نشرت صحيفة الفايننشال تايمز تقريرا تسلط فيه الضوء على المواجهات الدائرة بين النشطاء في مصر وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة برئيسها السابق في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي إثر انتفاضة شعبية عارمة. ويصور التقرير بعض ملامح الاشتباكات والمواجهات الميدانية التي تدور بين الجيش والناشطين، إلا أنه يبرز جانبا آخر، وربما كان الأهم، من تلك المواجهات بين الطرفين: ميدان الحرب الإعلامية.
و يوصف تلك الصورة التي ظهر عليها الشاب المصري عبودي (إبراهيم العبودي)، والذي بات يطلق عليه لقب "مفجر أحداث مجلس الوزراء الدامية".
تقول الصحيفة إن منظر وجه عبودي المغطى بالدماء، جراء الضرب المبرح الذي تعرض له على أيدي العسكر في وقت سابق من الشهر الجاري، هو الذي أثار آلاف النشطاء ودفع المتظاهرين ليشتبكوا مع عناصر الجيش لخمسة أيام بعد تلك الحادثة التي سقط فيها 13 شخصا على الأقل.
وتضيف الصحيفة أن وجه عبودي الدامي، وإن كان في الواقع يمثل الشرارة التي أشعلت المواجهات، فهو أيضا يشكل رمزا "للحرب الإعلامية التي باتت تحدد معالم الحراك السياسي وطابع الاضطرابات التي تشهدها مصر ما بعد الثورة".
ويدلل التقرير على ذلك بالطريقة وبالسرعة التي انتشرت وفقهما لقطة الفيديو التي تظهر إصابة عبودي، وبدور تلك الصورة بإثارة غضب الآلاف من الناشطين والناشطات المصريين، رغم أن تلك اللقطة جرى تصويرها من قبل أحد الناشطين أنفسهم من حركة أطلقت على نفسها اسم "مصرون"، وأفرادها أمثلة حية على ما باتوا يعرفون ب "الصحافيين المواطنين".
أما المثل الثاني الذي تدلل المراسلة من خلاله على قوة وفعالية وسائل الإعلام، لا سيما صحافة المواطن" منها، في إثارة الرأي العام وتشكيله فهو شريط الفيديو القصير الذي يظهر فيه عدد من الجنود المصريين وقد راحوا يجرون إحدى الناشطات على الأرض قبل أن يعروها من ملابسها ويقوم أحدهم بركلها بحذائه العسكري على صدرها.
يقول التحقيق إن مظاهرة نسائية حاشدة خرجت مساء الثلاثاء للاحتجاج على جر وتعرية الناشطة الشابة من قبل العسكر هي التي أرغمت المجلس الأعلى للقوات المسلحة على سحب الجيش من الشوارع، وذلك بعد تقديمه الاعتذار أيضا عن تلك الحادثة.
وينقل التحقيق عن إحدى الناشطات من حركة "مصرون"، واسمها سلمى سعيد، قولها عن العسكر: "يجب ألا يكونوا هم الوحيدين الذين يملكون الحقيقة".
وتضيف سلمى: "إعلام الدولة يفعل ما توده الدولة أن يفعل. فأحيانا يثيرون العنف الطائفي (ضد المسيحيين)، ويلوون عنق الحقيقة، ويتجاهلون ما يحدث".
وتردف الناشطة، وهي واحدة ممن باتوا يعرفون ب "الصحافيين المواطنين"، قائلة: "نحن نريد أن نحطم القيود حول من له الحق بقول الحقيقة".
وتختم الناشطة بالقول: "بالطبع إنها حرب إعلامية. لكن اسمنا هو مصرون، ونحن مصرون على إنجاح الثورة".