إذا ساقتك الأقدار يوما للتعامل مع السلطة فكن حذرا مع ما يدخره لك القدر, هذه المقولة تنطبق علي باباك زنجاني الذي لم يكن مجرد رجل أعمال عادي بل علي الأرجح كان ستارا يخفي الكثير مما يدور في كواليس الإدارة الإيرانية السابقة. ملياردير العقوبات هو اللقب الذي تم إطلاقه علي باباك زنجاني, بعد أن استخدمته الحكومة الإيرانية السابقة في الالتفاف علي العقوبات المفروضة من مجلس الأمن والتي تم بموجبها فرض حظر بيع النفط لتضييق الخناق عليها بسبب برنامجها النووي, لتعتقله الحكومة الحالية وتلقي به في سجن إيفين, بعد أن فتح البرلمان الإيراني في سبتمبر الماضي تحقيقا بشأن تعاملاته المالية, و الاشتباه في ضلوعه بصفقات فساد مع الدائرة المحيطة بالرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد, موجهه إليه تهم الفساد والتحايل وتحويل عائدات النفط الإيراني المباع في السوق السوداء إلي حسابه الخاص بدلا من تحويله إلي خزانة الدولة. وقد جاء رد زنجاني البالغ من العمر42 عاما علي هذه الاتهامات من خلال حسابه علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك, الذي قال فيه إنه ليس جرثومة فساد مثلما وصفه نواب البرلمان, بل كان جنديا للنظام, واصفا نفسه بأنه بطل, قائلا كيف كان بوسعي أن أنقل المال ووزارة النفط والبنك المركزي يخضعان لعقوبات؟ مؤكدا أنه سيرد المبلغ إذا منحوه رقم حساب, ومن المعروف سلفا مدي علاقة زنجاني بالحرس الثوري, منذ أن كان مجند في الخدمة العسكرية في مقر القيادة التابع له في مدينة أركان, لينتقل كجندي مكلف من قبل الحرس إلي العمل في البنك المركزي الإيراني ليصير فيما بعد وسيطا للبنك للحصول علي العملات الأجنبية, مكونا ثورة تقدر ب28 مليار دولار, حيث تشير الكثير من التحليلات الي أن زنجاني يعد الستار المالي الذي يتخفي وراءه الحرس الثوري المخطط الرئيسي في عملية الالتفاف علي العقوبات الدولية. المثير في الأمر أيضا ما يتردد حول تورط زنجاني في قضايا الفساد التي أطاحت بعدد كبير من وزراء حكومة اردوغان وذلك من خلال علاقته برجل الأعمال التركي رضا ضراب المتهم الأول في ملف الفساد المالي قي تركيا حيث تجمعهما صداقه قديمه علي خلفية انتمائهما إلي القومية التركية الأذربيجانية, والذي تخلي فيما بعد عن جنسيته الإيرانية ليتمكن من الحصول علي الجنسية التركية, لتكشف حكومة اسطنبول في الأيام القليلة الماضية, عن تورط زنجاني في قضايا الفساد الاقتصادي لديها وغسل الأموال من خلال صفقات عقدتها إيران باعت بموجبها غازا لتركيا مقابل أموال تم تحويلها لاحقا إلي ذهب من خلال مصرف تركي, ونقلت إلي طهران عبر دبي من خلال مجموعة سوفينت الاقتصادية المملوكة لزنجاني, بمساعدة صديقه رضا ضراب الذي قام برشوة وزراء أتراك ومدير أحد المصارف الحكومية, واستطاع بذلك خلق فجوة في العقوبات المفروضة علي إيران, ومهد الطريق لبيع النفط مقابل الذهب في عملية معقدة تمت عبر11 شركة وهمية تأسست في الصينوتركيا, ليتضح فيما بعد أن زنجاني كان الرأس المدبر لشبكة الفساد الرئيسية التي يجري بشأنها تحقيق واسع النطاق في تركيا والتي تهدد عرش أردوغان حاليا. ويمكن اعتبار اعتقال زنجاني الخطوة الأولي لحكومة روحاني في طريقها للتصدي لمجموعات كبيرة من النشطاء الاقتصاديين المرتبطين بالحرس الثوري والأجهزة الأمنية المستفيدة من الحظر الاقتصادي المفروض علي إيران, حيث تقوم إيران في هذه المعركة باستخدام وسائل الإعلام الخاصة التي تعاني من فرض رقابة مشددة, في تغطية هذه القضية علي نطاق واسع وهو ما يشير في نهاية الامر الي أن زنجاني استخدمته الإدارة المحافظة لتحقيق أهدافها بالتحايل علي العقوبات المفروضة بينما تخلت عنه الإدارة الإصلاحية الحالية ككبش فداء لكي تطمئن الغرب بجدية موقفها بشأن برنامجها النووي.