في مصر لا القوانين تحمي المغفلين ولا الحكومات تحمي المواطنين، ومخطئ من ظن يومًا أن رديف النظام السابق يمكن أن يأتي على يديه إصلاح، فإن كان بعض الظن إثمًا، فإن حسن الظن في حكومة الجنزوري كان أعظم إثم اقترفناه، وردت حكومته الجميل للمخدوعين بتسلطهم علينا وكبرهم وعنادهم وتخطيطهم لإجهاض الثورة وتجريف البلد قبل تسليمها لمن بعدهم، هذه الحكومة لم تكن إلا فخًّا من المجلس العسكري وجنينًا مشوهًا أشرف على ولادته- للأسف- الإسلاميون وبعض القوى السياسية تحت شعار "اصبر على جار السوء" وتمسكًا بخارطة الطريق، ووهم الاستقرار الذي لا يزال سرابًا نلهث خلفه ولا نراه، ولا يزال المجلس العسكري يرفع شعار (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر: من الآية 29)، هذا الشعار الذي أدخلنا نفقًا مظلمًا لا نستطيع الخروج منه منذ أن استفتانا على 6 مواد فأصبحت 66، وليصدر بعد ذلك قانون انتخابات الرئاسة بما فيه من عوار يتمثل في المادة 28 والتي تنص على تحصين لجنة الانتخابات الرئاسية ووضعها فوق القانون وحظر أي طعن قضائي على قراراتها، ثم قانون حماية الفساد رقم 4 لسنة 2012، والذي ينص على حماية اللصوص متى قاموا بسداد قيمة ما سرقوه بسعر وقت السرقة!!. فيا حبيبي كل شيء بقضاء وبأيدينا ظهرنا بلهاء منذ أن بلعنا "طعم" وزارة الجنزوري وصلاحياته غير المحدودة وتصريحاته العنترية، فإذا بنفس فخ عصام شرف يتكرر من جديد إلا أنه هذه المرة بصورة أسوأ، فالأمر لا يتوقف عند ضعف الأداء وعشوائية القرارات بل انتقل إلى مرحلة التخريب المتعمد ومحاولة إجهاض ما تبقى من الثورة، وكأنها تقوم بالدعاية لمرشح رئاسي تابع لنظام مبارك وأوشكت والله أن تحقق هدفها وذلك بافتعال الأزمة تلو الأخرى، فمن شح البنزين والسولار إلى اختفاء البوتاجاز وارتفاع سعر الأنابيب إلى أرقام فلكية، إلى جانب أزمة الرغيف وانفلات الأسعار والانفلات الأمني وأزمة المرور، وفوضى الشوارع وسيطرة الباعة الجائلين على الأرصفة ومحطات المترو، ثم مافيا استيراد الأغذية الفاسدة، وتجريف الأراضي الزراعية تحت سمع المسئولين وبصرهم، والتراخي في تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور وإبعاد المستشارين الذين يحصلون على الملايين من خزينة الدولة، والتراخي الشديد أيضًا في التعامل مع ملف الأموال المهربة والأراضي المنهوبة، وحتى الآن لم يحدث أي تغيير يذكر في هيكلة وتطهير الداخلية بل إن كلمة تطهير نفسها تزعجهم رغم أنها أقل كلمة تناسب طريقة التعامل مع الفساد المزمن في هذه الوزارة. تركت الحكومة كل ذلك وسعت بجدية تحسد عليها للاقتراض من صندوق النقد الدولي قبل البحث عن مصادر أخرى لسد عجز الميزانية كالصناديق الخاصة وغيرها، كل هذا يؤكد فشل هذه الحكومة في إدارة البلاد حتى بدأ الناس يكفرون بالثورة ويرددون "ولا يوم من أيام مبارك".. فيا إخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء/ منحدرين في نهاية المساء/ لا تحلموا بعالم سعيد.. فخلف كلّ قيصر يموت: قيصر جديد... وكل ثورة وأنتم بخير. نقلا عن إخوان أون لاين