رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    محافظ المنوفية يفتتح توسعات مدرسة تتا وغمرين الإعدادية بنحو 7 ملايين جنيه    القوات المسلحة تنظم لقاء تعريفيا لمبادرة معهد تكنولوجيا المعلومات لتدريب المجندين    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة "كلنا واحد"    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 184 ألف شهيد وجريح    زيلينسكي يزور فيينا للمرة الأولى منذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية    لاعب بالميراس قبل لقاء الأهلي: لن نتهاون وهدفنا الانتصار    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    وزير الإسكان: ملتزمون بتذليل العقبات أمام المطورين والمستثمرين    أرق الصيف.. كيف تحمي نفسك منه؟    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    اليوم.. محاكمة 29 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية فى المقطم    في أول زيارة لماسبيرو.. "المسلماني" يستقبل هدى نجيب محفوظ قبل افتتاح استديو نجيب محفوظ    بعد أزمة تواجدها في العراق.. إلهام شاهين: أخيرا هنرجع مصر    قصر ثقافة أبو سمبل يشهد انطلاق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف ودعم الموهوبين    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    الصحة: إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال عام    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    انخفاض الطماطم.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    حالة الطقس اليوم في الكويت    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    انقطاع خدمات الاتصالات في جنوب ووسط قطاع غزة    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    تضرر شبكة الكهرباء فى وسط إسرائيل بسبب الضربات الإيرانية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس: كنا أفضل من بورتو بكثير.. وعلينا تحليل الأمر قبل مباراة الأهلي    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    «إمام عاشور صفر وحمدي فتحي 1».. تقييم مفاجئ من رضا عبدالعال للاعبي الأهلي    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة عن توقيع عقوبة على تريزيجيه    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الديون الداخلية والخارجية".. الأزمة الكبرى التى تواجه الرئيس القادم
نشر في الموجز يوم 28 - 05 - 2014

يعاني الاقتصاد المصري منذ الخامس والعشرين من يناير 2011، أزمات متتابعة ستفرض ذاتها على الرئيس المصري الجديد. وتتمثل أهم القضايا الاقتصادية التي يتوجب على الرئيس القادم العمل على إيجاد حل لها منذ اليوم الأول له؛ في انخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وعجز الموازنة، وتراكم الدين العام، من جراء العجز العام الذي يفوق العائد الاقتصادي للبلاد، وارتفاع معدل البطالة بين الشباب.
وفي ظل هذه الأجواء الاقتصادية الصعبة، يعيش نحو 45% من المصريين على أقل من دولارين يوميًّا، ناهيك عن ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض إيرادات السياحة التي تُعد من الموارد الرئيسية للعملة الصعبة، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
وفي هذا السياق، يرى ستيفن كوك المتخصص بشئون منطقة الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، في تقرير بعنوان "Egypt's Solvency Crisis" نشره المجلس على موقعه على الإنترنت، أن هذا التراجع الاقتصادي من شأنه الحيلولة دون إيجاد حل سياسي للمشكلات التي أدت إلى رزوح مصر تحت طائلة الديون؛ حيث إن الإصلاحات الضرورية لمثل هذا الوضع تثقل كاهل الشعب المصري، الذي ما فتئ يعاني من أزمات اقتصادية.
ويقول كوك إن الاقتصاد المصري لم يَلْقَ اهتمامًا كبيرًا من الحكومات المصرية منذ يوليو 2013؛ بسبب تدفق المعونات الاقتصادية من الدول الخليجية (السعودية والإمارات والكويت). ورغم هذه المعونات، فإن الاقتصاد المصري لا يزال يعاني من التصدعات ويواجه شبح الإفلاس، على حد تعبير الكاتب.
ويحذر كوك من أن استمرار الاحتجاجات السياسية والعنف وعدم الاستقرار السياسي مع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية -حسبما يرى الكاتب- بالإضافة إلى مزيج من السياسات الاقتصادية غير المتماسكة التي تنذر باستمرار التدهور الاقتصادي- هو ما سيؤدي بدوره إلى حلقة مفرغة من عدم الاستقرار السياسي والعنف والتدهور الاقتصادي، ومن ثم زيادة فرص وقوع كارثة اقتصادية وسياسية وزيادة التظاهرات والقمع والصراع السياسي وربما تفكك الدولة.
