روبرت فيسك يسخر قلمه للنيل من «الفريق السيسي» في الغرب فجأة ودون مقدمات تحول الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك أحد أهم الصحفيين في العالم أجمع إلي بوق لجماعة الإخوان المسلمين يتحدث باسمها ويدافع عن أنصارها بحق أودون وجه حق.. الكاتب الشهير نسي تاريخه الذي يتعدي الثلاثين عاما في بلاط صاحبة الجلالة وكان يشهد له الجميع بالبنان وسخر قلمه لخدمة جماعة تسفك الدماء وتقتل الأبرياء دون معرفة مآربه من ذلك. الكاتب الكبير الذي دائما مايرفض ممارسة الصحافة من المكتب وعبر وسائل التكنولوجيا الحديثة ويفضل النزول إلي الشارع بنفسه ليكون صانع الخبر وليس مجرد كاتب له، ومن هنا أصبح المراسل الأكبر والأهم في الشرق الأوسط ليس فقط في صحيفة الإندبندنت التي يعمل بها ولكن في الإعلام الأوروبي وأصبح قادرا وفقا للبعض علي تحليل الموقف السياسي في كل الدول العربية، إلا أنه وعلي الرغم من تواجده بميادين مصر الثائرة منذ 25 يناير بدا منحازا لجماعة الإخوان المسلمين الأمر الذي دفع بعض المحليين بإطلاق لقب "الإخواني" عليه، وبدلا من إظهار مساوئ الجماعة التي طفت علي السطح مؤخرا سخر قلمه للهجوم علي الجيش المصري ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذي أصبح وفقا للإخوان عدو الجماعة الأول وفي مقال يمكن أن نصفه بأنه تحريضي ضد الجيش وتصويره علي أنه لا يتصرف وفقا لمبادئ حقوق الإنسان لم يستبعد فيسك أن يقوم "السيسي" بإعدام مرسي كما فعل الطغاة في الشرق الأوسط من قبل مع معارضيهم من أمثال عبدالناصر وصدام وفقا لقوله، هو ما يعد إشارة قوية من الكاتب الإنجليزي علي أن محاكمة مرسي لن تأخذ مسار العدالة الصحيح ولكنها مسيسة من الدرجة الأولي. وأشار فيسك في هذا المقال الذي نشر بتاريخ 30-12-2013 إلي أن محاولات القضاء علي جماعة الإخوان سوف تبوء بالفشل لأنها تعرضت لمثل هذه الأحداث ولكنها بقيت علي مدار 85 عاما ومع ذلك اعترف فيسك في مقاله بأن الجماعة تنظيم نفعي وقبوله للتفاوض مع أي نظام هو سر بقائه حتي الآن وهو الأمر الذي أدركه رؤساء مصر السابقين لافتا إلي أن مرسي نفسه تفاوض مع مبارك في الوقت الذي كان الأخير يقتل فيه المتظاهرين في ميدان التحرير في إشارة منه إلي الحوار الذي حضرته الجماعة مع رئيس المخابرات الأسبق عمر سليمان لبحث الأزمة خلال الأيام الأولي لثورة 25 يناير ورغم دفاعه عن الرئيس الإخواني إلا أنه لم يستطع أن يخفي صدمته في مرسي وعبر عن ذلك بوضوح من خلال مقاله الذي نشره عقب حضوره للجلسة الأولي من محاكمة مرسي، معترفا بأنه لم يكن كفئا لمنصب رئيس مصر بعد أن تجاهل تماما ما حدث ولم يتعامل معه بواقعية وعبر فيسك عن دهشته مما أسماه حالة اللاوعي التي انتابت الرئيس السابق خلال محاكمته وبدا أن هذا التعبير هو الأقل حدة بالمقارنة بما يشعر به الكاتب الإنجليزي بعد ما سمعه وشاهده من مرسي حيث ظل يردد "أنا رئيس الجمهورية" وهو في قفص الاتهام وناقض فيسك نفسه في مقاله بتاريخ 4-11-2013 عندما اعترف بأن عبدالفتاح السيسي زعيم محبوب متسائلا عن مصيره وهل سيترشح لرئاسة مصر أم لا،وفي نفس الوقت وجه له رسالة تحذيرية من خلال سرد تاريخ حكام مصر منذ الملك فاروق مؤكدا أنها مكان خطر للحكم حيث إن كل من حكمها لقي مصيرا مأساويا سواء بالقتل أو العزل وعلي الرغم من أن الكثيرين كانوا يقارنون بين السيسي وعبدالناصر منذ 30 يونيو حيث إن كل منهما يتمتع بتأييد شعبي ضخم وتوقع الجميع من وزير الدفاع أن يقود حركة إصلاحية اجتماعية علي غرار الزعيم الراحل لم ير فيسك أي تشابه بينهما إلا بعد أن تم تحديد موعد محاكمة مرسي حيث قال إنه سيكرر نفس سيناريو ناصر مع جماعة الإخوان بعد اتهامه لهم في الخمسينيات بالتآمر ضده لقلب نظام الحكم واتبع فيسك نفس أكاذيب الجماعة التي اعتمدت علي تزييف الواقع حيث قال إن الكثير من الكتاب والفنانين يخشون علي مستقبل مصر وعودتها إلي عهد الرؤساء السابقين عبدالناصر والسادات ومبارك