في البداية لابد من التأكيد أننا نتكلم عن موقف حكام أوصلتهم ثورة شعبية لسدة الحكم، ثورة قامت ضد الظلم والقهر والطغيان، ولذا فالأصل أن يقف هؤلاء الحكام مع الشعب السوري المسلم وكل الشعوب المظلومة والمقهورة التي ثارت ضد حكامها الطغاة الذين يسومونها سوء العذاب، لا أن يقفوا منها موقف المتفرج، فيساووا بين الجلاد والضحية، ويعتبروهما "طرفي نزاع"، بل أكثر من ذلك يتاواطئون مع الجلاد ضد الضحية. والأعجب من ذلك أن هؤلاء الحكام الجدد الذين أوصلتهم دماء وحناجر شعوبهم إلى الحكم كانوا يرفعون شعار الإسلام، فهم يمثلون فصيلا إسلاميا كان قديما يقول للناس أن الإسلام هو الحل، واليوم يقولون لهم نحمل الخير لمصر. لذا فمن المهم أن نتسائل عن موقف النظام المصري الحاكم، الذي وصل إلى الحكم من خلال ثورة شعبية، من الثورة السورية المباركة؟ فمن العجيب أنه في وقت سابق، كان الرئيس مرسي قد وصف نظام الأسد بأنه نظام استبدادي، وقال أن إسقاطه واجب أخلاقي، وذلك خلال حضوره فعاليات قمة عدم الانحياز التي احتضنتها طهران من 30 إلى 31 أغسطس الماضي. مما حدا بالبعض أن يصور هذه التصريحات وقتها على أنها بمثابة الفتح العظيم. نعم، لقد كان شعار الدكتور مرسي " لن أقابل أحداً من داعمي الأسد، حتى يعلن موقفاً واضحاً يعتذر فيه للشعب السوري". ولكنه للأسف الشديد، بعد الوصول إلى كرسي الحكم نكث العهود وأخل بالمواثيق ، فقابل الممثل عن السفير الإيراني في القاهرة، وزار طهران لحضور مؤتمر " دول عدم الانحياز "، واستقبل نجاد في مؤتمر " منظمة التعاون الإسلامي "، ورفض قراراً يمنع السفن الإيرانية من العبور عبر قناة السويس، التي ما زالت تمخر عباب القناة وهي تحمل ألاف الأطنان من الأسلحة إلى الأسد، وعلى متنها ألاف المقاتلين الذين يرسلون للمشاركة في ذبح المسلمين في سوريا، وليس هذا فحسب، بل رأينا الرئيس مرسي يشرع في زيارات مكوكية، واحدة تلو الأخرى إلى الصين وروسياوإيران، ليؤكد من هناك أن موقفه متفق بالكلية مع الموقف الروسي في حل الأزمة السورية، وأنه مستعد لفتح أبوابه للأسطول الروسي يتجول بحرية في البحر الأبيض، روسيا تلك التي عطلت ثلاث مرات قراراً أممياً قد كان من شأنه أن يفضي إلى وقف إبادة الشعب السوري، روسيا التي لا زالت ترسل السلاح تباعاً إلى الأسد، وسط سكوت العالم وتواطؤ منه . وأبشع من هذا كله، إصرار الرئيس مرسي على التأكيد على أن إيران يجب أن تكون جزءًا من الحل، بعد أن وضعها قسراً في المجموعة الرباعية لحل الأزمة السورية، على اعتبار أنها جزء من المشكلة، والتي أكد عليها مجدداً في لقائه الأخير مع الجزيرة، مؤكداً أنه حاول إقناع إيران أن توقف دعمها للأسد، ولكنها لم تفعل، مما يؤكد خطأ نظرية أن الذي هو جزء من المشكلة ينبغي أن يكون جزءاً من الحل، على اعتبار – بداهةً – أنه ليس من العقل أن يكون الخصم هو الحكم . وبعد أيام من زيارة الرئيس الإيراني، يحط الرئيس مرسي بالعاصمة الصينية بكين، حيث كانت الأزمة السورية من أهم الملفات المطروحة حينها. كما عبرا الرئيسان المصري والصيني هوجين تاو عن التقارب في المواقف بين البلدين حول الأزمة. أليس التحرك المصري هذا يسير في إطار الخطة الأمريكية لحل الأزمة السورية بامتياز؟! والتي تتلخص في التخلي عن بشار واستبداله بعميل آخر تصنعه أو تجده أمريكا، مع الحفاظ على النظام الجمهوري العلماني؟. ففي مؤتمر عدم الانحياز المنعقد بطهران في نهاية أغسطس 2012م والذي أعلن فيه الدكتور مرسي عن "واجب