رفعت فياض يكتب: ثورة جديدة في تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم.. الكتب الجديدة باسم الوزارة بعد الإطاحة بإمبراطورية المؤلفين الخارجيين    أقوى رسائل السيسي عن آخر تطورات أزمة سد النهضة وحرب غزة    موعد اكتساب الفائزين في انتخابات مجلس الشيوخ مهام العضوية    تموين الوادي الجديد تطلق مبادرة لخفض الأسعار    ارتفاع جديد في أسعار الدواجن اليوم الجمعة 15-8-2025 في محافظة الفيوم    6 قطاعات تتصدر قائمة الأسهم المقيدة الرئيسية من حيث قيم التداول بنهاية الأسبوع    محافظ سوهاج: إزالة 579 حالة تعدي على أملاك الدولة والأراضي الزراعية والمتغيرات المكانية    تفاصيل جولة محافظ الدقهلية المفاجئة على المخابز بمدينة المنصورة وشربين ورأس الخليج..صور    إعلام إسرائيلي: ترامب طلب من نتنياهو تسريع العمليات العسكرية في غزة    وزير الخارجية ل نظيره الفرنسى: توجهات إسرائيل تسهم فى تأجيج الكراهية وعدم الاستقرار بالمنطقة    ماريسكا: جاهزون للموسم الجديد.. وتشيلسي أقوى من العام الماضى    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الفرنسى    تعرف على موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز    ريبيرو يراجع مع لاعبي الأهلي خطة مباراة فاركو قبل انطلاقها    طاقم حكام مصري بقيادة أمين عمر لمباراة كينيا وجامبيا بتصفيات كأس العالم    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    روما يقدّم عرضًا رسميًا لضم جادون سانشو من مانشستر يونايتد    لجنة هندسية تفحص عقارات بالزقازيق بعد حريق مطعم مشويات وإصابة عامل    انكسار الموجة شديدة الحرارة غدا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة    ضبط سائق توك توك ظهر في فيديو يعتدي على صاحب ورشة بالسلام    رفع أكثر من 88 ألف حالة إشغال طرق وغلق 456 منشأة مخالفة بالجيزة    24,879 طالبًا بالقاهرة يؤدون غدًا امتحانات الثانوية العامة الدور الثاني أمام 38 لجنة    ضبط مسؤول مخزن مستلزمات طبية دون ترخيص في القاهرة    تامر عاشور يحيي حفله الأول في ليبيا ضمن مهرجان صيف بنغازي 2025    تعرف على تفاصيل الحفل الغنائي ل تامر عاشور في ليبيا    ألمانيا تدعو إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما ب4 أفلام دفعة واحدة    الإسكان توضح كيفية تلقى طلبات مستأجرى الإيجار القديم لحجز وحدات بديلة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 47 مليونا و230 ألف خدمة مجانية خلال 30 يوما    تامر حسني: «محمد منير ساعدني وقت ما كان فيه ناس بتحاربني»    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    حزب الله: قرار نزع سلاح المقاومة يجرد لبنان من السلاح الدفاعى    محمود فوزى: نستهدف تطوير القطاع الزراعى وقانون التعاونيات ينعكس على الاقتصاد    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    رئيس البحوث الزراعية يبحث مع مدير البحوث البستانية بالسودان التعاون المشترك    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق المعكوس : عمر سليمان
نشر في الجمعة يوم 12 - 04 - 2012

كيف وصلنا إلى لحظة يترشح فيها عمر سليمان لموقع رئاسة الجمهورية، ويعلن قطاع محدود من الرأى العام عن دعمه؟ كيف يمكن أن يترشح نائب الرئيس المخلوع ومدير جهاز مخابراته، لأكثر من 17 عاما، بعد أن قامت ثورة أسقطت أجزاء من النظام وعادت الأجزاء الباقية لتترشح مرة أخرى فى أول انتخابات رئاسية؟ هل المسؤول هو المجلس العسكرى أم الأحزاب والائتلافات المدنية، أم الإخوان المسلمون، أم جميعهم معا؟
هناك إجابة متسرعة عن هذه التساؤلات تقول إن سبب ذلك أننا لم نطبق شرعية ثورية تقوم على الاستثناء والمحاكم الثورية التى تحاكم رموز النظام السابق وفق هذه الشرعية الثورية.
والمؤكد أن هناك قلة تطالب بشرعية ثورية، وتتصور أنه بعد تطهير البلاد من كل رموز النظام السابق ومن الفلول «لم يتجاوزوا 11 نائباً فى البرلمان بفضل فطنة الشعب المصرى»، وبعد إعدام مبارك وفرقته، وإبدال المجلس العسكرى بثوار حقيقيين، فإنه سيولد المجتمع الثورى الخالى من العيوب والشوائب.
