عزز الرئيس السابق لمجلس النواب الاميركي نيوت غينغريتش موقعه الثلاثاء كالمنافس الرئيسي لميت رومني في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين لاختيار مرشحهم للرئاسة وذلك بعد اداء قوي في مجال السياسة الخارجية. وبعدما اظهرت استطلاعات الرأي تقدمه بفارق اربع نقاط على حاكم ولاية ماساتشوستس السابق، خرج غينغريتش من الظل سريعا عند الحديث عن الامن القومي فيما كان كثيرون ظنوا قبل عدة اشهر ان حملته تلاشت.
فحينما وجه له السؤال الاول حول قانون باتريوت، الذي وسع صلاحيات التفتيش والمراقبة في اطار مكافحة الارهاب في اعقاب 11 سبتمبر، تبنى غينغريتش لهجة قوية وواثقة.
وقال غينغريتش "سأسعى لتعزيزه (قانون باتريوت) لانني اعتقد ان الاخطار كبرى فعلا"، مضيفا انه يتعين ان يكون هناك "تفهم صادق بأننا جميعا سنكون في خطر ما تبقى من حياتنا".
وخلال المناظرة التي استمرت ساعتين بقاعة "بنات الثورة الاميركية" الشهيرة بواشنطن على مقربة من البيت الابيض، اختلف المرشحون مرارا إذ تباينت آرؤاهم حول كيفية التعامل مع العديد من التهديدات الرئيسية التي تواجه اميركا في العالم. وفي نقاش كان الاشد اقترح حاكم تكساس ريك بيري وقف كل المساعدات المالية لباكستان، اذ "انهم (الباكستانيين) اثبتوا لنا المرة تلو الاخرى انه ليس بالامكان الوثوق بهم".
غير ان عضوة الكونغرس عن مينيسوتا ميشال باكمان وصفت بيري بأنه "ساذج جدا" اذ قد تصل الاسلحة النووية الباكستانية لايدي القاعدة اذا اوقفت الولاياتالمتحدة انخراطها مع اسلام اباد.
وحذرت باكمان من ان "تلك الاسلحة قد تجد طريقها خارج باكستان الى مدينة نيويورك او واشنطن العاصمة، وربما انفجرت قنبلة نووية في هذه المدينة".
واما رومني، الذي انتقده البيت الابيض قبل ساعات من المناظرة على خلفية اعلان ضمن حملته الدعائية، فقد شن هجوما مضادا متهما الرئيس الاميركي باراك اوباما بأنه يعتبر الولاياتالمتحدة "مجرد بلد اخر بين البلدان لا يميزه سوى علم مختلف".
وقال رومني "الرئيس اوباما يعتذر عن اميركا.. الرئيس اوباما يعتقد ان القرن المقبل قرن عالمي، قرن آسيوي. اما انا فأعتقد ان علينا ان نؤكد على أنه قرن اميركي تقود فيه اميركا العالم الحر".
ثم جاء دور بيري لمهاجمة الصين التي كثيرا ما تحمل مسؤولية المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها الولاياتالمتحدة، متكهنا بأن القادة الشيوعيين الصينيين سينتهي بهم الامر في "مزبلة التاريخ" لانهم لا يقودون "دولة فضائل".
اما جون هانتسمان حاكم يوتا السابق والذي عمل سفيرا لبلاده في الصين فقد خرج بأفضل اداء له في مناظرة حتى الان، حيث استعرض خبرته بالسياسة الخارجية وعارض رومني بالاخص حينما المح الى انسحاب اسرع من افغانستان.
اما رون بول عضو الكونغرس المخضرم عن تكساس فقد استحوذ على مساحة ليست قليلة من المناظرة، وعلى رغم ان وجهات نظره المتحررة تخرج عن الاطار المعهود للحزب الجمهوري، الا انه حافظ على تاييد قوي له في المعركة للمنافسة المرتقبة للفوز بالترشيح الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية تشرين الثاني/نوفمبر 2012.
ولكن غينغريتش برز على انه المنافس الابرز لرومني الذي حشد لنفسه دعما ماليا وتنظيميا ضخما انعكس في حملة دعائية منمقة.
ويتعين ان يثبت غينغريتش ان لديه القدرة على مواصلة احتلال الصدارة بمواجهة باكمان وبيري ورجل الاعمال المتقاعد هيرمان كين، إذ سطع نجم كل منهم في حملة الترشح الانتخابي قبل ان يخبو تباعا.
وبحسب استطلاع لاراء الناخبين الجمهوريين على صعيد الولاياتالمتحدة نشرت جامعة كوينيبياك الثلاثاء نتائجه حاز غينغريتش على المرتبة الاولى بنسبة 26 بالمائة مقارنة الى 22 بالمائة لرومني. كذلك اكد استطلاع لسي إن إن تقدم غينغريتش بنفس الفارق.
ورغم تصدره استطلاعات الرأي الحزبية على الصعيد القومي، يجازف غينغريتش بإغضاب القاعدة الجمهورية بتلميحه الى منح عفو عن اللاجئين غير الشرعيين الذين امضوا امدا طويلا في الولاياتالمتحدة، اذ ان نتائج استطلاعات التأييد على مستوى الولايات فرادى تعكس صورة متباينة بين الولايات وتختلف عن الاستطلاع القومي الاجمالي وان لم تقل عنه اهمية.
فقد قال غينغريتش "من امضى هنا 25 عاما ولديه ثلاثة اولاد وحفيدان وظل يدفع الضرائب ويطيع القانون وينتمي الى كنيسة محلية، فإنني لا اعتقد انه ينبغي ان نفرق بينه وبين اسرته ونقتلعه من جذوره ونطرده خارج البلاد".
وقد يمثل غينغريتش التحدي الاكبر امام رومني حتى الان حيث يبقي على صلات مع المؤسسات الحزبية كما يتصدر استطلاعات الرأي في أياوا اول ولاية تدلي بصوتها حينما يبدأ معترك الترشح الجمهوري فعلا في الثالث من كانون الثاني/يناير المقبل.
وغينغريتش سياسي مخضرم في الكونغرس يبلغ الثامنة والستين من عمره وكان قياديا بارزا في الساحة السياسية الاميركية في التسعينات حتى وصل الى منصب رئيس مجلس النواب مع تمكن الجمهوريين من كسر احتكار الحزب الديموقراطي لللاغلبية في المجلس وهو الاحتكار الذي دام 40 عاما.
غير ان نجم غينغريتش افل اذ استقال في 1998 بعد ان سارت الامور عكس رغبته بمواجهة الرئيس انذاك بيل كلينتون فيما يتعلق بنزاع حكومي.
وكان غينغريتش قد اعترف قبلا انه زنى وقد طلق مرتين وهجر زوجته الاولى بعد تلقيها العلاج من السرطان -- وهي الامور التي قد تعتبر قاضية بالنسبة لفرصه بكسب تاييد الناخبين المحافظين اجتماعيا الذين يشكلون كتلة رئيسية داخل الحزب الجمهوري.
وكادت حملة غينغريتش تنتهي قبل ان تبدأ حينما اضرب العاملون بها اضرابا جماعيا في حزيران/يونيو حينما توجه غينغريتش في عطلة بحرية في الجزر اليونانية برفقة زوجته.
ولكن غينغريتش بدا مرتاحا على غير العادة بعد ادائه في مناظرة مساء الثلاثاء.