ذكر التقرير الشهري الذي تعده شركة «بيتك للأبحاث»، التابعة لمجموعة بيت التمويل «بيتك»، ان تراجع متوسط أسعار النفط لأقل من 100 دولار للبرميل خلال الفترة الأخيرة، يثير القلق في أوساط سوق النفط العالمي، لاسيما مع وجود العديد من المؤشرات السلبية التي تخيم على الأسواق وتثير الشكوك بشأن بقاء استمرار ارتفاع الأسعار، أبرزها تفاقم أزمة الديون في بعض الدول الأوروبية، وتباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي، فضلا عن ارتفاع المخزون لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية، لافتا في هذا الصدد الى تراجع الاستهلاك الشهر الماضي. وتوقع التقرير ان يبلغ متوسط سعر النفط خلال العام الجاري 106 دولارات، ليتراجع الى 104 دولارات للعام 2013. وذكر أن أسواق النفط الخام بدأت تُظهر علامات الضعف، مع بلوغ سعر خام غرب تكساس الوسيط أقل من 100 دولار للبرميل منذ 4 مايو 2012 مقارنة بمتوسط سعره البالغ 103.3 دولارات للبرميل في ابريل 2012.جاء ذلك بعد ان ساءت أزمة الدين في أوروبا مع سعي اليونان لتشكيل حكومة، وتكلفة التأمين ضد اخلال أسبانيا بسداد دينها الذي قفز الى رقم قياسي. كما ان النمو الصناعي الذي جاء دون التوقعات في الصين (ابريل 2012: +%9.3 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي) قد أضاف الى مخاوف تخفيض استهلاك الوقود حيث ان الصين هي الدولة الوحيدة الأكثر أهمية بالنسبة لمنتجات السلع وذلك في ضوء حصتها المرتفعة نسبيا من الاستهلاك العالمي في معظم السلع.ومن المتوقع ان تستهلك الصين نحو 10.2 ملايين برميل يوميا من النفط في عام 2012، أو ما يعادل %11.5 من اجمالي الاستهلاك العالمي للنفط. بالاضافة الى ذلك، يُنظر الى التباطؤ العام في معدل تعافي الاقتصاد العالمي مع التزايد المطرد لمخزون النفط الخام في الولاياتالمتحدةالأمريكية على أنها علامات لانخفاض الطلب على النفط، الأمر الذي أسهم بدوره في انخفاض الأسعار.فقد ارتفع مخزون النفط الخام الأمريكي كما في 4 مايو 2012 بواقع 3.7 ملايين الى 379.5 مليوناً وهو أعلى مستوى منذ عام 1990. كما انخفض اجمالي الاستهلاك العالمي للنفط بواقع 0.7% مقارنة بالشهر الماضي ليصل الى 87.7 مليون برميل يومياً في ابريل 2012، ويرجع ذلك الى تباطؤ الطلب من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وخصوصا في أوروبا وشمال أفريقيا.وتعتبر أزمة أوروبا هي السبب وراء الانخفاض الضخم في استخدام قارة أوروبا للنفط.كما ان ذلك الانخفاض لا يقتصر على الاقتصادات الصغيرة، بل يشمل الاقتصادات الكبيرة أيضاً مثل مجموعة الدول الأوروبية الأربع الكبرى (فرنسا وألمانيا وايطاليا والمملكة المتحدة . وقد تقلص استهلاك النفط الى 13.5 مليون برميل يومياً في ابريل 2012 وذلك للشهر السابع على التوالي، وقد نتج ذلك عن الأسباب الآتية: (1) الطلب المنخفض في الوقود الصناعي نظراً لضعف النشاط الصناعي، (2) تقلص وقود المواصلات نظراً للأسعار المرتفعة نسبياً على خلفية الضرائب الباهظة.وسوف تحدد تطورات أزمة الدين النظرة المستقبلية لاستهلاك النفط في أوروبا على المدى القصير. على الرغم من العلامات التي تشير الى بداية عودة النمو الاقتصادي بعد فترة الركود الذي شهده اقتصاد الولاياتالمتحدة، الا ان النشاط الاقتصادي للولايات المتحدة مازال له تأثير سلبي في استخدام النفط.