتلقين، بعيداً عن تعقيدات الحصول على تراخيص لقنوات تليفزيونية وصحف، أو حتى الوقوع تحت طائلة العمل دون ترخيص. وفي هذا السياق، حددت دراسة نشرتها مؤسسة "أبحاث الدفاع النرويجية" عام ۲۰۰6 تحت عنوان "Jihadism On The Web" ثلاث فئات تستهدفهم التيارات الجهادية من خلال مواقع الإنترنت الخاصة بها: أولها، ما يسمى، وفقا للدراسة، ب"المجاهدين القاعديين" المؤيدين والمتعاطفين مع الفكر الجهادي، وغالبيتهم من الشباب، وغالباً ما يكون الهدف هو التواصل معهم، واستمرار الحصول على دعمهم وولائهم. وثانيها، الرأي العام، ويكون الهدف مع هذه الفئة التأكيد على نفوذ التنظيمات الجهادية في المجتمع، إما بغرض حشد التأييد أو التخويف من مواجهتها. وثالثها، جمهور الخصوم، من أجهزة الدولة ومؤسساتها ومؤيديها، بهدف إضعاف موقفها، والتأثير على هيبتها، وإظهارها بمظهر العاجز في مقابل قوتها. وقال التقرير إن تنظيم "داعش" لجأ كغيره من التنظيمات الجهادية، إلى وسائل الإعلام الحديث، لتثبيت وجوده والتأكيد عليه، إذ حرص على نشر مقاطع فيديو تقوم فيها عناصره بقتل جنود عراقيين، وأخرى تدعو سكان المدن التي استولى عليها للعودة إلى حياتهم الطبيعية، من خلال صفحات خاصة على مواقع "فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب". وساهم التداول السريع لهذه المقاطع في إرباك المشهد العام. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن تنظيم "داعش" يعتمد في نشاطه الإعلامي على مؤسسة "الفرقان" التي تمتلك إمكانيات عالية في مجال الإعلام الحديث. وفي مقابل ذلك، قامت الجهات العراقية المعنية بنقل المواجهة مع "داعش" إلى الساحة الافتراضية، بالتوازي مع الصراع العسكري الذي يدور على الأرض، وذلك من خلال حجب وزارة الاتصالات عدداً من المواقع الإلكترونية، ومن بينها مواقع "فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، بحجة منع ترويج الشائعات والأخبار المفبركة التي ينشرها التنظيم الجهادي، وتؤدي إلى تأليب الرأي العام.