تحققت سريعاً رؤية الجنرال المصري الذي أعاد رسم الخريطة العربية والدولية ونجحت رؤيته علي كافة المستويات، وانعكس الموقف من أمريكا علي أرض الواقع ليشهد العالم العربي حدثاً تاريخياً غير متوقع في شكل العلاقات العربية-العربية، ووقف العالم كله يستمع إلي العاهل السعودي وهو يلقي بكلمة ستظل خالدة لسنوات في سجلات التاريخ العربي، خاصة أن العاهل السعودي لم يكتف بكلمته التي أوضح فيها تأييده لمصر في ظل الأحداث التي تمر بها علي يد عصابة الإخوان والسلفيين الذين حولوا شوارع مصر إلي ساحة قتال.. لكنه وفي مشهد يعيد للأذهان ما قامت به المملكة العربية السعودية أثناء حرب أكتوبر 1973 حرك الآلة الدبلوماسية السعودية في الولاياتالمتحدة وفي دول الاتحاد الأوروبي ليعزز من أثر كلمته ولكن هذه المرة خلف الغرف المغلقة وبصورة سرية بعيداً عن الإعلام. فقد تلقي عدد من رؤساء الوزارات بدول الاتحاد الأوروبي خلال اليومين الماضيين رسائل شفهية من السفراء السعوديين في دولهم تفيد بأن المملكة العربية السعودية تجد أنه قد يكون من الصعب عليها أن تستمر بنفس طاقة الإنتاج النفطي التي تحافظ عليها حاليا من أجل رخاء الغرب بينما تتكتل الدول الغربية خلف الولاياتالمتحدةالأمريكية لإحراق مصر والقضاء علي السند الاستراتيجي للمملكة في المنطقة، وأوضح السفراء أن السعودية تتشكك في النوايا الغربية تجاه المملكة ودول الخليج بعد أن تفرغ من مصر حيث تري السعودية أن مصر قد تكون المحطة الأخيرة قبل أن تنقل الدول الغربية تحت قيادة الولاياتالمتحدة نشاطها صوب المملكة. وأكد السفراء أن ما تحدثت عنه دولة الإمارات من مؤامرة علي استقرارها يقودها الإخوان المسلمين وما عانته الكويت خلال الفترة الماضية مع الاتجاهات الإسلامية المتشددة التي كادت تحول أراضي الكويت هي الأخري إلي ساحات قتال يجعل من الشكوك السعودية والخليجية مستندة إلي أساس واقعي لمخاوفها خاصة أن ما تراه المملكة علي الأرض هو انحياز أمريكي غربي كامل لتيار الإسلام السياسي في مواجهة الدولة المصرية بينما تشكو الدول الخليجية من رصدها لمحاولات تجنيد وممارسة إرهاب علي أراضيها عن طريق نفس الجماعة التي تدعمها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي في مصر وتونس وغيرهما. أما الرسالة للولايات المتحدة، فكانت أكثر وضوحاً عندما أوضح السفير السعودي أن بلاده رصدت خلال عامين دعماً أمريكياً غير مسبوق لفصيل إسلامي متطرف ثم أصبح الأمر أكثر إثارة للقلق مع ما تمارسه أمريكا من ضغوط علي الدولة المصرية لصالح جماعات العنف المسلح مع التهديد المستمر بقطع المعونات العسكرية عن المصريين بينما تتناسي الإدارة الأمريكية أن ما يحفظ للعملة الأمريكية وضعها في الأسواق العالمية هو استثمارات الخليج في سندات الخزانة الأمريكية والتي تعد السعودية مع دول الخليج هي أكبر المشترين لها رغم قيام أمريكا من قبل بتخفيض قيمة عملتها في عقود ماضية مما أفقد استثمارات الخليج جزءاً من قيمتها وهو ما تفهمته دول الخليج وقتها لكنها تعجز عن تفهم تهديدات الولاياتالمتحدةالأمريكية حالياً لمصر والتحركات المريبة تجاه تدويل الشأن المصري. وأوضح السفير السعودي أن السعودية قادرة علي ممارسة دورها في المنطقة حتي لو أدي ذلك إلي تصادم مع مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية التي استفادت كثيراً من عائدات النفط الخليجي وأنعشت خزائنها استناداً إلي ما حصلت عليه ضمن حرب الخليج وأن رفع بضع سنتات في سعر برميل النفط قد يوفر لدول الخليج فرصة لدعم مصر بأكثر من أموال المعونات الأمريكية التي قدمتها الولاياتالمتحدة منذ بداية العلاقات المصرية-الأمريكية وحتي الآن. التحركات والتصريحات السعودية والخليجية أصابت أسواق الأسهم في العالم بحالة من الاضطراب خاصة سوق النفط فشهدت البورصات العالمية حالة من اضطراب سعر النفط الخام علي خلفية التحركات السعودية والخليجية لم يخفف من أثره سوي أن التصريحات جاءت قبل ساعات قليلة من موعد الإجازة الأسبوعية للبورصات العالمية لكن من المنتظر أن تشهد الجلسات الافتتاحية منتصف ليلة "الأحد" بتوقيت القاهرة والجريدة ماثلة للطبع اضطراباً في أسعار النفط وتراجعاً للدولار الأمريكي واليورو في مواجهة باقي العملات وهو ما قد يمثل للبعض فرصة لتحقيق مكاسب طائلة في حالة المضاربة علي سعر النفط خلال نفس الأسبوع بينما من المنتظر أن يتجه المضاربون إلي المضاربة علي أزواج العملات في مواجهة الدولار الأمريكي واليورو المتوقع أن يحقق خسائر واضحة