ما تشهده سيناء في الوقت الحالي من مواجهة عنيفة بين عناصر مسلحة والجيش المصري الذي يحاول الدفاع عن الأرض المصرية، يؤكد أن هناك أسباباً قوية تدفع هذه العناصر المسلحة وأولها حماس لخوض هذه الحرب ضد الجيش المصري ومحاولة استهداف عناصره. كثير من المحللين يرون أن هناك رابطاً وثيقاً بين ما يحدث في سيناء حاليا وبين الخطوة التي اتخذها الجيش المصري بالإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي بموافقة الشعب المصري، حيث إن الرئيس السابق كان قد أمّن لحماس التواجد السهل علي الأراضي المصرية دون محاسبة وشهدت سيناء في عهده حالة من الانفلات الأمني لم تشهدها من قبل وزاد عدد أنفاق التهريب بشكل ملحوظ. كانت مصادر سيادية رفيعة المستوي قد كشفت أن زوجة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد الأول قد طلبت من حركة حماس أكثر من مرة، تنفيذ ما اتفقوا عليه مع الشاطر، عقب عزل محمد مرسي مباشرة، باستهداف المنشآت العسكرية وقناة السويس والاستحواذ علي سيناء ومنع وجود الجيش بها ، مقابل توفير المال والسلاح للكتائب المسلحة ومنحها جزءاً من سيناء. وأضافت المصادر أن زوجة الشاطر تواصلت مع إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس، أكثر من مرة عقب القبض علي الشاطر الذي أمد حماس بمعلومات ومستندات وخرائط وصور منشآت عسكرية وطالبهم باستهدافها، واستعملت خطوطاً وهمية في اتصالاتها مع قيادات حماس وتواصلت مع محمود عزت أكثر من مرة وطالبته بمواصلة الجهاد وشن المزيد من العمليات. وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد قالت في تقرير لها إن الجيش المصري قام في الأيام الأخيرة بقتل عشرات من رجال حماس في سيناء، فيما نقلت عن مصدر في الجيش المصري، أنه تم اعتقال 45 من نشطاء الحركة، بالإضافة إلي 200 من المسلحين. وأضافت أنه بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، بدأت حماس في تأجيج الوضع الأمني في سيناء، مؤكدة أن عناصر حماس يتعاونون مع عناصر الجهاد في سيناء، ويدخلون عن طريق الأنفاق لتنفيذ العمليات ويخرجون بعدها. وكان مصدر أمني إسرائيلي قد صرح بأن هناك معلومات مؤكدة بوجود خلايا مسلحة تنوي تنفيذ عمليات إرهابية في سيناء للانتقام من الجيش بعد إسقاط مرسي.. وأضاف المصدر أن هناك معلومات موثوقة جدًا تفيد بأن عدة خلايا مسلحة تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين المصريين وتنظيمات تابعة للقاعدة وحتي تنظيمات لحركة حماس الفلسطينية انطلقت من مخابئها في سيناء لتنفيذ عمليات إرهاب تستهدف إحداث فوضي عارمة في شبه الجزيرة، لضرب هيبة القوات المسلحة المصرية وللانتقام من إسقاط الرئيس محمد مرسي، ولكن هذه القوي تعرف أن نشاطاتها ضد الجيش المصري تلحق بها الأضرار في الشارع المصري ، لذلك تحاول إحداث توازن عن طريق المساس بإسرائيليين. وبحسب بيان إدارة الشئون المعنوية التابعة لوزارة الدفاع، فإن عناصر حرس الحدود في الجيش الثاني الميداني في نطاق مسئوليتهم بالتعاون مع عناصر من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كانوا قد أحبطوا محاولة