تشهد قضية الفساد التي هزت الأوساط التركية وأدخلت حكومة رجب طيب أردوغان في أزمة سياسية لم تستطع تجاوزها حتى الآن فصولا جديدة ، وبرز التورط الإيراني، حيث شنّت السلطات التركية حملة اعتقالات واسعة طالت 60 إيرانيا اتهموا بالتجسّس والتورّط في أكبر عمليّة غسيل أموال تشهدها البلاد وقُدّرت ب 87 مليار يورو. وبَرَزَت أسماء تجّار إيرانيين كالملياردير"بابك زنجاني" و"رضا ضرّاب" المتزوّج من المطربة التركيّة "إيبرو" ويحمل ثلاث جنسيات إيرانيّة وتركيّة وآذربيجانيّة وتربط والده علاقة حميمة بالرئيس الإيراني السابق "محمود أحمدي نجاد". وتتجاوز القضيّة حدود التجارة والتهريب الذي يقوم به التجّار والأثرياء، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدولة الإيرانيّة وامتهانها العمل المافيوي والتهريب وإختصاص الحرس الثوري الإيراني والمؤسّسات التابعة له بعمليّات غسيل الأموال ونشر الشركات الوهميّة بموازاة إنتشار الخلايا النائمة واليقظة والمجموعات الإرهابيّة وذلك لسهولة تمويلها عوضاً عن السفارات والمراكز الثقافيّة والمدارس المذهبيّة الطائفيّة الإيرانيّة الرسميّة المنتشرة في العواصم العالميّة، لتزويد الخلايا والجماعات الموالية بالدعم المالي واللوجستي لتنفيذ المشروع التوسّعي الفارسي. ومثلما وَرد اسم "بلال أردوغان" نجل رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" في قضيّة الفساد المالي، فإن المصادر تشير إلى تورّط "مجتبى خامنئي" النجل الثاني ل"خامنئي" وكبار قادة الحرس الثوري في القضيّة. علماً أن إيران شهدت أكبر عمليّة اختلاس في تاريخها منذ ثلاثة أعوام بقيمة ثلاثة مليارات يورو تورّط فيها "محمود أحمدي نجاد" ونائبه "رحيمي" وصهره "أسفنديار رحيم مشائي" وكذلك "مجتبى" نجل "خامنئي"، ولم تستثنَ مؤسّسة "ستاد" التابعة ل"خامنئي" من التورّط في عمليّة السرقة والاختلاس. وساهمت العقوبات في تحوّل الحرس الثوري إلى قطاع رأسمالي ضخم يمتلك أكبر المؤسّسات والشركات والبنوك داخل إيران وخارجها، وانتهز الحرس فرصة العقوبات متذرّعاً بالإلتفاف عليها فضاعف قدراته الإقتصاديّة لتشمل مختلف المجالات التجاريّة بما في ذلك المخدّرات. وحذّر "حسن روحاني" مؤخراً بقوله أن البعض لا يتمنّى رفع العقوبات حفاظاً على مصالحه الشخصيّة، إلا أنه لم يتجرأ على توجيه أصابع الإتهام مباشرة إلى الحرس. وفي حال خروج "روحاني" عن نهج "نجاد" المحابي للحرس الثوري، فبلا شك أنّه سيصطدم مع الحرس، إذ عَمَل "نجاد" على الاقتراب من هذه المؤسّسة التي كثيراً ما تشبه الدولة داخل الدولة فأدخل عددا من قادتها في حكومته من بينهم وزير الاقتصاد. ورغم تسرّب بعض الأنباء حول إمكانيّة قيام "أردوغان" بزيارة طهران، إلا أنّها لا تبدو كفيلة بحل الخلافات المتفاقمة بين البلدين. وتشكّل تركيا جسر العبور بالنسبة إلى إيران لتدفق الموجات البشرية والمخدّرات والأموال الإيرانيّة المهرّبة نحو أوروبا وبلدان أخرى مثل روسيا والصين، كما تتميّز تركيا بموقعها الجغرافي المتاخم لسوريا مما جعلها تحتضن قادة المعارضة السورية، وعليه فإنها لا يمكن أن تكون بمنأى عن التحركات الاستخباريّة الإيرانيّة المحمومة.