والحقيقة أن هذا المجتمع لم يوجد فى أى تجربة إنسانية فى العالم، صحيح أن هناك تجارب تحدثت عن الشرعية الثورية والنظام الثورى إلا أنها لم تجلب الديمقراطية لشعوبها، وهى ما سميناه «تجارب الثورات الكلاسيكية الأربع»: الفرنسية، والشيوعية فى روسيا والصين، والإيرانية، وجميعها لم يجلب الديمقراطية لشعوبه، وبعضها - مثل الثورة الفرنسية - تحول من ثورة على الملك إلى طريق لحكم إمبراطورى أكثر ملكية من الملك.
إن كل التجارب الإنسانية، التى حاولت أن تهندس المجتمع والناس وفق عقيدة سياسية، ادعت أنها ثورية، فشلت فشلاً ذريعاً، وكل تجربة حاولت أن تستلهم من هذه العقيدة قيماً وأفكاراً تقدمها للناس، ليختاروا منها ما يشاءون عبر دولة قانون «لا دولة ثورة» ونظام سياسى ديمقراطى، هى التى نجحت، وهذا الطريق هو الذى كان أمام مصر فرصة لأن تتبعه بعد الثورة، ولم تفعل لصالح التبلد فى المكان على طريقة مبارك أو خطاب «يسقط» تحت اسم الثورة، رغم جهود العديد من الحقوقيين وما سبق أن كتبناه عن ضرورة وضع مسار قانونى عن طريق مدع عام للثورة يختص بجمع الأدلة التى تدين كل من ارتكب جرائم فى ظل النظام السابق، وتشكيل دائرة قضائية خاصة تبحث فى كل هذه الجرائم، ومن خلالها يتم عزل كل من تورط فى هذه الجرائم، أما الأحكام العشوائية أو المحاكم الثورية والاستثنائية، فتلك كانت تجارب الفشل بامتياز التى بدأت بمواجهة رموز الثورة المضادة، وانتهت بأن عزلت - وأحيانا أعدمت - رجال الثورة أنفسهم حين اختلفوا مع من فى الحكم، لأن القاعدة التى وضعت فى التعامل مع الخلاف ليست شرعية القانون والديمقراطية، إنما شرعية الاستثناء والثورة.
كل الدول التى نجحت هى التى وضعت آلية قانونية لمحاسبة رموز النظام السابق، وليس قوانين مفصلة أو مسلوقة، كما كان يفعل الحزب الوطنى، ولا محاكمة استثنائية تحت اسم الثورة، كما كان يفعل «القذافى» وكل النظم التى ادعت الثورية لإخفاء استبدادها.
إن ما جرى فى أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية كان وضع آلية قانونية لمحاسبة من أجرموا من رموز النظام السابق، فحتى جنوب أفريقيا - التى عرفت نظاماً عنصرياً مستبداً واجهه مناضلون حقيقيون قضوا سنوات طويلة فى السجون، وليس بضع ساعات يخرجون بعدها مناضلين كباراً فى الفضائيات - لم تؤسس نظامها الديمقراطى الجديد على شرعية ثورية، إنما على نظام «العدالة الانتقالية» التى اتخذت إجراءات قانونية ضد كل مرتكبى الجرائم من رجال النظام السابق.
لقد تعثرت المرحلة الانتقالية، وأطل علينا عمر سليمان بسبب إصرار المجلس العسكرى على عدم وضع معيار قانونى لمحاسبة كل من ارتكب جرائم من رموز النظام السابق، وفى الوقت نفسه عجزت القوى السياسية عن التوافق على آلية قانونية لهذه المحاسبة.
والمؤكد أن الأخطاء الكثيرة التى وقعت فيها القوى السياسية المختلفة ساعدت أيضا على هذه العودة، فالانطباع الذى تركه الإخوان طوال الستة أشهر الماضية لدى قطاع يعتد به من الرأى العام بأنهم تيار يسعى للسلطة والاستحواذ ولا يمتلك برنامجاً حقيقياً للإصلاح، وأن سيطرته على «تأسيسية الدستور»، ثم إصراره على التقدم باثنين من المرشحين لانتخابات الرئاسة كان مثار رفض قطاع واسع من المواطنين، حتى أصبحنا أمام معركة مباركية جديدة بين عمر سليمان وأحمد شفيق من جهة، وبين خيرت الشاطر ومحمد مرسى من جهة أخرى، استكمالا لثنائية «الوطنى والإخوان» التى ظلت مصر أسيرة لها طوال 30 عاما.
والمؤكد أن الطريق المعكوس الذى دخله الإخوان فى الأسابيع الأخيرة عكس المسار الذى كان يجب أن يتبعوه بعد سنوات طويلة من الاضطهاد والتمييز.