في مواجهة الين الياباني وعملاق شرق آسيا بما فيها الدولار الاسترالي. وفي الإمارات لم يكن الموقف أقل شجاعة ونبلاً، فقد رفض الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات طلباً شخصيًّا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتأخير وصول المساعدات المالية والنفطية لمصر لأنها ستؤثر علي إمكانية بقائه في منصبة لاستكمال فترة رئاسته إذا ما لم تخضع مصر لضغوطه التي يمارسها حالياً للحصول علي أي مكاسب تكتيكية تدعم موقفه أمام الكونجرس الأمريكي الساخط عليه، لكن رئيس الإمارات رفض الطلب بهدوء مؤكداً له أنه طلب غير مبرر ولا يمكن الالتفات إليه وسأله إن كان الطلب هو طلب شخصي أم رسمي فأجاب أوباما بأنه طلب شخصي من رئيس قدم الكثير للإمارات فأوضح الشيخ خليفة لأوباما بأنه يمكن أن يحاول مع السعودية والكويت معقباً بأن البلدين الخليجيين تربطهما علاقات حميمة بمصر وخاصة الجيش المصري الذي حارب علي أرضهما دون مقابل سخي كالذي تلقته القوات الأمريكية. أوباما أوضح لرئيس الإمارات أنه يدرك التوجه الخليجي الجديد نحو روسيا محذراً بأن ذلك التوجه غير مأمون العواقب لكن رئيس دولة الإمارات عقب علي التهديد المبطن قائلاً: إن الاقتصاد الأمريكي يتحرك ببترول خليجي وأنه يعلم أن الخليج لن يشرب بتروله لكن في نفس الوقت فإن حاجز ال106 دولارات للبرميل الذي وصل إليه البترول يمكن أن يعطي الرئيس الأمريكي فكرة عن قدرة الخليج في التأثير علي اقتصاديات بلاده وتوسعها الإمبراطوري قبل أن يختتم محادثته معه مؤكداً أن المساعدات التي يطالبه أوباما بتأخيرها تمثل الدفعة الأولي فقط في المساعدات التي ستقدمها الإمارات لمصر. في السياق نفسه، لم تتوقف صحيفة «وول ستريت» للحظة عن تحذير الرئيس الأمريكي من مغبة انتصاره للإسلاميين في مصر وحذرت كثيراً بأن الوضع الخاص لمصر التي يمر جزء كبير من بترول العالم عبر قناتها يجعل منها متحكماً فعليًّا في أسعار البترول فأي اضطراب يحدث فيها أو علي ضفاف القناة يرفع أسعار البترول بالتوازي مع حالة الفوضي في مصر لكن تحذيراتها الأخيرة تحولت إلي لوم واتهام لأوباما بعد كلمة العاهل السعودي التي انحاز فيها تماماً للجانب المصري وهو ما ظهر جليا علي توقعات العقود الآجلة للبترول والتي يتوقع سماسرة البورصة أن تتجاوز المائة وعشرة دولارات للبرميل بزيادة قدرها أكثر من أربعة دولارات عن السعر السائد خلال الأسابيع الثلاث الماضية. وسخرت «وول ستريت» من أوباما عندما قالت إنه يهدد المصريين بمنع المعونة الأمريكية لمصر بينما هو فعليًّا يمنع المعونة المصرية لشركات السلاح الأمريكية في امتداد لنظرته الاقتصادية التي تؤثر سلباً علي حالة الاقتصاد الأمريكي، وزادت «وول ستريت» من سخريتها وهي تقول إنه يبدو أن أوباما قد تحول إلي كنز بالنسبة للخليج فقد تسبب في زيادة سعر منتجهم الوحيد وهو البترول عدة مرات خلال أقل من شهر وتسبب في ضرر بالغ للاقتصاد الأمريكي وحتي عندما حاول السيطرة علي حالة السعر المرتفع للبترول فإنه دفع بشركات النفط الأمريكية لبيع بترولها بصورة مطردة في محاولة للسيطرة علي الأسعار لكنه أضاف عبئا جديدا اليوم عندما استفز المصريين ومن بعدهم السعوديين وهم من يقودون الدول الخليجية في النهاية، وقالت «وول ستريت»: إن أوباما علي ما يبدو يصر علي عدم إكمال فترته الرئاسية فهو يضحي حتي بالاقتصاد الأمريكي لإنقاذ تحالفه غير المبرر مع الإسلاميين في الشرق الأوسط. إن مصر التي ولدت من جديد لم تتطهر فقط من مرحلة حكم الإخوان المسلمين الذين رصدنا تجاوزاتهم وأخطاء رئيسهم من أول لحظة وصل فيها إلي قصر الرئاسة لكن مصر تدخل مرحلة البناء الحقيقي وهلت تلك البشائر بفشل محاولات الإرهاب الإخواني تخريب مصر فيما سمي بجمعة الغضب وتواصلت مع أول مؤتمر رئاسي أبهر العالم بفضل قدرات مصطفي حجازي مستشار رئيس الجمهورية للشئون السياسة والذي عقد مؤتمراً صحفيًّا عالميًّا مشرفاً لدحض أكاذيب جماعة الإخوان ووسائل الإعلام المغرضة.. إن مصر خطت خطواتها الأولي بفضل من الله الذي حفظها وحفظ أهلها وذكرها في كتابه الكريم وتولاها برحمته ورعايته بأن أهدي إلي شعبها قائداً جديداً لجيشها العظيم يمتلك الرؤية وقوة الإرادة ومنحه الله القدرة علي إعادة لم شمل العرب مجدداً حول أرض الكنانة وشعبها العظيم الذي صبر طويلاً وتحمل الصعاب والأحزان وها هو الله سبحانه وتعالي يكتب لهذا الشعب ميلاداً جديداً نتمني من الله سبحانه وتعالي أن يكتمل وأن يعيد مصرنا إلي مجدها وحضاراتها وكرامتها.