من حيث الاعتقالات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان متناسيا أن هذه الفئة بالتحديد هي الأكثر تأييدا للجيش في الفترة الحالية، مستخدما بعض العبارات التشبيهية القوية مثل "وجه السيسي الذي طبع علي قطع الشيكولاتة سوف يأتي بشخص آخر ليأكلها" ومن خلال متابعة مقالاته يتضح أنه منذ البداية يري أن قادة الجيش نصبوا لمحمد مرسي فخا من خلال مساندتهم له للحصول علي الرئاسة حيث قال في مقاله بالإندبندنت تعليقا علي نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية في 2012 إن الرئيس الإخواني ليس ثوريا ولا قوميا وقادة الجيش نصبوا له العديد من الفخاخ واستدعي فيسك في هذا المقال شخصية مصرية تاريخية بارزة هي سعد زغلول حيث تعمد زيارة منزله في هذا التوقيت مشيرا إلي أنه كان الأصلح لرئاسة مصر في عام 2012 رغم وفاته منذ 85 عاما حيث كان ثوريا بالفعل وزوجته صفية زغلول كانت من أنصار حقوق المرأة بينما مرسي لا يدافع عن هذه الحقوق كما لا يتمتع بثورية زغلول. وأضاف فيسك أن زغلول كان يريد أن يعيش في مصر حديثة تقدمية مدنية علي عكس مرسي كما أوضح ولكن ما كان سيرضيه هو فوزه في انتخابات رئاسية كما انصب غضب فيسك علي الثوار الذين دعموا الجيش في الإطاحة بمرسي متجاهلا ما أهدره الرئيس السابق من حقوق وأهداف كانوا يتمنون تحقيقها،حيث تساءل في مقال له بالصحيفة البريطانية في يوم 25-7- 2013: كيف تحول الثوار الذين خرجوا في 25 يناير 2011 ضد نظام مبارك للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية إلي داعمين لما أسماه الانقلاب العسكري الذي قام به الجيش ضد مرسي؟ كما أعرب عن حزنه الشديد من نظرة الجماهير المحتشدة في التحرير إلي نظرائهم في ميدان رابعة العدوية حيث يرونهم إرهابيين وليسوا مؤيدين لمرسي الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطيا كما وصفه، موضحا أن المحتشدين في التحرير كانوا يتحركون في مسيرات وكأنهم ذاهبون إلي مباراة كرة قدم حيث ظهرت عليهم علامات البهجة ورأي فيسك في هذا المقال أن وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي تحول إلي وجه ذائع الصيت باعتباره الرجل الذي أعاد مصر إلي الطريق الثوري الصحيح وهو ما رآه متناقضا مع حقيقة أن مرسي محتجز من قبل الجيش والأكثر من ذلك أنه أكد شعوره بالألم والإحباط عندما رأي الثوار الذين خرجوا ضد مبارك يحملون صور السيسي علي الرغم من أنه قائد الانقلاب العسكري كما رآه، وهو أمر يؤكد انحيازه التام لجماعة الإخوان وكأنه واحد منهم. وزعم فيسك أن الفقراء والبسطاء هم الذين يدعمون مرسي بينما الأثرياء هم الذين يدعمون السيسي ورغم كل هذا النقد للجيش والثوار لإطاحتهما بالرئيس السابق إلا أنه اعترف في مقاله بأن هذه المرة الأولي التي يخرج فيها الشعب بالملايين مطالبين بالانقلاب من الجيش علي السلطة الحاكمة. وعقب فض اعتصام رابعة العدوية كتب فيسك مقالا شديد اللهجة بتاريخ 8/8/ة2013 وصف فيه عملية الفض بالمذبحة التي ستحمل السيسي وحكومة الانقلاب كما وصفها ب"العار"،حيث زعم أنهم لم يرحبوا بالوساطات الدولية لحل الأزمة ما سيجر مصر إلي نقطة اللاعودة ووجد أنه من الغريب أن الانقلاب العسكري الذي حدث من وجهة نظره لا يسمي انقلابا بالنسبة للولايات المتحدة والغرب حيث أكد أن الرئيس أوباما وجد حرجا في وصف الإطاحة بمرسي بالانقلاب علي الرغم من أن الطائرات الحربية كانت تحيي المتظاهرين في التحرير بينما قوات مكافحة الشغب كانت تحاصر المعتصمين في ميدان رابعة العدوية الذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف معتبرا رد فعل الولاياتالمتحدة هام جدا بالنسبة للجيش الذي لم يستطع استيعاب تصريحات السيناتور جون ماكين التي وصفت ما حدث في مصر بالانقلاب العسكري موضحا أن نادرا ما تحظي جماعة الإخوان بهذا الدعم الدبلوماسي من واشنطن، لافتا إلي الإحباط الذي أصاب القطريين بعد رفض السلطات المصرية طلبهم بمقابلة مرسي،وهو ما