إن أى تيار سياسى تحرك لفترة خارج المنظومة السياسية السائدة، ولو كانت له شعبية كبيرة واضطهد فترات طويلة، فإن لحظة اقترابه من السلطة تحتاج إلى سلسلة من الإجراءات التطمينية حتى يتم ما سبق أن سميناه من قبل «الدمج الآمن» فى النظام السياسى، فالتحول من قوى وضعت خارج إطار الشرعية القانونية والدستورية للدولة، وارتابت فيها مؤسساتها وقطاع من الرأى العام وجانب من التيارات السياسية وقطاع واسع من المسيحيين المصريين، يحتاج إلى فترة انتقالية لن تتجاوز فى الحالة المصرية 4 سنوات، تبدو فيها جماعة الإخوان لديها برنامج ومشروع سياسى حقيقى، يبرر سعيها للوصول للسلطة وأنها ليست تياراً انقلابياً، إنما هى تيار مدنى ديمقراطى مرجعيته إسلامية، سيحترم الدستور والنظام الجمهورى والأطر الديمقراطية المعروفة.
تجارب النجاح فى العالم الإسلامى تقول لنا ذلك، وتركيا عرفت مشروعين للتيار الإسلامى، أحدهما بدا فى السياق التركى أنه انقلابى بقيادة الراحل نجم الدين أربكان فأسقطه الجيش بانقلاب آخر عام 1997، والآخر كان حصيفا وديمقراطيا فنجح فى إخراج الجيش من العملية السياسية بعد 7 سنوات من وصول حزب العدالة والتنمية للحكم بتعديلات دستورية وافق عليها الشعب.
لقد مثل ترشح عمر سليمان الوجه الآخر للفشل القانونى والسياسى لإدارة المرحلة الانتقالية، فمسؤولية المجلس العسكرى والقوى السياسية مؤكدة، ويبقى السؤال الأخير: هل سينتخب الناس عمر سليمان؟.. الإجابة بالتأكيد فى يد الشعب المصرى الذى لا نتوقع مطلقا أن ينتخب عمر سليمان فى ظل أى انتخابات حرة.
صحيح هناك تخوفات كثيرة من حدوث تدخل فى مسار العملية الانتخابية فى ظل المادة 28 المحصنة لقرارات الهيئة العليا، وهنا سنكون أمام انتخابات غير نزيهة قد تُنجِح عمر سليمان، وهو أمر لا نتوقع حدوثه، لأنه مازالت لدينا ثقة فى أن الجيش المصرى سيجرى، كما أجرى فى الانتخابات التشريعية، انتخابات حرة ونزيهة.
سيصبح الاختيار فى يد الشعب المصرى مهما ردد الكثيرون أن هناك تياراً بداخله سئم مناورات السياسيين ومراهقة كثير من الثوريين، وحالة الفوضى والعشوائية العارمة التى باتت تلف كل مناحى الحياة، وأن خطاب الرجل القوى الذى سيعيد الأمن والأمان لكل ربوع مصر أصبح له أنصار فى مختلف أرجاء البلاد، وهو أمر قد يكون صحيحا بالنسبة لقطاع من الرأى العام، لكنه لا يمثل الأغلبية بأى حال من الأحوال.
إن الغالبية الساحقة من الشعب المصرى لن تختار مرشحاً انتمى للنظام السابق، ويجب على النخبة أن تثق فى اختيارات الشعب المصرى، وألا تمارس وصاية عليه وأن تضمن له فقط نزاهة العملية الانتخابية.
أما مرشحو انتخابات الرئاسة من خارج النظام السابق فإن عليهم أن يقدموا أنفسهم كمرشحين قادرين على إدارة الدولة وإصلاح مؤسساتها وتقديم برامج اقتصادية وسياسية بديلة للأوضاع الحالية، وليسوا مجرد أصوات احتجاجية تقود مظاهرة هنا أو هتافاً هناك، حتى وصل بأحد مرشحى الرئاسة أن يطالب بالكفاح المسلح، فى مشهد غير مسبوق فى أى انتخابات رئاسية فى العالم كله، فإما ينخرط فى تنظيم سرى لممارسة الكفاح المسلح، أو يدخل فى نضال سلمى وديمقراطى للتغيير عبر السياسة والانتخابات!
فى المقابل، فإن حديث عبدالمنعم أبوالفتوح المتكرر عن برنامج للتقدم الاقتصادى وخطط فى الزراعة والصناعة، بجانب انفتاح سياسى على أطياف مدنية وإسلامية، يدل على أن هناك فرصة حقيقية لنجاح مرشح من خارج النظام السابق، ويبدو فى الوقت نفسه أمام الملايين من المصريين أنه رجل دولة قادر على التقدم بالبلاد إلى الأمام لا العودة بها إلى الخلف: عهد مبارك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.