لتفجير أحد أبراج المراقبة بحي البرازيل غرب خط الحدود الدولية بمسافة 20 متراً بمدينة رفح، بعد اكتشاف أحد الأنفاق الحدودية أسفل نقطة المراقبة، كان العناصر الإرهابيون المسلحون قد زرعوا فيه 3 عبوات ناسفة تحتوي علي 150 كيلوجراما من المواد المتفجرة، ومجهزة بدوائر كهربائية للتفجير عن بعد متصلة بقطاع غزة بطول أكثر من 800 متر. وقد أوضح المتحدث العسكري أن عمليات رصد عناصر الجيش المصري اكتشفوا أسلاكاً متصلة بدوائر الكترونية مثبتة عليها قنابل مختلفة الأنواع علي طول الشريط الحدودي بين مصر وغزة، وأن عمليات التحكم في هذه الدوائر والمتفجرات موجهة من جانب قطاع غزة، بما يعني أن هناك عناصر تابعين لحركة حماس يعملون علي استهداف كمائن الجيش المصري. وجهت القوات المسلحة تحذيرا شديد اللهجة علي لسان متحدثها الرسمي العقيد أحمد محمد علي لحركة حماس وجناحها العسكري ومجموعات السلفية الجهادية بالكشف عن مخطط تفجير الشريط الحدودي ووضع ألغام ومتفجرات أسفل معبر رفح ونقاط التفتيش وأبراج المراقبة انتظارا لصدور الأوامر من قيادات التنظيم الدولي للإخوان، وتوغلت المدرعات المصرية داخل قطاع غزة محمية بقضبان الصلب المضاد للأسلحة الثقيلة ومحملة بقوات خاصة من الشرطة بالإضافة إلي أطقمها العسكرية في رسالة واضحة بملاحقة مراكز القيادة والعمليات الإرهابية داخل الأراضي الفلسطينية. ورغم نفي حماس لعلاقتها بما يحدث داخل سيناء لكنها ردت في نفس الوقت باستعراض عسكري ظهرت خلاله صواريخ سام 7 المضادة للطائرات في سعي واضح لاستفزاز قوات الجيش المقاتلة في سيناء. وكانت تقارير قد أكدت أن طائرات من الجيش المصري قامت باختراق المجال الجوي بغزة مرتين خلال الشهر الماضي بهدف توصيل رسالة لحماس ،ورغم أن الجيش المصري لم يعلق علي هذه التقارير إلا أن مصادر إسرائيلية علي رأسها موقع دبكا الوثيق الصلة بالمخابرات الإسرائيلية أكدت أن برج المراقبة الإسرائيلي أجري اتصالا بقائد الطائرة المصرية التي اخترقت المجال الجوي لغزة ليخبره بأنه في المنطقة الخطأ إلا أن القائد أبلغه أنه يعلم موقعه. وفي بيان آخر للجيش تم التأكيد علي أن وجود حدودنا مع قطاع غزة يشكل تهديدا خطيرا للأمن الوطني خاصة مع وجود منازل بها أنفاق يتم من خلالها تهريب السلاح. وأضاف البيان أن أي منشأة تري القوات المسلحة أنها تهدد الأمن الوطني سيتم إخلاؤها تماما مع تعويض أصحابها عنها. ولفت إلي أن هناك تعاونا لجماعات مسلحة وإرهابية في سيناء مع نظائرها في قطاع غزة مثل حماس ينفذون هجمات إرهابية في سيناء موضحا أن مثل هذه الجماعات تري أن من يعمل في الحكومة هم عناصر كافرة ويجوز قتلهم ويحلمون بإعلان خلافة لهم في سيناء. ولم يستبعد مصدر أمني موثوق أن يوجه الجيش المصري ضربات لعناصر إرهابية خارج الحدود إذا استدعت الضرورة من أجل حماية الأمن القومي ،مؤكدا أن حركة حماس هي التي تدعم كل أعمال الإرهاب والعنف التي تشهدها شبه جزيرة سيناء حاليا حيث إن أسلوب تنفيذ عمليات من خلال السيارات المفخخة وزرع المتفجرات بالقرب من الوحدات العسكرية والشرطية هو أسلوب الحركة في تنفيذ العمليات. وأضاف المصدر أن