بقلم د. رفعت سيد أحمد زيارة جديدة لمذكرات موشيه ساسون ثانى سفير لإسرائيل فى مصر * إعادة قراءة المذكرات فى زمن الثورات العربية يؤكد أن حكم مبارك كان هدفه تحويل مصر إلى أداة أمريكية لاختراق الأمن العربى وبيع فلسطين مقابل توريث الحكم * محاولة السفير الإسرائيلى اختراق الشباب المصرى عن طريق مؤسسات وكُتاب أمثال أنيس منصور ، سياسة ثبت فشلها خاصة عندما قام هذا الشباب بثورة يناير التى أزاحت (مبارك) الكنز الاستراتيجى لإسرائيل ! * كلمة السلام التى رددها سفير إسرائيل فى مصر لا تعنى سوى (الحرب) بدءاً من ضرب المفاعل النووى العراقى وقت عمله وحتى ضرب مخازن الصواريخ السورية قبل أيام بالتنسيق مع ثوار الC.I.A من المعارضة السورية الحليفة لقطر وتل أبيب ! اليوم فى مصر وبعد مرور أكثر من عامين ونصف العام على ثورة يناير 2011 ، وبعد عدة اشهر على الموجة الثانية للثورة والتى هبت فى 30\6\2013 لتقتلع حكم الاخوان والسلفين التكفيرين اصدقاء اسرائيل منذ النشأة،نعود لنفتح، ولنفضح ما كان يجرى فى زمن مبارك ، والذى كان يعد خاصة فى مجال العلاقة مع إسرائيل ، بمثابة تفريط كامل فى السيادة الوطنية وفى ثوابت الأمن القومى المصرى والعربى ، وهذه الحال لاتزل كما هى للأسف بعد ثورة كان أحد ركائزها الدعوة لاسترداد الكرامة الوطنية ، ولعل العودة إلى وثائق ذلك الزمن مهمة ومن أبرز هذه الوثائق مذكرات ثانى وأخطر سفير إسرائيلى فى مصر " موشيه ساسون " ، الذى يوصف بأنه المهندس الحقيقى لعلاقات مصر مع العدو الصهيونى بعد كامب ديفيد 1978 ، والمذكرات تحمل عنوان (سبع سنوات فى بلاد المصريين) وخطورتها تأتى مما احتوته من أسرار وحقائق جديدة ، لم يكشف عنه رسمياً فى مصر وفى عالمنا العربى حتى يومنا هذا . والقليل جداً هو الذى تسلل إلينا وعرفناه ، أما الأهم والأخطر فلم نعرفه ، عن قصد وعن عمد قبل النظام السابق الغارق فى تبعيته لواشنطن وتل أبيب، وجاء السفير الإسرائيلى فى مصر (موشيه ساسون) فى زمن السادات ومبارك ، زمن الفساد والتبعية ، ليقدم لنا ما خفى عنا ، وباعتبارى واحداً ممن اهتموا بقضايا التطبيع بين مصر وإسرائيل وصدر لنا عدة أعمال فى هذا الصدد فلقد استفدت كثيراً من الإشراف والمتابعة على الترجمة العربية الكاملة لمذكرات هذا السفير الإسرائيلى " موشيه ساسون " فى مصر والذى امتد عمله فيها من (1981حتى 1988) حيث كانت هذه المذكرات لهذا الصهيونى تعد كنزاً سياسياً معلوماتياً مهماً لدارسى العلاقات مع العدو الصهيونى وللمقاومين للتطبيع أيضاً ، وأصدرت دار الكتاب العربى فى القاهرة ودمشق ، عدة طبعات من تلك الترجمة المتميزة فى بداية التسعينات ، ترى ماذا يقول لنا ساسون وكيف نقرأه بعيون ما بعد زمن التبعية والذل والاستبداد والممتد من 1977 (عندما زار السادات القدس) وحتى 11/2/2011 عندما تنحى مبارك عن حكم البلاد ؟! كيف نستعيد قراءته بعيون ثورة يناير 2011 ؟ . وبداية يهمنا الإشارة إلى أن هذه المذكرات صدرت خلال عام 1992 فى القدس تحت اسم (سبع سنوات فى بلاد المصريين) واحتوت على ثمانية فصول رئيسية والعديد من العناوين الجانبية ، فضلاً عن مقدمة بقلم الصهيونى العتيد / أبا إبيان ويمكن تلخيص أبرز حقائق وموضوعات الكتاب فيما يلى : 1) الحوارات السرية الكاملة بين السادات وموشيه ساسون . 2) الحوارات السرية بين السفير الإسرائيلى – أركان الحكم المصرى حسنى مبارك – كمال حسن على – يوسف والى – ماهر أباظة – عبد الهادى قنديل – عصمت عبد المجيد – صفوت الشريف – وغيرهم . 3) الاتفاقات السرية بين الحكومة المصرية وإسرائيل ودور السفارة الإسرائيلية الهام فى هذا الصدد . 4) النشاطات الخفية والعلاقات الخاصة التى أقامها السفير الإسرائيلى فى مصر خلال الفترة (1981-1988) . 