بدايةً، يشير الكاتب إلى تعريف حالة الإفلاس أو التعثر المالي بأنها عجز كيان بعينه عن سداد التزاماته لمقرضيه. وللإفلاس شكلان: الأول عجز الموازنة العامة؛ حين يفوق حجم الديون عدد الأصول الثابتة. والثاني عجز التدفق النقدي الذي يهدد مصر بشكل أكبر؛ إذ إنها أكثر تعرضًا لعدم القدرة على سداد ديونها.
ويرى الكاتب أن الصورة العامة للاقتصاد المصري "تبعث على القلق الشديد"؛ فالاحتياطي النقدي الأجنبي يتراوح بين 16 و17 مليار دولار ليست كلها سائلة. وهذا يعني أن مصر بالكاد تقف فوق عتبة الحد الأدنى للاحتياطي الأجنبي -وهو 15 مليار دولار- وهو المبلغ المطلوب لتغطية تكاليف الغذاء والوقود لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا.
ونظرًا إلى اضطراب الأوضاع السياسية في مصر، فقد تراجعت أعداد السياح كثيرًا في عام 2013. وفي أوائل عام 2014، صرَّح هشام زعزوع وزير السياحة لصحيفة "الحياة" بأن "عام 2013 من أسوأ الأعوام التي مرَّت على قطاع السياحة في مصر".
يُضاف إلى هذا التصريح أن الاستثمارات المحلية والأجنبية قد شهدت تراجعًا ملحوظًا مقارنةً بما كانت عليه خلال السنوات الخمس التي سبقت أحداث يناير 2011.
وحسب ستيفن كوك، فإن إعلان البنك المركزي المصري خفضَ أسعار الفائدة دون سابق إنذار في أواخر عام 2013 كجزء من جهد لتحفيز الاستثمار المحلي؛ يبدو من الناحية الاقتصادية جيدًا، لكن هذه الخطوة ربما تزيد التضخم؛ حيث ستضغط على العملة والاحتياطيات الأجنبية، وعلى المستهلك المصري.
ويشير التقرير إلى أن الدين الحكومي بلغ 89.2% من الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤكد أنه من المهم ملاحظة أن الدين العام والعجز المالي هي إشكالية خاصة بمصر؛ بسبب تصنيف ديونها، وأن مصر تمويل عجزها وديونها من خلال الاقتراض. ونتيجةً لذلك، موَّلت مصر عجزها بالاقتراض المحلي من بنوك القطاع العام والبنك المركزي.
ويرى الباحث أن المساعدات المالية الخليجية لم تقدم لمصر سوى الحد الأدنى من الإغاثة؛ فعلى سبيل المثال، لا تزال هناك فجوة سنوية تقدر ب10 مليارات دولار في تمويل العجز الحكومي، ويؤكد أن ضخ الأموال من قبل المانحين الأجانب لن يحل المشكلات الاقتصادية بمصر لسببين؛ أولهما تمويل الإنفاق الجديد من المنح المقدمة من دول الخليج هو مجرد إرجاء للمشكلات المالية إلى المستقبل القريب. ثانيهما: الحصول على مزيد من الدعم ما هو إلا غطاء للسياسات الاقتصادية المتضاربة وغير العقلانية. فهذه السياسات -برأي الباحث- هي السبب الرئيسي لإهدار الحكومة ما يتراوح بين مليار ومليار ونصف دولار شهريًّا لسداد الاحتياجات الرئيسية ومحاولة الحفاظ على العملة.
يقول ستيفن كوك إن حالة عدم اليقين السياسي السائدة في مصر تجعل من الصعب على الحكومة إجراء إصلاحات ذات مغزى، ويضيف: "إجراء تغييرات جوهرية في نظام الدعم يهدد بتظاهرات حاشدة مشابهة لتظاهرات الخبز عام 1977، التي اندلعت بعد أن اقترح الرئيس أنور السادات تعديلات على دعم المواد الغذائية بما يتفق مع التوصيات الصادرة عن صندوق النقد الدولي".