الجماعات المسلحة حصلت علي السلاح عن طريق حركة حماس أو ليبيا خلال العام الذي تولي فيه محمد مرسي منصب الرئيس. وكان المتحدث العسكري العقيد أركان حرب أحمد محمد علي قد ذكر في مؤتمر صحفي أنه تم العثور علي قنابل يدوية بعضها مدون عليه كتائب القسام إلا ان حركة حماس نفت عن طريق متحدثها إيهاب الغصين جميع الاتهامات التي وجهها المتحدث العسكري للحركة ،زاعما أنها تفتقر للمعلومات والبيانات الصحيحة. وقال إن وزير الداخلية في غزة أجري فحصا وتحريا دقيقا مع فصائل المقاومة حول الموضوع والتي أكدت بدورها أنه ليس في أجندتها أو أدبياتها العمل ضد الجيش المصري. ودعا الناطق باسم الحكومة المقالة، إلي إيجاد آلية واضحة ومعتمدة للتواصل والتفاهم وضبط الحدود لإزالة كل آثار الاحتقان والتوتر، وفتح معبر رفح المغلق مع غزة ومن جانبه اعتبر يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس وزراء حكومة حماس أن العمق الجغرافي والتاريخي بين البلدين يحول دون إمكانية هجوم الجيش المصري علي غزة. واتهم رزقة أحد الأطراف الفلسطينية المحسوبة علي حركة فتح بالوقوف وراء الترويج لاحتمال مثل هذا الخيار لإقحام غزة في أحداث مصر الجارية وقال إن هذه الشائعات تحرض الجيش والقيادة المصرية علي حماس، وتخلق أجواء عدائية، بهدف الاستقواء علي غزة، وشن هجوم عليها، وردع المقاومة. وذكر رزقة أن الحكومة تجري اتصالات مستمرة مع جهاز المخابرات المصرية، وشخصيات مثقفة من أجل دحض كل التسريبات الإعلامية، التي تتحدث عن تدخل حركة حماس في الشأن المصري. وأضاف أن الاتصالات لم تنقطع مع الجانب المصري حتي الآن، لكن يبدو أن هناك شيطنة لحماس تزامنت مع شيطنة الإخوان المسلمين بمصر تديرها عناصر فلسطينية لها ارتباطات بالسفارة بالقاهرة والأحزاب الموالية للنظام الجديد. ومن جانبها أكدت حكومة حماس في قطاع غزة أن فصائل المقاومة لا يمكن أن تستهدف مصر لا في أراضيها أو شعبها ولا في جيشها ولا سيادتها, معلنة رفضها القاطع لجميع الاتهامات التي وصفتها بالباطلة التي توجه إلي قطاع غزة من قبل جهات رسمية وغير رسمية. ورغم ذلك فإن خطاب حماس تميز بالتناقض حيال الجيش المصري الأمر الذي دفع السفير المصري في فلسطين ياسر عثمان لمطالبة حركة حماس بضرورة أن يكون خطابها واحدا تجاه مصر، قائلا "يوجد أكثر من خطاب في نفس الوقت فمصر تتلقي من المسئولين بالحركة خطابات متناقضة في نفس اليوم بشأنها ففي حين جاء بيان حكومة حماس بغزة من قبل وتضمن إشادة بالجيش المصري قام مسئول بالحركة في نفس اليوم بتوجيه اتهامات باطلة للجيش المصري بأنه هو من يقوم بحفر الأنفاق علي الحدود وتلغيمها بغية إلصاق التهمة لحماس". يذكر أن الخلافات بين الجيش المصري وحماس بدأت منذ عهد الرئيس المعزول محمد مرسي حيث قرر الجيش المصري إغلاق الأنفاق المؤدية إلي غزة في أعقاب عملية رفح في أغسطس من العام الماضي والتي راح ضحيتها 16 من الضباط والجنود المصريين إلا أن وجود مرسي في أعلي منصب سياسي لمصر كان يعطي الحركة الغطاء السياسي لتوطين عناصرها في سيناء والوقوف أمام الجيش المصري لعدم تنفيذ خطته بهدم الأنفاق بشكل كامل.