اكد مراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا الاثنين انهم سجلوا حصول "انتهاكات" بما فيها "حشو صناديق الاقتراع" ببطاقات تصويت اثناء الانتخابات التشريعية في روسيا التي فاز فيها حزب فلاديمير بوتين الاحد بالغالبية المطلقة في مجلس النواب، على الرغم من تراجعه.
ولفتت بعثة مراقبي المنظمة الى ان "التصويت كان منظما جدا لكن نوعية العملية تدهورت بشكل كبير خلال فرز الاصوات الذي تميز بانتهاكات عدة في العملية وخصوصا مع مؤشرات على حشو صناديق اقتراع ببطاقات تصويت".
من جهة اخرى ، اعتقل اكثر من 300 متظاهر بينهم المدون المناهض للفساد الكسي نافالني، في موسكو بينما كانوا يحاولون تنظيم مسيرة احتجاج للتنديد بسير عملية الانتخابات التشريعية، كما افادت الشرطة بحسب ما ذكرت وكالة ريا نوفوستي.
وقال المكتب الاعلامي للشرطة في موسكو "اعتقل اكثر من 300 شخص، بينهم (ايليا) ياشين و(الكسي) نافالني اللذان دعيا بقوة الى عصيان اوامر الشرطة".
وكان الاف الروس تجمعوا مساء الاثنين في موسكو وسان بطرسبورغ للاحتجاج على سير العملية الانتخابية التي شهدت فوز حزب فلاديمير بوتين "روسيا الموحدة" واتهامات كثيفة بالتزوير.
وفي موسكو تجمع اكثر من ثلاثة الاف شخص غالبيتهم من الشبان تحت امطار غزيرة في وسط المدينة للتنديد بالطريقة التي جرت فيها الانتخابات في الرابع من ديسمبر.
وفي سان بطرسبورغ، تجمع اكثر من 200 شخص في وسط المدينة في تجمع غير مرخص له. واعلن المتحدث باسم الشرطة فياتشيسلاف ستبتشنكو لوكالة فرانس برس اعتقال مئة شخص.
وقد مني حزب روسيا الموحدة بزعامة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بنكسة في الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد لكنه يحتفظ مع ذلك بغالبية في الدوما (مجلس النواب) بحسب نتائج نشرت الاثنين في اعقاب اقتراع مثير للجدل.
وقد حصل حزب روسيا الموحدة بموجب نظام معقد لتوزيع المقاعد مرتبط بكيفية الاقتراع، على 238 مقعدا من اصل 450 اي 12 مقعدا اكثر من الغالبية المطلقة، لذلك لن يكون الحزب بحاجة لاي تحالف لتشكيل الحكومة.
ونال الحزب الشيوعي الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الاحد، 92 مقعدا فيما حصل حزب روسيا العادلة (وسط-يسار) على 64 مقعدا والحزب الليبرالي الديموقراطي (قومي) على 56 كما اعلن فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة الانتخابية المركزية.
واحتسب توزيع المقاعد النيابية على اساس عمليات الفرز في 96% من مراكز التصويت. وحصد حزب روسيا الموحدة 49,54% من الاصوات وهو مستوى مرتفع جدا لكنه يمثل تراجعا بحوالى 15 نقطة مقارنة بالنتيجة التي حققها في انتخابات 2007 (64,3%).
وكان حزب بوتين حصل انذاك على 315 مقعدا في الدوما، ليخسر بذلك 77 نائبا غالبية الثلثين التي سمحت له بتعديل الدستور.
ولفتت الصحف الروسية الاثنين الى ان هذه النتيجة ليست براقة بالنسبة للحركة التي يقودها فلاديمير بوتين والتي كان يترأس لائحتها في الانتخابات التشريعية رئيس الدولة ديمتري مدفيديف.
واعتبرت صحيفة كومرسانت ان حزب "روسيا الموحدة فقد الغالبية الدستورية" و"سيترتب (عليه) البحث عن شركاء" في مجلس النواب.
وعنونت صحيفة فيدوموستي صفحتها الاولى "حزب الاقلية" عن روسيا الموحدة.
ولفتت الصحف الى ان هذه النتيجة سجلت بفضل آلة ادارية في خدمة نظام بوتين نظمت عمليات تزوير ومارست ضغوطا على المنظمات غير الحكومية ووسائل الاعلام المستقلة.
وكتبت فيدوموستي "اذا كان المجتمع بحاجة الى برهان على ان الانتخابات +مفبركة+، فان هذا البرهان يكمن في عصبية السلطات ورد فعلها الهستيري حيال المحاولات المشروعة والسلمية لمراقبة سير عملية الاقتراع".
واشارت الصحيفة بصورة خاصة الى الهجمات الالكترونية التي شلت مواقع منظمة غولوس غير الحكومية لمراقبة الانتخابات والتي تتعرض اساسا لضغوط من جانب القضاء، ووسائل اعلام مستقلة مثل صحيفة كومرسانت واذاعة صدى موسكو.
وكان عدد منها لا يزال معطلا صباح الاثنين.
وراى الخبير السياسي بوريس ميجويف في صحيفة ازفستيا ان "الانتخابات تحولت عمليا الى استفتاء ضد روسيا الموحدة".
واعتبر غينادي زيوغانوف زعيم الحزب الشيوعي ان "الناخبين رفضوا منح ثقتهم للسلطات" ما سيرغم الكرملين على التعامل مع المعارضة في البرلمان.
واشارت فيدوموستي الى ان "كثيرين سيرفضون الاعتراف بنتائج مثل هذه +الانتخابات+".
وسيعلن مراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا موقفهم حوالى الساعة 10,00 بتوقيت غرينتش.
لكن الخبير السياسي الروسي يفغيني فولك من صندوق يلتسين خفف من اهمية تراجع حزب بوتين.
وقال "ان روسيا الموحدة لم يعد يملك غالبيته الدستورية، لكن الامر ليس خطيرا (...) فما كانوا يريدون تغييره في الدستور، قاموا بتغييره فعلا".
وراى المحلل الكسندر غولتز على موقع ايدجي.رو ان الناخبين الروس "خدعوا" اثناء "هذه المحاكاة للتعبير عن الرغبة الشعبية".
وقال ان فلاديمير بوتين المرشح الى الانتخابات الرئاسية المرتقبة في اذار/مارس 2012 بحيث يترك الرئيس مدفيديف له المكان، اثبت مرة اخرى انه هو الذي يقرر كل شيء.
واضاف غولتز "ان الهدف هو اقناع البلاد بان بوتين سيفعل ما يشاء اليوم وغدا وبعد غد".
ولفت رئيس الوزراء الحالي والرجل القوي في البلاد ليل الاحد الاثنين الى ان نتائج الانتخابات التشريعية ستسمح ب"النمو المستقر للبلاد".
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين ان لدى الولاياتالمتحدة "تخوفات جدية" بشأن الطريقة التي ادارت بها روسيا الانتخابات التشريعية.
وقالت في مؤتمر صحافي "لدينا تخوفات جدية بشان اجراء الانتخابات"، مشيرة الى تقرير اولي لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا تحدث عن محاولات مفترضة لحشو صناديق الاقتراع بالاوراق وتزوير قوائم الناخبين.
وقالت انها تتوقع ان يتم اطلاعها على التفاصيل بعد وصولها في وقت لاحق من الاثنين الى مقر منظمة الامن والتعاون في اوروبا في فيلنيوس.
واضافت "كما اننا قلقون بشان معلومات عن تعرض مراقبي انتخابات روس مستقلين للمضايقة، وعن تعرض مواقعهم الالكترونية لهجمات".