ورغم التعهدات التي أخذتها الحكومة على عاتقها بتقليص عجز موازنتها إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي، بعد أن وصل هذا العجز إلى 14% من إجمالي الناتج المحلي في العامين الماليين 2012-2013؛ راح المسئولون المصريون يزيدون الإنفاق على برامج مختلفة، مثل تحديد الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع العام.
يرى ستيفن كوك أن حل المشكلات الاقتصادية لم يخرج من حيز النظرية إلى حيز التنفيذ؛ إذ لم تَلُحْ بعدُ في الأفق أي احتمالية لدراسة التضارب في أسعار المواد الغذائية، بل والأكثر من هذا أنه ما من مسئول يجرؤ على مناقشة مثل هذه المشكلة أو حتى طرحها.
ولتوضيح هذه الإشكالية، ساق الكاتب مسألة ارتفاع أسعار القمح في السوق العالمية، واضطرار مصر إلى استيراده، وهو أمر من شأنه وضع مزيد من العراقيل في طريق حل مشكلة الدعم عامةً، ودعم رغيف الخبز خاصةً.
وهناك مشكلة أخرى -برأي ستيفن كوك- تتمثل في تراجع الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية. وأرجع الكاتب هذه الأزمة إلى عدة عوامل؛ منها قرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة، ورغبة المقرضين الأجانب في تقليص حجم المعونات التي يعطونها لمصر، وكثرة الأزمات السياسية التي يتوقعها المصريون التي تجعلهم يهرعون إلى تحويل الجنيهات إلى دولارات.
وحسب الكاتب، فإن تلك العوامل تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم؛ ما يدفع مصر إلى طباعة عملتها؛ ما يدفع البلاد بسرعة شديدة نحو السقوط في هوة التردي الاقتصادي. ويضاف إلى ما سبق -والكلام للباحث- أن إمكانية وقف المعونات أو حتى تعليقها قد يخلق مشكلة ديون جديدة ستتفاقم بطبيعة الحال إذا واصلت الحكومة انتهاج سياساتها الاقتصادية الحالية التي تشكل عنصرًا ضاغطًا على أحوال البلاد المالية.
وقد يأخذ المصريون فترة راحة خلال انعقاد الانتخابات الرئاسية؛ لتوهمهم أن ثمة إصلاحًا للأحوال، لكن تبقى الحقيقة ممثلة في السياسات الاقتصادية غير الرشيدة التي تنتهجها الحكومة، والتي ستؤدي حتمًا إلى تراجع احتياطي العملة الصعبة مجددًا؛ ما يعيد مصر إلى حلقة الدين المُفرغة، حسب التقرير.
ويحذر التقرير من مخاطر وصول مصر إلى حالة العجز الكلي عن سداد الديون؛ حيث سيهدد ذلك المصالح الأمريكية في مصر كما سيهدد أمن المواطنين الأمريكيين في مصر والوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي.
وحسب تقرير كوك، فإن ثمة نُذرًا على الولايات المُتحدة الأمريكية أخْذُها في الاعتبار لتحديد ما إذا كانت مصر تواجه أزمة ديون لا حل لها، تتمثل في:
أولاً- انتهاج الحكومة سياسة التحكم في تحويلات النقد الأجنبي: إذا انتهجت الحكومة سياسة منع الأفراد والمؤسسات من تحويل مبالغ معينة من العملة الصعبة خارج البلاد، سيصبح هذا مؤشرًا واضحًا على قلق المسئولين المصريين على وضع مصر المالي؛ فبدءًا من عام 2014، صار بإمكان الأفراد تحويل 100 ألف دولار أو أكثر خارج البلاد. يعد هذا بمنزلة فترة هدوء تلت تحكم المجلس العسكري في تحويل النقد الأجنبي خارج البلاد بعد تخلي حسني مبارك عن السلطة؛ حيث قام المجلس العسكري بحَدِّ التحويلات لما لا يزيد عن 100 ألف دولار.