في الحقيقة نجد ان المواصلات مستمرة في العودة الى استخدام نفط أقل مقارنة بالعام الماضي وذلك نظراً لارتفاع أسعار التجزئة، والمخاوف الاقتصادية المستمرة، والطقس الأكثر دفئاً من المعتاد.كما استمر اجمالي الاستهلاك في 50 ولاية في الانخفاض بنسبة %0.3 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ليصل الى 18.6 مليون برميل يومياً في ابريل 2012. وعلي صعيد اخر ارتفع اجمالي عرض النفط العالمي في ابريل 2012 بواقع 0.6 مليون برميل يومياً ليصل الى 89.5 مليون برميل يومياً، ويرجع ذلك الى زيادة انتاج النفط من الدول الأعضاء في منظمة أوبك بين زيادة بسيطة في انتاج النفط من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك.وقد بلغ متوسط اجمالي انتاج النفط الخام من الدول الأعضاء في منظمة أوبك 31.4 مليون برميل يومياً في ابريل 2012، أي بزيادة قدرها 0.3 مليون برميل يومياً عن الشهر الماضي.كما شهد انتاج النفط الخام في العراق وليبيا والمملكة العربية السعودية ونيجيريا وأنجولا ارتفاعاً خلال الشهر، في حين انخفض انتاج الخام الايراني بواقع 110 آلاف برميل يومياً.وتعتبر الدول الأعضاء في منظمة أوبك بمثابة المنتجين «المسيطرين» في السوق العالمي لأن منظمة الأوبك هي الوحيدة التي تمتلك فائضاً أو «قدرة احتياطية على انتاج النفط». وتتوقع ادارة معلومات الطاقة الأمريكية ان الانخفاض المتوقع في انتاج ايران بواقع 500 الف برميل يومياً في عام 2012 مع ارتفاع ذلك المقدار بواقع 200 الف برميل يومياً في عام 2013 سوف تعوضه زيادة الانتاج في الدول الأخرى الأعضاء في منظمة أوبك. ومن المتوقع ان يبلغ متوسط القدرة الانتاجية الاحتياطية لمنظمة أوبك 2.8 مليون برميل يومياً في عام 2012، وأن يرتفع ذلك المتوسط الى 3.5 ملايين برميل يومياً في عام 2013. ومن المتوقع ان يرتفع العرض العالمي للنفط الى 89.2 مليون برميل يومياً في عام 2012، أي بزيادة قدرها 0.9 مليون برميل يومياً عن السنة الماضية.كما ان التغير في ميزان العرض والطلب يعكس الزيادة في تكوين مخزون النفط بعد خفض المخزون المملوك للحكومات بشكل منسق في الدول المنتمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.وتنتج الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية %24.9 تقريباً من اجمالي معروض النفط العالمي، وتنتج الدول غير الأعضاء في هذه المنظمة %75.1 منه، وتضم تلك الدول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). الى ذلك، هناك عدة شكوك قد تؤثر في المستقبل في حركة سعر النفط بالارتفاع أو الانخفاض عن التوقعات، من بينها الانقطاع في عرض النفط، وانتاج الطاقة البديلة، والتوتر السياسي في أي جزء من العالم.وعلى الرغم من التأثيرات غير المؤكدة للحظر التجاري المرتقب من جانب الاتحاد الأوروبي وغيره من العقوبات على واردات النفط الخام الايراني (من المتوقع ان يتم الحظر التجاري بتاريخ 28 يونيو 2012)، فان القلق المتزايد في السوق بشأن الانقطاع المحتمل في العرض قد يدعم أسعار النفط حيث هددت ايران باغلاق مضيق هرمز. كما ان التغيرات التي تشهدها الساحة السياسية وتغيرات القيادة قد تؤثر أيضاً في أسعار السلع.فقد تأتي تلك التغيرات في شكل زيادة اللوائح والتشريعات، وزيادة التفاعل مع الجهات التنظيمية المعنية، الأمر الذي من الممكن ان يؤثر في أسعار بعض السلع.وبالتالي من المتوقع ان يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 106 دولارات للبرميل لعام 2012، و104 دولارات للبرميل لعام 2013.