أخلاقي" دفعه للتضامن مع ثورة سوريا وعبّر عن "دعمه الكامل غير المنقوص لها"، عزف على نفس نغمة أمريكا من دعوته لتوحيد المعارضة فيها لبناء سوريا الجديدة متمنياً الانتقال السلمي فيها إلى "نظام حكم ديمقراطي"، أي الحفاظ على النظام الجمهوري العلماني الذي تريده أمريكا، ونوّه إلى مبادرة قدمتها مصر في مؤتمر مكة "للخروج من هذه المحنة" كما سماها، ثم قال "إن نزيف الدم السوري في رقابنا جميعاً" وإنه "لن يتوقف بغير تدخل فاعل منا..." كما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في 2013-02-05م أن مباحثات مرسي ونجاد في مطار القاهرة "تناولت آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، وسبل حل الأزمة السورية لوقف نزيف دماء الشعب السوري دون اللجوء للتدخل العسكري"، ودعا مرسي في الكلمة الافتتاحية أمام ممثلي 56 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي، فصائل المعارضة السورية إلى التوحد من أجل الإسراع بإيجاد حل لأزمة بلادهم. وكانت القمة قد دعت وفقا لمشروع قرار أعدّه وزراء الخارجية إلى "حوار جاد بين التحالف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة، وبين ممثلي الحكومة السورية الملتزمين بالتحول السياسي في سوريا والذين لم يتورطوا بشكل مباشر في أي شكل من أشكال القمع، من أجل فتح المجال لعملية انتقالية تمكن الشعب السوري من تحقيق تطلعاته في الإصلاح الديمقراطي والتغيير". كما دعا الرئيس مرسي فصائل المقاومة السورية التي لم تنضوِ تحت إبط الائتلاف الوطني إلى "التنسيق معه ومؤازرة جهوده لطرح رؤية موحدة وشاملة لعملية البناء الديمقراطي لسوريا الجديدة"، وبعبارة أخرى أن يسيروا مع الائتلاف في الرؤية الأمريكية لحل الأزمة بتكريس العلمانية في سوريا والحيلولة دون وصول الإسلام إلى الحكم. وفى زيارته إلى روسيا قال إن الموقف المصرى من الأزمة السورية «متقارب» مع الموقف الروسى، داعيا إلى تحالف استراتيجى دائم مع موسكو، وفى زيارة أخرى لمستشاره الدكتور «عصام الحداد» إلى طهران أعلن دعمه للمبادرة الإيرانية، وقال إن موقف البلدين واحد!.. والمثير هنا أن المبادرة الإيرانية تتضمن بندا يدعو إلى انتخابات رئاسية بعد عام فى سوريا يشارك فيها الرئيس «الأسد»، فإذا كان الموقف المصرى مؤيدا للمبادرة فلماذا لم يعترض أثناء القمة العربية الأخيرة على منح مقعد سوريا فى الجامعة العربية إلى المعارضة؟. وفي مقابلة خاصة مع عصام الحداد مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، لقناة سي بي سي في 28-4-2013م أوضح أن هناك "تحديا يواجه مصر فى منطقة الشرق الأوسط هى سوريا، والتى نسعي إلى إيجاد حل سياسي يعمل على وقف الدماء وحفظ سيادة الدولة، مؤكدا أن الحل العسكري لن يجدي فى حل الأزمة السورية". مع وضع ألف خط تحت جملة حفظ سيادة الدولة! ناهيك عن مرور السفن الأيرانية والروسيه المحملة بآلات القتل من قناة السويس وتبرير ذلك بأن هناك اتفاقيات دولية ولا نستطيع منع أي سفينة من المرور إلا إذا كنا في حالة حرب فعلية مع دولتها. وبرغم التحذير الشديد والصريح الذي أصدره "مجلس العلماء السلفي" في نهاية مارس 2013 للرئيس محمد مرسي من استمرار العلاقات مع إيران، ومطالبته بوقف ما يطلق عليه الإيرانيون "السياحة الدينية" لما "تمثله من خطورة المد الشيعي الرافضي إلى مصر السنية" حسب بيان المجلس. وبرغم الرفض الشعبي لزيارة نجاد الذي استقبل برفع الأحذية، على إثر قيام الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بزيارة القاهرة في أبريل 2013 لحضور القمة الإسلامية التي لم يحضرها كل رؤساء وملوك الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.. وبرغم توقف الرحلات بعد إقلاع أول رحلة طيران من القاهرة إلى طهران يوم السبت الثلاثين من مارس 2013 بعد انقطاع دام 34 عاما، وكان على رحلة "إير ممفيس" تلك ثمانية ركاب فقط، لكنها عادت وعلى متنها 58 إيرانيا إلى الأقصر وأسوان.. إلا أنه يبدو أن هناك إصرارا حكوميا على السير قدماً في إطار التنسيق بين البلدين. إذًا فالموضوع ليس موضوع عودة علاقات، بقدر ما هو تنسيق من أجل العمل على تنفيذ المخطط الأمريكي تجاه الثورة. أما على صعيد العلاقات المصرية التركية، فيبدو أن الوضع الساخن للثورة السورية وترنح النظام السوري يدفع أمريكا لاستخدام كل عملائها، وتعتبر تركيا لاعبا رئيسيا في التحضير لما بعد الأسد. فلقد توجه محمد كامل عمرو، وزير الخارجية، الخميس 8-11-2012م إلى تركيا في زيارة سريعة إلى العاصمة أنقرة، ناقلا رسالة من الرئيس الدكتور محمد مرسي إلى الرئيس التركي عبد الله جول، ولبحث عدد من الملفات، على رأسها القضيتان السورية والفلسطينية. والتقي «عمرو» خلال زيارته رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وأجري مباحثات مطولة مع نظيره أحمد داوود أوغلو حول تطورات الأزمة السورية، وأوضاعها المتردية، والجهود المبذولة في إطار المبادرة الثلاثية التي تضم مصر وتركيا وإيران، لحل الأزمة. وفي 11-11-2012م توجه اللواء محمد رأفت شحاتة، رئيس المخابرات العامة، على رأس وفد إلى إسطنبول في زيارة لتركيا استغرقت يومين، التقى خلالها عددا من المسؤولين الأتراك. وحسب وكالة الأنباء الألمانية "بحث (شحاتة) خلال زيارته لتركيا آخر تطورات الوضع في المنطقة، خاصة الأزمة السورية إلى جانب بحث سبل دعم علاقات التعاون بين مصر وتركيا خاصة في المجالات الأمنية". ثم في 1-3-2013م كشف مصدر بجماعة الإخوان، أن الدكتور محمد بديع - المرشد العام - وصل إلى تركيا لحضور الذكرى الثانية لوفاة "نجم الدين أربكان"، وسيعقد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، رغم أن كيري سيصل القاهرة غدا السبت، ويلتقي بالرئيس محمد مرسي وعدد من المسئولين. وأرجع المصدر تعمد بديع لقاء كيري خارج مصر بأن المقابلة فى القاهرة قد تسبب حرجاً للجماعة. وفي 8-5-2013م أجرى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، مباحثات مع نظيره التركي عصمت يلمظ، تناولا خلالها سبل تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين، وذلك حسبما أفاد العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة. وذكر «علي» في صفحته على «فيس بوك» الأربعاء أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أجرى مباحثات مع نظيره التركي عصمت يلمظ، مشيرا إلى أنها «تركزت على أوجه التعاون وتعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين في العديد من المجالات». وقد نفي مصدر عسكري مسئول ما تردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول سفر وفد عسكري مصري إلى سوريا في إطار التداعيات الخاصة بالأزمة السورية بعد قصف إسرائيل لعدد من المواقع السورية. وقال المصدر إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع هو فقط من توجه اليوم يرافقه وفد عسكري من 11 وحدة قيادية إلى تركيا. وكان مرسي قد زار تركيا في شهر10-2012م، حيث قام الرئيس المصري