ثانيًا- إعادة الحكومة هيكلة الديون: يعني هذا أن تتخذ الحكومة المصرية إجراءات من شأنها إجبار البنوك على تحويل الدين القديم إلى دين جديد، أو –بعبارة أدق- فرض ضرائب جديدة على عائداتها. إن إجبار البنوك على إعادة هيكلة الديون من شأنه أن يضع القطاع الاقتصادي للبلاد تحت طائلة ضغوط جديدة. يضاف إلى هذا أن الحكومة ستفرض على البنوك سندات ووثائق خزينة من جديد لتمويل العجز. كذلك حين يمول البنك المركزي المصري مشتريات الحكومة، فإنما يعد هذا مؤشرًا على اقتراب البلاد من أزمة ديون جديدة.
ثالثًا- ارتفاع معدل متأخرات الديون: يجب على المراقبين أن يعيروا هذه المسألة الاهتمام الكافي؛ إذ يعد ارتفاع قيمة الديون المتأخرة من أهم مؤشرات الغرق في مستنقع الإفلاس.
رابعًا- إبداء مصر اهتمامًا مفاجئًا بإجراء اتفاق احتياطي مع صندوق النقد: تعتمد مصر حاليًّا على دول الخليج في تسيير اقتصادها. يُضاف إلى هذا أن مسألة إبرام اتفاقية مع صندوق النقد الدولي تُعد بمنزلة اقتراح صعب تفعيله سياسيًّا في مصر. إن عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي يبدو إجراءً متعقلاً، لكنه معقد سياسيًّا (لما قد تنطوي عليه مثل تلك الاتفاقات من تنازلات يرضاها الطرف المتعثر على نفسه). من هنا يعتبر الاهتمام المفاجئ بصندوق النقد الدولي مؤشرًا على قلق مصر من الديون.
يرى كوك في تقريره أن من شأن أزمة الديون في مصر تهديد مصالح الولايات المتحدة، والرعايا الأمريكيين، وممتلكات الولايات المتحدة وأصولها. فكتب مثلاً: "نجد الشركات العالمية (متعددة الجنسيات) مثل (كوكا كولا) مستمرة في العمل في مصر، لكن إذا استمرت القلاقل السياسية والمخاوف الاقتصادية، قد تقلل مثل هذه الشركات نشاطها بإغلاق بعض مصانعها أو إيقاف نشاطها جزئيًّا.
من ناحية أخرى، تُعول البحرية الأمريكية كثيرًا على سلامة الملاحة في قناة السويس التي إن مسها سوء، فقد تتأثر المصالح الأمريكية بشكل ملحوظ. يضاف إلى هذا أن الرحلات التي تقوم بها الطائرات الحربية الأمريكية عابرة الأجواء المصرية أثناء توجهها إلى منطقة الخليج، قد يتقلص عددها أو تتوقف تمامًا إذا حدثت أي مشكلات بين الولايات المتحدة ومصر.
وعلاوة على ذلك، يرى الكاتب أن الانهيار الاقتصادي في مصر سوف يهدد أمن إسرائيل؛ حيث أصبحت سيناء نقطة انطلاق للهجمات على إسرائيل؛ فإذا أدت أي هذه الهجمات إلى مقتل أو جرح عدد كبير من الإسرائيليين سوف تضطر إسرائيل إلى الرد وربما تخرق اتفاقية السلام بين البلدين التي تعد من أعمدة تسيير السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
رغم الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي، يرى ستيفن كوك أنه يجدر بالولايات المتحدة أن تتخذ عدة إجراءات من شأنها درء أزمة الديون عن مصر، ومن ثم إنقاذ مصر من الانهيار الاقتصادي. وتزويد مصر بضمانات على القروض، فتستطيع كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وحلفائها الأسيويين توفير موارد اقتصادية لمصر ومدها بضمانات على القروض.
