- ناهيا .. بلد التناقضات ومعقل الإسلام المتشدد طريق غير ممهد ..مظاهر فقر واضحة .. عشوائيات فى كل مكان، هذا هو ملخص وصف الطريق إلى قرية ناهيا احد قرى مركز كرداسة بمحافظة الجيزة، فطريقنا لها لم يكن مفروشا بالورود بل بالعكس تماما كان أمر غاية فى الصعوبة والقسوة..بداية المأساة كانت بعد أن علمنا أن الوصول إلى ناهيا لا يكون إلا عبر التوك توك أو الميكروباص فى طريق وعر محفوف بالمخاطر.. وخلال رحلتنا إلى قرية المشاهير تعرفنا على حقيقة المأساة التى يعيش فيها أهالي القرى التى تسبق ناهيا _ المعتمدية، وكفر برك الخيام_ فالقمامة على جانبى الطريق والمصارف الزراعية ممتلئة بالحيوانات النافقة ومخلفات المصانع العشوائية، كما أكد لنا سائق التوك توك والذى يقيم بكفر برك الخيام أن مياة الشرب ممزوجة بمياة الصرف الصحى مما يؤدى إلى انتشار الأمراض بشكل كبير، أضف إلى ذلك انعدام الخدمات الصحية والأمنية وانتشار الفقر والجهل على نطاق واسع مما أدى إلى وقوع أهالي القرية فريسة سهلة فى يد الأحزاب خاصة أيام الانتخابات البرلمانية والرئاسية طول العمر قبل الثورة وبعدها على يد الإسلاميين والحزب الوطنى المنحل فى السابق. وبعد رحلة قاربت لنصف الساعة وصلنا إلى ناهيا وكانت المفاجأة.. فأوضاع القرية الأشهر بالجيزة أصعب بكثير من القرى التى سبقتها، فالطريق الرئيسى للقرية عبارة عن حفر ومطبات ومنازل الأهالي متهالكة والعشوائية مسيطرة على كافة أرجاء القرية، وخلال جولتنا تعرفنا على مدى التناقض الذى تحي فيه البلدة فهناك قصور يجاورها جحور ومشروعات استثمارية عملاقة بجوارها مشروعات بدائية ..وبسؤال الأهالي أكدوا لنا أنا القرية بها عائلات تاريخية هى من تسكن القصور أما معظم أهالي القرية فهم من المعدومين. ناهيا معقل التعصب تعرفنا خلال جولتنا بناهيا أيضا على أن القرية هى معاقل هام لجماعة الأخوان والحركة السلفية، فينتمى لها على سبيل المثال الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة االهارب من العدالة، كما ينتمى لناهيا أيضا عبود وطارق الزمر القياديين فى الجماعات الإسلامية، أضف إلى ذلك نجم الكرة الأشهر فى مصر محمد أبو تريكة ذو الميول الإخوانية إلى غير ذلك من مشاهير الحركات والجماعات الإسلامية، ورأينا أيضا فى حوارى وأزقة ناهيا مظاهر انتشار فكر جماعة الإخوان، فاغلب الجدران عليها عبارات تطالب بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي وتندد بالفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربى وتصف ثورة30 يونيو بالانقلاب العسكرى مع انتشار واسع لصور رابعة العدوية ذات العلامة الصفراء. اشهر مظاهر التعصب الدينى بناهيا يكمن فى المساجد التى يتجاوز عددها العشرين أشهرها مسجد أبو سنة وأبو حجر بشارع ناهيا ومسجد ال ناصر على طريق المريوطية والذى تمكنا من صلاة الجمعة به لنتعرف على مدى التعصب والانحياز لجماعة الاخوان المسلمين ، فخطيب المسجد شدد على أن ما يشهده مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسي ما هو إلا ابتلاء من الله لكى يعلم من يؤيد الحق من عباده ومن يحارب لنصرة الباطل، مؤكدا خلال خطبته التى امتدت لأكثر من نصف الساعة أن الله سينصر أهل الحق إن عاجلا أو أجلا وان تأخر نصرتهم يأتى لمعرفة مدى إيمانهم وتضحياتهم لنصرة الحق، ولم تخلوا خطبة أمام مسجد النصر من شد همم المصلين ودعوتهم للتحلى بالصبر والالتزام بتأييد المعزول مبشرا إياهم بان النصر قريب وان تأخره لا يعنى أن الله قد تخلى عن عبادة المتقين، ضاربا المثل بسيدنا يعقوب عليه السلام حينما دعا ربه بان يرد إليه ابنه سيدنا يوسف عليه السلام فلم تستجاب دعوته إلا بعد ثلاثين عاما" مظاهرات مؤيدة لمرسي تصادف وجودنا بناهيا بعد صلاة الجمعة