كاميرون وميركل يتحدثان الى الصحافة قبل بدء محادثاتهما في برلين الجمعة
اعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة عن ثقته في قدرة منطقة اليورو على الخروج من ازمة الديون التي تجتازها وحث على دعم المؤسسات وبينها البنك المركزي الاوروبي للعملة الموحدة.
وعقب محادثات مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في برلين عبر كاميرون عن ثقته التامة في التزام المانيا بالدفاع عن اليورو الامر الذي قال انه يصب "في صالح بريطانيا".
وقال كاميرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل "بالطبع هذا وقت صعب -- وهو ما تعكسه الاسواق -- ولكنني لا اقلل ولو للحظة من شأن التزام البلدان مثل المانيا وبلدان منطقة اليورو بانجاح العملة". وتابع "حيث ان هذا في صالح بريطانيا وهو ايضا ما نريد ان نراه". وبينما تسابق اوروبا الزمن لاستعادة الاستقرار والثقة بمواجهة اثار ازمة ديون منطقة اليورو، دعا كاميرون كافة مؤسسات منطقةاليورو للدفاع عن العملة الاوروبية الموحدة.
وقال "كما اتفقنا في مجموعة العشرين يتعين على كافة مؤسسات منطقة اليورو دعم العملة وفعل ما يلزم للدفاع عنها -- وهو ما يلزم حدوثه"، في اشارة الى القمة التي جرت هذا الشهر في كان بفرنسا وردا على سؤال حول الدور المتوقع ان يضطلع به البنك المركزي الاوروبي.
فقد حث كاميرون، الذي لم تنضم بلاده الى منطقة اليورو، على اللجوء الى البنك المركزي الاوروبي ك"سلاح ماض" للدفاع عن اليورو عبر عملية شراء سندات ضخمة وإقراض البلدان الغارقة في الديون ان لم تجد من يقرضها -- وهي التصورات التي عارضتها برلين بشدة.
وعقب الاجتماع اكدت ميركل معارضتها لشراء البنك الاوروبي لسندات ضخمة قائلة "علينا الحرص على الا نتظاهر ان لدينا امكانات ليست لدينا في الواقع"، معقبة على تصريحات ادلت بها هذا الاسبوع قالت فيها ان البنك الاوروبي ليس لديه الحق في القيام باجراءات من هذا القبيل بموجب القواعد المعمول بها حاليا. وتابعت "سرعان ما ستكتشف الاسواق ان هذا لن ينفع". كما تريد ميركل مزيدا من الاندماج في اوروبا ما يعارضه كاميرون، متأثرا بخلفية تشككيه لدى حزبه حزب المحافظين البريطاني ازاء المشروع الاوروبي.
وكان كاميرون قد انتقد في كلمة القاها الاثنين ما وصفه ب"الخطط العملاقة والرؤى المثلى (اللاواقعية)" داعيا الى تحلي الاتحاد الاوروبي "بالمرونة كشبكة عمل وليس بتصلب كتلة واحدة"، متطرقا الى الازمة باعتبارها فرصة لاسترجاع حكومات الدول الاعضاء صلاحيات من المؤسسة المركزية الاوروبية في بروكسل.
ويشعر المعلقون الالمان بتوجس ازاء المزاج المعادي لاوروبا في لندن إذ قالوا انه يبدو وكأن كاميرون يبحث عن كبش فداء يحمله مسؤولية البيانات الاقتصادية السيئة التي وردت هذا الاسبوع ومنها مستوى قياسي من الشباب العاطل عن العمل بلغ مليونا في بلاده.
وقبل تصريحات كاميرون وميركل عقب اجتماعهما كتبت صحيفة زوديتشه تسايتونغ الالمانية ذات توجه يسار الوسط "ان الاجواء بين البلدين باتت في الوقت الراهن ملبدة اكثر منها منذ وقت طويل".
وقالت مجلة دير شبيغل الاخبارية الاسبوعية في طبعتها على الانترنت "ان حكومة كاميرون تواجه معضلة.. فهي تريد النأي ما امكنها عن الازمة في القارة، ولكنها تريد ايضا ان يكون لها قول في الامور إذ تغير ذات الازمة طبيعة الاتحاد الاوروبي، وبريطانيا بين ثلاثة من كبار بلدانه".
كما ترغب ألمانيا في ان تبذل بريطانيا مزيدا من الجهد على صعيد حل ازمة الديون من قبيل دعم اقرار ضريبة على التعاملات المالية، وهو ما تخشى الاوساط المالية والتجارية في لندن ان يؤدي إلى هروب الاستثمارات. ولا يبدو ان تصريحات كاميرون عقب اجتماع الجمعة قد اسهمت في التجاوب مع الرغبة الالمانية.
غير ان ميركل سعت الى تلطيف الاجواء بعد اسبوع ساخن، حيث اعربت عن ثقتها بامكان التوصل الى حل وسط مع نظيرها البريطاني. وقالت المستشارة الالمانية "لطالما وجدت انا وديفيد حلا كلما عملنا معا على التصدي لمشكلة".
وكان فولكر كاودر زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي لميركل والمعروف بعدم تردده في المواجهة، قد اثار هذا الاسبوع استياء بدعوته بريطانيا "لكي تفعل ما يجب ان تفعله" لانقاذ اليورو، مؤكدا كذلك صدارة ألمانيا لاوروبا قائلا ان القارة باتت "تتحدث الالمانية" ما اثار صيحات الاستهجان بين أروقة الصحافة البريطانية.
ومن جانبه نحى الرئيس الجديد للبنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي جانبا الجمعة المشادات السياسية قائلا ان جل اهتمام البنك هو الحفاظ على استقرار الاسعار، بينما حث حكومات الدول على ضبط اوضاعها المالية للخروج من الازمة. وفي ظل الاجواء الراهنة أشار دراغي الى "الاهمية الحيوية.. لاستمرارية ومصداقية وتوافقية" البنك الاوروبي وسياساته النقدية.
وفي بروكسل، التي زارها قبل برلين، لم يدل كاميرون بتصريحات عقب اجتماعه مع رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو ورئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي.
غير ان بيانا صدر عن مكتب باروزو ذكر ان الزعماء اتفقوا على الحاجة الى اتخاذ فعل حاسم "لضمان استقرار نطاق اليورو والتسريع بإجراءات تنشيط النمو والتوظيف". وأضاف البيان انهم "شددوا على الاهمية المحورية للمزيد من الدفع باتجاه تطوير السوق الموحد".