لما كان ضمير الوطن هو الضمير الجمعي لأبنائه، بمعنى أنه يمثل مجموع الضمائر لهؤلاء الأبناء، وفي خضم هذه الأحداث المتلاحقة والأمور الجارية يأتي هذا التساؤل للجميع على حد سواء؛ لنسأل أنفسنا جميعاً: ضمير الوطن إلى أين؟؟؟ إلى أين يسير؟؟؟ وإلى أين المأخذ؟؟؟ هل نترك العنان لضمائرنا لتسير حسبما تهب الرياح؛ فتأخذها كل مذهب وتمزقها كل ممزق؟؟؟ وهل نترك من فسدت ضمائرهم ليعيثوا في الأرض فساداً وإفساداً؟؟؟!!! وما السبيل ...؟؟؟ وما الحل ...؟؟؟ لابد أن نعلم أننا لا نعيش في مجتمع ملائكي بمعنى لا خطأ فيه، بل نحن نعيش في مجتمع بشري يعتريه الخطأ والصواب. وأن ضمير الوطن إذا كان يسير بنا في الاتجاه الصحيح؛ فهو إذاً يسير بنا نحو النجاة. وأما إذا تسلطت عليه الضمائر الخربة والنفوس الضعيفة والأهواء القاتلة التي تهلك أصحابها وتهلك الآخرين في ذات الوقت؛ فسيكون المأخذ إلى الأسوأ والأشر. وهنا تظهر الصورة الأولى والتي تصور ضمائرنا وهي تقف أمام طريقين، الأول منهما أن نترك لها زمامها لتسير في كل اتجاه بيدها أو بيد غيرها، طائعة أو مكرهة في طريق الأهواء. ولن تكون هذه الطريق إلا طريق السقوط للهاوية من العلياء. وأما الطريق الثاني فهو الذي تسير فيها ضمائرنا في اتجاهها الصحيح حيث لا ينازعها الإغواء، وترتقي بنفسها وأصحابها إلى طريق العلياء نحو الرقي والارتقاء. وأما الصورة الثانية فهي التي تقف فيها ضمائرنا أمام من هوت ضمائرهم إلى القاع؛ حيث لا يحبون علواً في ذرى السلوك والأخلاق، فهم من ضياع إلى ضياع. وهنا علينا أن نأخذ على أيديهم، وبأيديهم كذلك. فنأخذ على أيديهم بأن نقومهم ونعمل على الحد من تفشي فسادهم وإفسادهم؛ وأيضاً نأخذ بأيديهم إلى طريق النجاة بأن نوضح ونبين لهم الطريق المستقيم ونرشدهم إليه ونقيهم ونقي أنفسنا طريق الدمار والوبال. وهنا نقول إذا كان ضمير الوطن يغلب عليه الصلاح والإصلاح؛ كانت سفينة الوطن تسير نحو النجاة. وأما إذا غلبته ضمائر الفاسدين والمفسدين، واعتلته ضمائر الفتنة ونشر الشرور والخراب؛ ففي هذه الحالة إذا لم يفق ضمير المصلحين ليأخذوا بأيدي هؤلاء الشاردين بسفينة الوطن؛ فقل على الدنيا السلام. ويأبى الضمير الوطني المخلص إلا الصلاح والإصلاح في الحال والمآل للبلاد والعباد؛ حتى يتحقق الرخاء وينعم الوطن في الأمن والأمان والاستقرار.