خروج مسيرة مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي جابت شوارع القرية تطالب بعودة الشرعية والقصاص لشهداء القرية الذين توفوا فى عملية فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة والذي وصل عددهم إلي أربعة وهم "محمود السنديوني، حسن علي الوراقي، مصطفي شيخون، ممدوح سعيد موسي"، اتسمت المسيرة التى ضمت المئات من أهالى القرية بكثرة النساء المنتقباتمن أنصار جماعة الإخوان المسلمين. الأهالي وجدنا صعوبة كبيرة فى أثناء جولتنا بناهيا لإقناع الأهالى الحديث معنا فدائما ما كانوا يتحججوا بان الحديث عبر وسائل الإعلام قد يؤدى إلى أزمات عائلية داخل القرية خاصة إن أهالي القرية يعرفون بعضهم البعض جيدا والكل متعصب لأرائه الشخصية، وخلال جلوسنا على إحدى مقاهى القرية تحدثنا مع مصطفى القهوجى عن مشاكل بلده فأكد لنا أنه من محافظة المنوفية وجاء إلى ناهيا بحثا عن لقمة العيش التى لم يجدها ببلده، وأضاف قائلا : "حال البلد مش حلو كل يوم مظاهرات ومسيرات لبتوع الإخوان والأهالي هنا مش فاهمين حاجة فى السياسية وكلمة توديهم وكلمة تجيبهم "، ونسوا مشاكل القرية الأساسية فالطرق زى ما أنت شايف مكسرة ومياة الشرب غير نظيفة بالمرة والصرف الصحى يعتبر مش موجود ومش بنلاقى رغيف العيش المدعم منذ سنين، وأشار مصطفى القهوجى أن ناهيا حاله واقف بسب السمعة السيئة اللى طلعت علينا بعد مذبحة مركز شرطة كرداسة فالناس كلها بتقول علينا إرهابيين وبلطجية". أما محمد احد بائع الفاكهة بمدخل البلد فاشتكى الفقر والمرض الذى يعيش فيه أهالى قريته طول العمر، مؤكدا أن الأهالي اشتكوا كثيرا للمسئولين إلا أن احد لم يجبهم وتدهورت الأمور يوما تلوا الأخر ولم يعد هناك من يحل مشاكل البلد، وأشار لنا إلى المصرف الزراعى الذى قد امتلئ بالقمامة والحيونات النافقة والذى يتسبب فى كثيرا من الأمراض لأهالى القرية بشكل يومى، نفس الأمر تكرر بشان تمهيد طريقى ترعة المريوطية وطريق ناهيا بولاق الدكرور فلم يجبنا أحد حتى الحكومة منعت اتوبيس ناهيا من العمل بسب سوء الطريق"، أما محمود احد سائقى عربات النقل فعبر لنا عن ماساته قائلا"أنا أب لثلاث أطفال كنت اعمل سائق لسيارة نصف نقل أما الآن اجلس بالمنزل منذ أكثر من شهرا لا أجد عملا خاصة بعد أحداث مذبحة مركز شرطة كرداسة، فعندما اذهب لعملى وتستوقفنى أى دورية أمنية وبمجرد أطلعها على بطاقتى الشخصية ومعرفة أنى من ناهيا يعاملوني بشكل جاف جدا ويصفونى بالإرهابى والبلطجى عشان فى ناس من هنا اتهموا بتنفيذ مجزرة كرداسة مما أدى إلى توقف عملى بشكل تام وانقطاع مصدر رزقى الوحيد الذى لا يوجد لنا سواه الآن. عم محمد صاحب سيارة ملاكى من أهالى ناهيا ضيق الحال جعله يستخدم السيارة فى نقل مواطنى ناهيا إلى القرى المجاورة بالحديث معه قال لنا: أحوال الأهالى هنا صعبة أوى ..مصدر الرزق الأساسي ليهم الزراعة التى بدأت فى الانهيار لان المصارف أغلقت وتعفنت بسب إلقاء القمامة ومخلفات المصانع الموجودة فى أبو رواش وغيرها من القرى المجاورة فيها، إضافة إلى أن قمامة البلد هنا كلها بتترمى برضو فى المصرف والفلاح مقدموش مجرى مائى تانى غير دة لكى يروى أرضه منها، ولذلك فجميع المحاصيل قائمة على هذه المياة الملوثة مما يتسبب فى انتشار الأمراض، كذلك يقوم بعض أهالى القرية والقرى المجاورة براعية أغنامهم على تلك المصارف والقمامة المتواجدة فى البلد، مضيفا : أحوال البلد متصلحتش لا قبل الثورة ولا بعدها ولا فى عهد الإخوان ولا غيرهم كل واحد بيمسك منصب همه على نفسه خاصة أعضاء مجلس الشعب يستغلوا الفراء اللى هنا الناس وبعد ما يوصلوا لكراسيهم منشوفش وشهم تانى، مؤكدا أن الأهالى اشتكوا كثيرا للمسئولين لكن احد لم يجبهم والحال من سئ إلى أسواء.