في وقت أبدت فيه مصر استعدادها الكامل للعب دور الوسيط بين الخرطوموجوبا لمعالجة الأزمة القائمة بينهما، رهن السودان أي معالجة مع الدولة الوليدة بخروج قواتها من منطقة هجليج أولا ووقف دعم متمردي السودان ثانيا. ويبدو أن إدانة المجتمع الدولي لخطوة دولة جنوب السودان ومطالبته إياها بسحب قواتها من هجليج قد منحا الخرطوم مبررات كافية للتمسك بكافة مواقفها المتعلقة بالقضايا الأخرى كترسيم الحدود وأوضاع المواطنين في الدولتين وحقوق البترول وغيرها. لكن مع ذلك تبدو القاهرة مصرة بل ملحة على ضرورة إيجاد حلول للأزمة التي ترى أنها ستقف أمام بناء علاقات طيبة بين السودان وجارته الجديدة، داعية إلى حقن الدماء وصون ممتلكات الشعبين. وكان الرئيس السوداني عمر البشير تلقى رسالة شفهية من رئيس المجلس العسكري المصري محمد حسين طنطاوي عبر وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو عارضا من خلالها استعداد مصر للعب دور الوسيط من أجل احتواء الأزمة التي فجرها احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج السودانية مؤخراً. لكن البشير أبلغ المبعوث المصري أن السودان فقد جزءا عزيزا من أراضيه (بانفصال الجنوب) من أجل السلام وخلق علاقات طبيعية مع جوبا "لكن حكومة الجنوب ظلت تقابل الإحسان بالعدوان وآخره اعتداؤها السافر على هجليج (المنطقة التي لم تكن من المناطق المختلف عليها) وعلى مرأى ومسمع العالم".