يعد اعترافا من الكاتب بأن الجماعة تحظي بدعم أمريكا وقطر. وأشار فيسك لتصريحات أوباما التي أكد فيها أن هناك بعض القادة الذين لا ينادون بالديمقراطية إلا حينما يكونون خارج السلطة، أما وإن دخولها تغيرت معاملتهم مع شعوبهم، مؤكدا أن هذا ملخص لما فعله مرسي، فهو لم يتعامل علي أنه خادم للشعب بل عامل الإخوان علي أنهم سادة فوق الجميع، ولم يحمِ حقوق الأقليات المسيحية، ولكن الخطيئة الكبري التي أججت الموقف وأنتجت بيان العزل، هو دعوة الإخوان للمصريين بالحرب في سوريا لقتل الشيعة وإسقاط نظام الأسد. وحاول فيسك تأليب الإدارة الأمريكية علي مصر من خلال توضيحه لتداعيات ما حدث في القاهرة علي بعض القضايا التي عنيت بها واشنطن قائلا: إنه ربما يظن الجميع أن المصريين هم أسعد الناس ببيان القوات المسلحة الذي عزل فيه مرسي، ولكنهم مخطئون فبشار الأسد هو الأسعد في العالم بإسقاط الإخوان المسلمين لأنهم بالنسبة له إرهابيون حاولوا المساعدة في إسقاط نظامه وكان فيسك أول من توقع وقوع أحداث دموية في ظل ما أسماه الانقسام بين مؤيد ومعارض للانقلاب علي حد قوله الأمر الذي يدل علي أنه مقرب من الجماعة ويفهم جيدا نفسية أعضائها الذين لا يترددون في التضحية بأنفسهم من أجل التنظيم وكان فيسك أيضا أول من توقع حظر جماعة الإخوان من خلال تساؤله في المقال حول ما إذا كان سيسمح لها بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، وإذا حدث وتم هل يمكن أن يفوز مرشحها مرة أخري ؟ كما حملت مقالات فيسك ما يمكن أن نسميه رسالة تشجيعية لمؤيدي الرئيس السابق حيث قال إن المفاجأة الكبري التي يواجهها السيسي هي أن أنصار الرئيس الذي أسماه الشرعي ليس لديهم خطط أخري سوي عودته للحكم، مشيرا إلي أن وزير الدفاع يراهن علي أن مؤيدي الجماعة سوف يصيبهم التعب بسبب حر الصيف في ذلك التوقيت إضافة إلي ما أسماه المجازر التي ترتكب ضدهم، لافتا إلي صمود اعتصامي رابعة والنهضة لأكثر من خمسة أسابيع متواصلة وعلي الرغم من أن فيسك دافع عن اعتصام رابعة إلا أنه كان قد كتب مقالا خلال فض الاعتصام تحت عنوان شاهد عيان أكد فيه أن الحارس الذي رافقه إلي المستشفي الميداني برابعة العدوية كان يحمل سلاحا من طراز كلاشينكوف مندهشا من أن المعتصمين كانوا يطلقون عليه سلميا، علي الرغم من أنه أبدي تعاطفا كبيرا مع المعتصمين وأكد أن جميع من قتل استقبل الرصاص في وجهه ما عدا شخص واحد فقط أصيب في ظهره وحمل السيسي وقتها مسئولية قتل هؤلاء واللافت أن الصحفي البريطاني كان قد اعترف في مقال له بتاريخ 2-7-2012 أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق هو الفائز الحقيقي في الانتخابات الرئاسية بنسبة 50.7% لكن المجلس العسكري فضل إعلان فوز مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي خوفا من غضب المتظاهرين في ميدان التحرير وهو ما اعتبره تواطؤا بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة وجماعة الإخوان ويبدو أن الكاتب البريطاني لم يستطع مقاومة غريزته الصحفية التي دفعته لكتابة هذا السبق رغم أنه كان قد هاجم المجلس العسكري متهما إياه بأنه أوقع الرئيس الإخواني في فخ ونقل فيسك عن مصدر مطلع قوله إن الرئيس مرسي التقي 4 من قادة المجلس العسكري قبل إعلان نتائج الانتخابات واتفقوا في اللقاء معه علي أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية، بدلا من البرلمان المنحل وهو ما كان يصر عليه قيادات الجماعة التي ينتمي إليها الرئيس السابق.. ولم ينس أن يضع السم في العسل حيث أشار إلي أنه تلقي معلومات وصفها بالصادمة، بأن جهاز المخابرات الحربية غاضب من سياسة بعض أعضاء المجلس العسكري خاصة الأربعة الذين حضروا لقاء مرسي المزعوم، مضيفا أن هناك تيارا يسمي نفسه الضباط الليبراليون الجدد يريدون عمل ثورة مصغرة في داخل صفوف الجيش للتخلص من الضباط الفاسدين حسب قول فيسك ولكن الأيام أكدت تماسك الجيش المصري وكذب مزاعم الكاتب البريطاني.