ويضيف كوك أن على الولايات المتحدة خفض الديون. قدرت ديون مصر بنحو 47 مليار دولار في نهاية يناير 2014؛ منها 3.5 مليار دولار للولايات المتحدة الأمريكية. إن هذا الدَّيْن الخارجي يمثل نسبة ضئيلة من إجمالي الناتج المحلي إذا قورن بالدين المحلي (الداخلي). وإذا اتخذت الولايات المتحدة خطوات من شأنها تخفيف الأعباء المالية على القاهرة، فإن باقي الدائنين قد يحذون حذوها.
ويضيف: "على الولايات المتحدة تشجيع مصر على اللجوء إلى المساعدات الأجنبية لسداد ديونها الداخلية التي تقدر بنحو 240 مليار دولار، بدلاً من زيادة الإنفاق على الدعم، أو الحد الأدنى للأجور وغيرهما".
ومساعدة القاهرة على حل مشكلة الكهرباء؛ فرغم ما تشهده مصر من انقطاع أقل في الكهرباء من ذلك الذي شهدته إبان صيف 2013، لا تزال مصر تعاني من نقص في الوقود الذي يدير محطات الكهرباء، ومن ثم لا تزال البلاد تعاني من انقطاع الكهرباء. هذا وقد وقعت مصر والسعودية في مستهل عام 2013 اتفاقية شراكة في مجال الطاقة بربط مصادر الطاقة في البلدين، بما يضمن تخفيف وطأة قلة مصادر الكهرباء، بيد أن المشروع قد يستغرق نحو 3 أعوام لاستكماله. من هنا يرى ستيفن كوك أنه يتعين على الولايات المتحدة تشكيل اتحاد من جهات عالمية مانحة تسهل استيراد مصر الغاز الطبيعي (الذي قل إنتاجه في مصر) لتوليد الكهرباء، وتوفير المال المتاح في الميزانية المصرية للتركيز على المشكلات التي تهدد استقرار البلاد اقتصاديًّا.
يقول ستيفن كوك إنه إذا فشلت مصر في الإيفاء بديونها، سيكون أمام الولايات المتحدة عدد من الخيارات لتخفيف التداعيات وتقليل احتمالية حدوث انهيار السياسي في البلاد، وما ينجم عنه من مشكلات إنسانية:
دعم الجيش: في حال حدوث أزمة إفلاس وما يصاحبها من عواقب سياسية، من المرجح أن يتدخل الجيش في الحياة السياسية. ويتعين وقتها أن تقدم الولايات المتحدة الدعم السياسي والدبلوماسي للقيادة العليا؛ للحيلولة دون أن تصبح مصر دولة فاشلة. وهذا يعني اعتراف الولايات المتحدة بأي حكومة جديدة قد تنشأ عن هذا التدخل، وأن تحث حلفاءها في المنطقة وأوروبا وأسيا على فعل الشيء نفسه. والحقيقة المرة -برأي الكاتب- هي أن الجيش المصري هو المؤسسة الوحيدة المترابطة القادرة على الحيلولة دون حدوث فوضى بالبلاد.
ضخ مساعدات مالية عاجلة: وذلك بتأسيس مجموعة عمل مصرية للتواصل مع الدول الغنية التي تستطيع ضخ المساعدات المادية للبلاد.
استعادة المساعدات الغذائية: توقف إمداد مصر بالمساعدات الغذائية عام 1992، ويمكن إعادته من جديد، لا سيما أن مصر حساسة جدًّا إزاء التغيرات التي تحدث في أسعار المواد الغذائية عالميًّا، لا سيما القمح.
ودعا كوك الولايات المتحدة -من واقع مسئوليتها الاستراتيجية تجاه مصر- أن تقدم للقاهرة ما تستطيع من مساعدات ومعونات من شأنها إنقاذ البلاد من الدمار الاقتصادي وتبعاته السياسية المقلقة. وبالإضافة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لحماية مصر من هذه المخاطر، يرى الكاتب أنه يتعين على الإدارة الأمريكية فعل التالي:
- العمل مع الكونجرس لإمداد مصر بمزيد من الدعم.
- إنشاء مجموعة مكونة من عدة هيئات لمراقبة الأزمة في مصر.
- تشجيع بقية الدول على القيام بدورها في مساعدة مصر على تخطي محنتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.