أ لعاب صغيرة.. هذا هو ما تفعله حاشية المرسى. اخترعت الحاشية معركة عودة البرلمان، وسرّبت ميليشيات البروباجندا لتحسبها «ضربة معلم» فى طريق إزاحة العسكر وإعادتهم إلى الثكنات. اللعبة لم تفشل فقط وكانت أصغر من أى توقُّع واحتمال، لكنها شقَّت صف القوى الرافضة لحكم العسكر أو عودة دولتهم التنكرية كما كانت فى الستين عاما. القوى المناهضة للعسكر أربكها موقف المرسى... هل هى صحوة باتجاه الثورة أم حركة إخوانية معتادة من أجل الحفاظ على غنيمة البرلمان؟ هل نؤيد المرسى وندعمه ضد العسكر أم أن المرسى سيعيد سيناريو البيع الإخوانى المعتاد؟. أسئلة شقت صف القوى المناهضة للعسكر، خصوصا بعد طوفان التخوين الإخوانى والمزايدات التى كان أغلبها مبتذلا ورخيصا. هنا عاد الاستقطاب ولم يعد البرلمان، وظهر واضحا أن المرسى لم يكن هدفه تأسيس قواعد دولة مدنية ولكن استعادة الغنائم الإخوانية. لعبة صغيرة انسحب بعدها الإخوان من الميدان ومن كل ساحات مواجهة العسكر وأهمها المحاكمات العسكرية والمعتقلون فى السجون الحربية. اللعبة الصغيرة استخدمت وسائل أصغر للحفاظ على الغنيمة الإخوانية فكان انعقاد البرلمان يوما واحدا فقط لإحالة صحة العضوية من «الدستورية» إلى «النقض»، وهو ما أظهر عدم دراية فاضحا بالقانون أو الدستور، وأظهر أيضا تركيز الخبراء فى لىّ القانون أو استخدامه فى معارك غير معلنة. الغريب أن المزايدة الإخوانية ما زالت مستمرة لإثبات أن المرسى قائد فى معركة ضد العسكر رغم أنه لم يتحرك أبعد من خطوة استعادة الغنيمة والحفاظ على بقيتها المتمثلة فى لجنة الدستور. كل المحاولات الآن لتحصين لجنة الدستور التى شُكِّلت برعاية العسكر ومؤامرة الاستفتاء الشهيرة فى 19 مارس2011، لكن الإخوان يستغلون كراهية العسكر للإيحاء بأن استعادتهم للغنيمة هو انتصار ضد العسكر تُحشد من أجله القوى المدنية ويُخوَّن من يناقض لجنة الكوميديا الدستورية التى تتعامل كما لو كانت مندوبية احتلال يفرض شروطه على بلد محتل. المرسى إذن لا يهمه تأسيس سلطة رئاسة مدنية، لكنه يؤسس للغنيمة الإخوانية، وهذا يتطلب استعادة صورة الضحية، فيكون الرد على أى نقد: وماذا يفعل من دون صلاحيات...؟ ويبدو أن مفهومه للصلاحيات يقتصر على مهمة استعادة الغنيمة، حتى لو كانت ضد القانون الذى دخل به قصر الرئاسة. هذا الوضع الرئاسى يعيد المتاهة إلى أولها، وستعمل فيه ماكينات التخوين الشهيرة بتساوٍ بمنتهى الابتذال بين البرادعى وعكاشة لأنهما انتقدا قرارا للمرسى... وهناك فرق كبير بين الموقف المؤسَّس على فكرة وبين مرتزقة الأنظمة.. وطبيعى أن يختار الإخوان العكاكشة لأنهم أسهل فى الحرب.. وهذه هى المتاهة التى يقودنا إليها حاشية المرسى أو المرسى نفسه أو الجماعة التى تريد الحكم من خلال المرسى. أى جهة من هؤلاء إذا أرادت تجنيبها حروبا باردة أو دموية أحيانا عليها أن تلتفت إلى الحكم وإدارة شؤون الدولة... وهذا حق المنتخب وحقه على المجتمع كله بمعارضته قبل أنصاره. أما بناء الجمهورية الجديدة فهذا شأن آخَر... ليس غنيمة للأغلبية ولا لأى تيار آخَر... إنها وديعة المستقبل وعقد بين الدولة وأفرادها لا يمكن أن يُترك فقط لشروط واقعية هى من صنع نظام مبارك بامتياز. بناء جمهورية جديدة لا يحتاج إلى قانون الأمر الواقع وفرد العضلات... إنه هندسة لأحلامها فى دولة تمنح فرصة لسعادة كل فرد فيها... كل فرد له حقوق لا مظالم ولا منحة من الأغلبية. هذه قواعد تختلف طبعا مع طبيعة الغنيمة. يستحق المرسى الحكم بعد أن فاز فى انتخابات وُضعت برعاية العسكر ومَن تَحَالَف معه. يستحق الحكم والدعم فى عبور المرحلة الانتقالية الثانية.. لكن الدخول بالدولة كلها وجسدها الكبير كله من أجل استعادة الغنائم فهذا مشوار قصير جدا. على المرسى وحاشيته وجماعته أن يرحمونا من ألعابهم الصغيرة والتركيز فى إدارة البلاد... خذوا الفرصة كاملة.. لكننا لسنا غنيمتكم