بأول زيارة له إلى تركيا منذ توليه منصبه في يونيو الماضي. تأتي هذه الزيارة على هامش مشاركة مرسي في المؤتمر العام الثالث ل"حزب العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم في أنقرة، وفي هذا المجال، يعتقد المحلل السياسي التركي بركات كار أن اقتراح مرسي بإدخال قوى عربية بشكل عسكري إلى سوريا لن يكون فقط بين مصر وتركيا. فمصر تبحث عن دورٍ لها في هذه المسألة، لذلك فهي تبرز الآن على الساحة على أنها صاحبة المبادرة. وكانت وكالة أنباء فارس الإيرانية قد نقلت في 30/04/2013م عن رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة مجتبى أمانس أن "مسؤولين مصريين أثناء زيارتهم لطهران مؤخرا قدموا مشروعا يتم على أساسه توسيع دائرة الحوار لتضم 8 أطراف هي: إيران ومصر وتركيا ومندوب الأممالمتحدة ومندوب منظمة التعاون الإسلامي ومندوب الجامعة العربية ومندوب عن الحكومة السورية ومندوب عن المعارضة السورية". وقال إن "التعاون لحل الأزمة السورية كان محور اهتمام الوفود التي زارت إيران وكان آخرها الوفد الذي ضم مساعد الرئيس المصري لشئون العلاقات الخارجية الدكتور عصام الحداد." وكانت صحيفة «الشروق» قد نشرت خبر عودة السفير المصري علاء عبد العزيز إلى دمشق، بعد شهر من استدعائه لدى القاهرة إثر سقوط قذائف هاون في محيط فندق شيراتون، الذي تتخذه السفارة المصرية مقرًا لها منذ العام الماضي. وتصب عودة السفير إلى دمشق في نفس الإطار، وهو يعتبر اعتراف ضمني بالنظام القائم، للتنسيق معه في محاولة لتثبيت وضع النظام في سوريا عن طريق الإيحاء بأن هناك استقراراً نسبيًا وأن الأمور تتجه نحو الحسم لصالح النظام. ووفقًا لمصادر «الشروق» بوزارة الخارجية، فإن قرار عودة السفير اتُخذ من قبل سفر الوفد الرئاسي إلى طهران. ونحن لا نستغرب مثل هذا التفكير في إعادة السفير المصري إلى دولة نظام القتل والاغتصاب والتحريق؛ نظام "نيرون الشام"!، فرموز النظام المصري قد وضعوا أيديهم بأيدي القتلة الداعمين لنظام الطاغية بشار من الأميركان، والإيرانيين، والروس. إن سحب السفير المصري من دمشق في 2012م جاء بسبب ضغط أهل الكنانة على الحكومة المصرية ومطالبتهم بقطع جميع العلاقات السياسية مع ذاك النظام السفاك، فلماذا يفكر رئيس مصر بإرجاع السفير ثانية ولا يزال القتل بأهل الشام مستعرًا؟! هل يريد أن يتحدى مشاعر الأمة وسخطها فوق ما هي عليه من سخط؟ أم يريد أن يرضي الأمريكان والروس من خلال الوقوف إلى جانب النظام السوري دبلوماسياً؟ وإننا نستغرب من رئيس بلد مسلم كمصر الكنانة، أرض البطولات، وهو القائد الأعلى لجيشٍ طالما دافع عن الأمة الإسلامية وصد فلول الصليبيين على مدى التاريخ، وإن مدن الشام من دمشق إلى طرابلس إلى بيت المقدس، لتشهد لهذا الجيش في ظل الدولة الإسلامية على مدى التاريخ بطولاته وذوده عن الإسلام والمسلمين... نستغرب من هذا الرئيس أن يكون موقفه كهذا: الدعوة للانتقال السلمي والتفرج على ما يسيل من دماء، ثم الدعوة إلى حكم ديمقراطي، فكأنه ينظر بأعين أمريكية إلى الدماء التي تراق على يد الطاغية بشار وزبانيته...! لقد كان الأولى بالرئيس المصري أن يعلن من على منبر (عدم) الانحياز هذا تجييشَ جيش مصر لنجدة المسلمين في سوريا بدل الرثاء والبكاء على دم نازف في أرض الشام بدعوى الواجب الأخلاقي. وكان الأحرى به قبل ذلك أن يمتنع عن مد يده للمجرم نجاد الذي يزود النظام القاتل في الشام بكل أدوات الفتك والتنكيل بالمسلمين فيها. بل