قالت منظمة هيومان رايتس ووتش: إن قوات الحكومة السورية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في إطار محاولتها قمع المعارضة المناهضة لحكم الرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حمص المضطربة. وحثت المنظمة في تقرير صدر اليوم الجمعة مندوبي جامعة الدول العربية الذين سيجتمعون غدا السبت على تعليق عضوية سوريا في الجامعة، ومطالبة الأممالمتحدة بفرض عقوبات على الأفراد المسئولين عن تلك الجرائم، وإحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت المنظمة في بيان صاحب التقرير "الطبيعة المنهجية للانتهاكات بحق المدنيين في حمص من قبل قوات الحكومة السورية، ومن بينها جرائم تعذيب وقتل خارج نطاق القانون تمثل جرائم ضد الانسانية."
وأوضحت المنظمة أن قوات الأمن السورية قتلت 104 أشخاص على الأقل في حمص منذ الثاني من نوفمبر تشرين الثاني، حين وافقت الحكومة السورية على خطة وضعتها الجامعة العربية لإنهاء العنف وبدء حوار مع معارضي الأسد. وقالت المنظمة: إن عمليات القتل هذه جاءت بعد قتل ما لا يقل عن 587 مدنيا في حمص بين شهري إبريل وأغسطس، وهو أكبر عدد من القتلى يسقط في أي محافظة سورية.
وقالت سارة لي ويتسون مديرة الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش "حمص صورة مصغرة لوحشية الحكومة السورية.. يتعين على الجامعة العربية إبلاغ الرئيس الأسد بأن انتهاك الاتفاق بينهما له تبعات، وأنها تؤيد الآن تحرك مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة) لإنهاء المجزرة."
وتقول الأممالمتحدة: إن 3500 شخص قتلوا في حملة قمع الأسد للاحتجاجات التي بدأت في منتصف مارس واستلهمت ثورات عربية أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا. وتلقي السلطات السورية باللائمة في العنف على جماعات مسلحة، وتقول: إن الجماعات قتلت 1100 من قوات الشرطة والجيش.
وتحظر سوريا عمل معظم وسائل الإعلام الأجنبية، مما يجعل من الصعب التحقق من روايات نشطاء المعارضة أو المسئولين.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش: إنها منعت أيضا من دخول سوريا ووصفت الحصول على معلومات دقيقة بأنه مهمة "تنطوي على تحد." واستند تقرير المنظمة إلى مقابلات مع 114 من سكان حمص الذين إما هربوا إلى دول مجاورة أو تحدثوا عبر الإنترنت من داخل سوريا.
وأضافت أن قوات الأمن السورية نفذت عمليات عسكرية واسعة النطاق في عدة بلدات بالمحافظة ومن بينها مدينة حمص وبلدة تل كلخ على الحدود مع لبنان.
وأكدت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أن "قوات الأمن استخدمت بشكل منهجي الرشاشات الثقيلة ومن بينها مدافع مضادة للطائرات توضع على عربات مصفحة لإطلاق النار على الاحياء لترويع الناس قبل دخول حاملات الأفراد المصفحة وغيرها من عربات الجيش. "يقطعون الاتصالات ويقيمون نقاط تفتيش تحد من حركة الدخول إلى الأحياء والخروج منها وتوصيل الغذاء والدواء." وذكرت هيومان رايتس ووتش أن الالاف في حمص وباقي أنحاء سوريا يتعرضون لاعتقالات تعسفية وعمليات اختفاء قسري وتعذيب ممنهج أثناء الاحتجاز. وأفرج عن معظم المحتجزين بعد عدة أسابيع لكن عدة مئات مازالوا مفقودين.
وقالت المنظمة: إنها وثقت 17 حالة وفاة أثناء الاحتجاز في حمص بينهم 12 على الأقل من الواضح أنهم ماتوا من التعذيب. وأضافت قائلة: إن "تعذيب المحتجزين منتشر" وأنها تحدثت مع 25 محتجزا سابقا في حمص قالوا جميعا: إنهم تعرضوا إلى أشكال مختلفة من التعذيب.
ونقلت المنظمة عن رجل احتجز في قاعدة تابعة للمخابرات العسكرية في حمص قوله إنه تعرض للضرب بالأسلاك وعلق من يديه. وقال "كنت أترك معلقا هناك لنحو ست ساعات على الرغم من أنه يصعب تحديد المدة. كانوا يضربونني ويسكبون الماء فوقي ثم يستخدمون صواعق الكهرباء."
وقالت هيومان رايتس ووتش: إن الانشقاقات في صفوف الجيش زادت منذ يونيو، وإن بعض سكان حمص شكلوا "لجان دفاع" مسلحة بالمسدسات والمقذوفات الصاروخية.
وأفادت وسائل إعلام حكومية سورية ونشطاء بأن اغتيالات عدة وقعت في المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأنها استهدفت أشخاصا اعتبروا متعاطفين مع الأسد. وقالت المنظمة الحقوقية "يستحق العنف من قبل المحتجين أو المنشقين المزيد من التحقيق.. لكن هذه الحوادث لا تبرر بأية حال الاستخدام الممنهج للقوة الفتاكة ضد المحتجين.