5) عملية اغتيال السادات كما عاشها السفير الإسرائيلى لحظة بلحظة وهو يجلس خلف السادات فى المنصة . 6) تفاصيل الاختراق الإسرائيلى للزراعة والصناعة والثقافة المصرية ودور السفارة الإسرائيلية فى ذلك . 7) رؤية السفير الإسرائيلى لعمليات مقاومة التطبيع المسلحة (سليمان خاطر - تنظيم ثورة مصر) وللعزلة التى عاشها فى مصر من قِبَل نقابات الصحفيين والمحامين والأطباء وغيرها. تلك هى أبرز موضوعات هذه المذكرات ، مع تفاصيل أخرى دقيقة وهامة ، حول هذه المذكرات كان لنا ملاحظات أساسية وقت نشرها فى زمن المخلوع حسنى مبارك ، ونحسب أنها لاتزال قائمة فى زمن الثورات التى اختطفتها والتيارات المحبة لأمريكا والتى ربما عقدت معها صفقات غامضة لتولى حكم مصر وسوريا وليبيا وتونس مقابل التطبيع المستمر مع الكيان الصهيونى ، يعنى إعادة إنتاج حسنى مبارك الصهيونى ولكن بلحية ، وقشرة إسلامية للأسف الشديد ، أما ملاحظاتنا الجديدة فنسجلها فى الآتى : التجسس على السادات (1) إدعاء السفير الإسرائيلى بالتحلى بالقيم فى مسألة عدم التصنت على كابينة السادات فى الطائرة (الفصل الأول) إدعاء ذكى وخبيث ولكن تاريخ ساسون ودولته (إسرائيل) يؤكد على مثل هذه (القيم) فالتصنت والتجسس سمة لازمة لهم ، ونعتقد أن مسألة الكابينة هذه مفتعلة . وأنه بالفعل كان يتجسس على السادات وعلى نظام حكمه برمته بل ومصر ذاتها هكذا كشفت وثائق المركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة خلال الثمانينات والتى أصدرناها فى كتاب لنا يحمل عنوان (وكر الجواسيس فى مصر المحروسة – الملفات الكاملة للمركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة – مكتبة مدبولى – القاهرة – 1993) ، وكذلك ما كشفته أجهزة الأمن المصرية من عمليات تجسس وشبكات تجسس معروفة ونشر عنها فى صحف المعارضة المصرية الكبرى (الأهالى) – (الشعب) – (الوفد) قبل عام 2000 ثم الصحف والإعلام الخاص والمستقل بعد هذا التاريخ !! . أكاذيب وحقائق (2) إن أخطر ما كشف عنه ساسون فى تقديرنا فى الفصل الأول هو هذه الامتيازات الخطيرة التى حصل عليه هو وقومه من جراء اتفاقية كامب ديفيد ولعل أخطرها ذلك التحييد الكامل لأكبر قوة عربية وإسلامية وإيقاف نشاطها المعادى الذى نراه نحن العرب نشاطاً طبيعياً ومتسقاً مع هوية مصر ومصالحها القومية المباشرة ويكفى للتدليل على المكسب الهائل الذى حصلت عليه إسرائيل هو أن السفير الإسرائيلى صار بإمكانه أن يتجول فى القاهرة ويعبر المسافة من حى المعادى حيث يقطن (وحيث لايزال يقطن سلفه الحالى أميتاى) إلى القدس وهو آمن على نفسه ، بل هو قادر على التبجح على التاريخ وإدعاء الانتساب المزور لإبراهيم وموسى (هناك أدلة ودراسات تاريخية موثقة تؤكد أن اليهود الموجودين بفلسطين الآن ليسوا هم يهود إبراهيم عليه السلام ، انظر دراسات د. كمال الصليبى) { إنها ذات الادعاءات بعد ثورات الربيع العربى التى ركبتها – للأسف – تل أبيب وواشنطن !! } . (3) من أهم ما كشفت عنه مذكرات السفير الإسرائيلى (موشيه ساسون) فى الفصل الأول تلك الاتصالات السرية التى كانت تجرى بين رجال الملك فاروق وإلياس ساسون بهدف إقناع الملك بتوقيع سلام مع إسرائيل عام 1948 ، والخطر فى هذا الأمر هو أن هذا العام كان عام الحرب الشرسة التى راح ضحيتها عشرات الآلاف من العرب والمصريين على أرض فلسطين ، ويحتل فيه 70% من فلسطين ويرتكب الصهاينة آباء السفير ساسون حوالى 400 مذبحة ضد الشعب الفلسطينى أشهرها دير ياسين ، فى وقت الجرائم هذا ؛ كان بعض الحكام (نموذج فاروق) يجرون الاتصالات الخفية مع الكيان الصهيونى ، ثم يأتى اليوم من يدافع عن ذلك العهد ، فأى ابتذال هذا للتاريخ ولأرواح الشهداء ؟ . (4) إن اللقاءات السرية للشباب المصرى ، ولأنيس منصور – تحديداً - مع الشباب الإسرائيلى ومع السفير الإسرائيلى كما وردت فى الفصل الأول من الكتاب ، نعتقد جازمين أنها لم تأت بنتيجة طيبة ومرضية لإسرائيل لأن العداء تزايد (نموذج تنظيم ثورة مصر الذى نشأ وتطور فى نفس الفترة التى عمل فيها ساسون بالقاهرة – ونموذج " الشاب " المصرى سليمان خاطر وغيره) فضلاً عن اقتحام ذات الشباب المولود فى أغلبه بعد كامب ديفيد لسفارة العدو عام 2011-2012 وخرقها ، بل مع المقاطعة المنظمة والدائمة حتى اليوم (2013) للنقابات المهنية المصرية وبخطة نقابة الصحفيين التى ينتسب إليها (أنيس منصور ولطفى الخولى وعبد المنعم سعيد وغيرهم من المطبعين) لأية علاقات تطبيعية مع إسرائيل . بل وقام بثورة (يناير) التى أطاحت بمبارك الكنز الاستراتيجى لإسرائيل وفقاً لتعبيراتهم ، من هنا لا تتصور أن هذه اللقاءات قد أتت بنتيجة إيجابية لصالح إسرائيل وهى فى المحصلة مواقف فردية عديمة النفع ، عديمة الأثر ، أما أنيس منصور " وموقفه " فإن الحديث عنه له موضع آخر يتفق وقيمة ما قدمه هو وغيره من أصدقاء إسرائيل فأستحقوا رفض الضمير الوطنى لهم وأن يكتب فى سجلهم التاريخى " كانوا يحبون إسرائيل فى الوقت الذى تقتل فيه أبناءنا " . اختلاق تاريخ صهيونى فى مصر (5) وبالنسبة للفصل الثانى من المذكرات خصصه المؤلف الصهيونى لخلق تاريخ صهيونى له فى مصر ، فإن كان من كلمة تقال بشأن هذا الجزء من مذكرات (ساسون) فهى أن اليهود يحاولون نسبة التاريخ إليهم ، أى تاريخ ، يحاولون إيجاد امتداد لهم رغم حدوث انقطاعات رأسية وأفقية عديدة ، وهم لذلك لا يألون جهداً فى تزوير الوقائع والآثار والوثائق ، بيد أن الحقيقة تظل دائماً أقوى وأخلد ، ومصر التى جابها (موشيه ساسون) طولاً وعرضاً – كما يقول فى هذا الفصل - ولم يجد فيها من آثار يهودية مزعومة سوى (حجر) و70 رجلاً وامرأة وبضعة معابد تحرسها نساء مسلمات ، مصر هذه لم تعرف الوجود اليهودى بالمعنى الذى يقصده (ساسون) إلا كجواسيس على المواطنين فى مصر القديمة (انظر كتابات العالم الأثرى المصرى القدير الدكتور إبراهيم صالح) ، أما موسى عليه السلام ، ومن اهتدى بهديه ، فهو تاريخاً وواقعاً ينتسب إلى الإسلام وإلى أرض مصر ، أما الذين انشقوا وعادوه وكذبوه فهم – حتى بفرض صحة رواية ساسون ومن شابهه من علماء إسرائيل – هم أجداد السفير الإسرائيلى ، وكتب العلماء (ووثائق البحر الميت) التى كشف عنها النقاب أخيراً تؤكد هذه الحقائق . * إذن .... يهود اليوم يعتبرون يهوداً مزيفين ، منقطعى التاريخ أساساً وأى إدعاء غير ذلك عار عن الصحة وبلا سند . ومع ذلك أخطر ما نستشفه من رواية موشيه ساسون فى الفصل الثانى هو أن مصر كانت ولاتزال مفتوحة أمام رجالات السفارة الإسرائيلية وبخاصة فى أواخر عهد أنور السادات الذى يتعبد اليوم البعض من مزورى التاريخ فى محرابه ، رغم تفريطه فى قضايا وأمن الوطن من خلال معاهدة العار مع العدو الصهيونى ، هذا (الانفتاح والاختراق الصهيونى لمصر) غير المنضبط مع التراكم المستمر للتزييف والتزوير للآثار والتاريخ ، يحدث تشويهاً ، وبلبلة أمام الأجيال الجديدة من الشباب العربى والمسلم فى مصر. ومن ثم ينبغى ضبط حركة هؤلاء (الحاخامات) الذين يرتدون زى السفراء فى قلب القاهرة ، ونعتقد أن أجهزة الأمن المصرية خاصة بعد ثورة يناير 2011 ، وبعد أن تعود لها هيبتها وكرامتها التى أفقدها إياها النظامين السابقين(نظام مبارك ونظام الاخوان) ، قادرة على ذلك وهى حريصة بالفعل على مقاومة الاختراق الإسرائيلى لمصر والشواهد الأخيرة تؤكد ذلك . E – mail : yafafr @ hotmail . com