أن يطالب بطرد الوفد السوري قبل دخوله للقاعة.. لا أن ينتظر حتى يغادر وفد الشبيحة القاعة احتجاجاً عليه! لقد تفاءل كثير من السوريين خيراً في توليه رئاسة مصر كأول رئيس مدني منتخب حملته صنايق اقتراع الثورة إلى سدة الحكم في أكبر بلد عربي. ولكن هذا التفاؤل سرعان ما بدأ يتحول إلي نذير شؤم مع أخبار عبور سفن الموت الإيرانية عبر قناة السويس، واعترفت حكومة مرسي بذلك غير مرة مبررة بأنها محكومة باتفاقيات دولية لا تمكنها من منع عبور تلك السفن، متغافلة أن لكل دولة سيادتها على ممراتها فيمكنها إلغاء أو تجميد اتفاقيات في أي وقت شاءت. أيها الرئيس (الإسلامي)! لن نطالبك أن ترسل الجيوش إلى سوريا لنصرة الشعب السوري المكلوم، كما تفعل إيران وترسل جيوشها لنصرة المجرم الأسد، فأنت لن تجرؤ على ذلك! ولكن ندعوك على الأقل أن تكف لسانك، ويدك، عن المسارعة في التقرب إلى هؤلاء السفاحين مخافة أن تصيبك دائرة، لأن ربك آتٍ بالفتح إن شاء الله أو بأمر من عنده ، فنعظك بعدها أن تصبح من النادمين! أليس غريبا أن يظل الجيش المصري قابعا في ثكناته، لا حراك فيه تجاه ما يحدث لإخواننا في غزة، أو تجاه الأهل في سوريا، بينما يشن حربا شعواء على المجاهدين في سيناء لتأمين دولة يهود، كما يأمنهم بغلق الأنفاق تحت ذريعة حماية الأمن القومي لمصر؟! أليس الأجدر به أن ينتفض لإغاثة الملهوفين واليتامى والنساء والشيوخ والأرامل، كما يقف النظام الإيراني المجرم وجيشه مع (نيرون) الشام لعنة الله عليه؟! لو كان الرئيس صادقا فيما يدعيه من حرصه على الإسلام وعلى تطبيقه، ومن العمل على نصرة أهل الشام لحرّك الجيوشَ لنصرتهم، ولكانت خطوة تحسب له في توحيد بلاد المسلمين لإقامة خلافة على منهاج النبوة، ولنسف حدود سيكس بيكو الاستعمارية. مما لا شك فيه أن الناس في مصر مع الثورة السورية، ويحبون لها أن تنتصر، ويتمنون أن يحدث ذلك في القريب العاجل، وهم يحترقون وتنفطر قلوبهم مما يرون من مجازر بشعة يرتكبها النظام المجرم في حق أهلنا في سوريا. لكن الناس لا حول لهم ولا قوة، كما أنهم قد أصيبوا بانتكاسة كبيرة لما آلت إليه الأمور في مصر بعد الثورة. فلم يكن هذا ما كانوا يأملون فيه، فلم يتحقق مطلب واحد من مطالب الثورة، وهناك أزمة اقتصادية خانقة ضربت كل مفاصل الحياة الاقتصادية في البلد، وهناك حالة انفلات أمنى غير مسبوقة. فلو كانت الأحوال طبيعية، وحدث استقرار نسبي لربما كان تحرك الشارع المصري نصرة للثورة السورية أكبر بكثير من تلك التحركات الضعيفة هنا وهناك. وأخيرا، فليس من المرتقب أن تنجح المؤامرة الأمريكية الدولية للالتفاف على الثورة السورية الإسلامية المباركة، وإجهاضها والحفاظ على النظام الجمهوري العلماني في سوريا، فهذه التحركات الأمريكية هنا وهناك قد تطيل عمر النظام قليلاً، ولكنها ستفشل في النهاية. ومما لا شك فيه أن هناك وعي عند الثوار في سوريا، وهم يرفضون بل يفشلون كل الخطط الأمريكية للالتفاف على ثورتهم، كما أنهم يكشفون كل عملاء أمريكا الذين تحاول امريكا أن تصنعهم ليركبوا فوق ظهر الثورة السورية ليوجهوها نحو البوصلة الأمريكية. كما أن تحرك شباب الحزب في سوريا وفي غيرها من بلاد المسلمين سيكون عاملا مهما في إفشال المخطط الامريكي، وسيقف الحزب ورجاله سدا منيعا في وجه أمريكا وربائبها في بلاد المسلمين، لتتحقق على أيديهم بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز. شريف زايد رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر