نيامي (رويترز) - قال لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم الاحد ان لديه " أدلة دامغة" على أن سيف الاسلام القذافي ابن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي ساعد في الاستعانة بالمرتزقة لمهاجمة المدنيين الليبيين الذين كانوا يحتجون على حكم والده. في الوقت نفسه ادى احتمال هروب سيف الاسلام الى النيجر المجاورة لليبيا الى جعل ذلك البلد الافريقي يحاول ايجاد توازن بين تعهداته للمحكمة الجنائية الدولية وتفادي وقوع تمرد اخر من جانب افراد قبيلة الطوارق المدججين بالسلاح.
وبعد قتل القذافي تغامر ليبيا نفسها بوقوع اعمال عنف قبلية وتمرد وفوضى اذا لم ينزع حكام ليبيا الجدد سلاح الميليشيات الاقليمية ومعالجة الشكاوي التي ظلت مكبوتة خلال حكم الفرد الواحد الذي استمر 42 عاما.
وعلى الرغم من الاعتقاد بانه هارب في مكان ما في الجبال الواقعة على حدود ليبيا الجنوبية مع الجزائر والنيجر فان سيف الاسلام (39 عاما) يسعى بشكل حثيث لتفادي ملاقاة نفس مصير والده الذي ضرب وأسيئت معاملته واطلقت النار عليه لدى اعتقال قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي له في 20 اكتوبر تشرين الاول بعد سقوط سرت مسقط رأسه.
وسيساعد تسليم سيف الاسلام نفسه للمحكمة الجنائية الدولية في اصلاح صورة الحملة التي دعمها حلف شمال الاطلسي لاسقاط القذافي والتي لطخت في نظر البعض في الغرب بعد تصوير القذافي وهو يذل ويقتل ويعرض علنا كجثة امام الناس .
وقال مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لرويترز خلال زيارة الى بكين "لدينا شاهد شرح كيف أن سيف كان يشترك في التخطيط للهجمات على المدنيين بما في ذلك استئجار مرتزقة من دول مختلفة ونقلهم وأيضا الجوانب المالية التي كان يغطيها."
وقد يحاول المجلس الوطني الانتقالي محاكمة ابن القذافي بنفسه الا أن سيف الاسلام يجري اتصالات غير مباشرة مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن استسلام محتمل لكنه ربما تكون لديه أيضا امال في أن يتمكن المرتزقة الذين يحمونه من تهريبه الى بلد افريقي صديق.
وتعهدت النيجر جارة ليبيا الجنوبية باحترام التزاماتها تجاه المحكمة الجنائية الدولية ولكنها تدرك أن مثل هذا الاجراء قد يثير اضطرابات في المناطق الصحراوية حيث وقعت سلسلة من الاضطرابات في الماضي ضد نيامي تحت رعاية القذافي الذي يصفه العديد من سكان الصحراء بالبطل.
وقال عضو بارز في الحكومة الائتلافية في النيجر لرويترز ان مكان سيف الاسلام ما زال مجهولا لكن الاستسلام هو خياره المفضل. وستتعاون النيجر مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان تسليمه باقصى درجة من الامان.
وقال حابي محمدو ساليسو نائب رئيس الحركة الديمقراطية في النيجر "ربما يكون الافضل ان يذهب من تلقاء نفسه بدلا من ان يتعقبه الليبيون ويقبضوا عليه ويعدموه دون محاكمة في نهاية الامر مثلما فعلوا مع والده."
وقال وزير الخارجية السابق انه على ثقة بان نقل سيف الاسلام لن يثير تمردا جديدا للطوارق في النيجر مشيرا الى جهود الحكومة في الاونة الاخيرة لدمج مسؤولين من الطوارق في مواقع السلطة.
لكنه اقر بتأثير الزعيم الليبي السابق على النيجر. وقال "ايد القذافي فعليا كل حركات التمرد في النيجر ثم تمكن من ايجاد حل لها."
وأوضح مورينو اوكامبو أن لديه عددا من الشهود يمكن أن يدلوا بأقوالهم ضد سيف الاسلام الذي قال انه التقى به قبل عدة سنوات عندما كان سيف الاسلام يؤيد جهود المحكمة الجنائية الدولية لالقاء القبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير بسبب مذابح جماعية مزعومة وجرائم أخرى في دارفور.
وأضاف "لذلك فان لدينا أدلة دامغة تعضد القضية لكن بالطبع سيف ما زال بريئا (افتراضيا) وسيتعين مثوله أمام المحكمة وسيتخذ القاضي قراره."
وقال مورينو أوكامبو انه سيطلع مجلس الامن التابع للامم المتحدة يوم الاربعاء بشأن عمل المحكمة في الشأن الليبي.
وحذرت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا سيف الاسلام من أنها من الممكن أن تأمر باعتراض أي طائرة تقله في الجو اذا حاول الفرار جوا من مخبئه في الصحراء للوصول الى ملاذ امن.
ومضى مورينو أوكامبو يقول "تلقينا عبر وسيط غير رسمي بعض الاسئلة من سيف بشأن النظام القانوني فيما يبدو.. ما الذي سيحدث له اذا مثل أمام القضاة.. هل يمكن اعادته الى ليبيا.. ما الذي يحدث في حالة ادانته.. ما الذي يحدث في حالة تبرئته."
وتابع "لسنا في أي مفاوضات مع سيف" مضيفا ان المحكمة لن ترغمه فيما بعد على العودة الى ليبيا اذا ابدت دولة اخرى رغبتها في استقباله بعد تبرئته او ادانته وانتهاء مدة عقوبته.
وقال وزير الاعلام في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود شمام ان المجلس لم يناقش الاتصالات غير المباشرة بين سيف الاسلام والمحكمة الجنائية الدولية. واضاف لرويترز في طرابلس انهم ليس لديهم موقف رسمي بشان هذه التقارير.
وقبل الانتفاضة الشعبية في ليبيا كان سيف الاسلام يصور نفسه باعتباره مؤيدا مستنيرا للاصلاح في الداخل وفي أنحاء الوطن العربي. لكنه توعد أثناء الانتفاضة بسحق معارضي حكم أبيه الذي استمر 42 عاما.
وعندما سئل مورينو أوكامبو عن هذا التحول في موقف سيف الاسلام أجاب "بعد كل هذه السنوات ليس هناك شئ يفاجئني."
ولم تعقب النيجر على تصريحات أصدرها قبل أيام زعماء محليون في شمالها النائي بأن سيف الاٍسلام دخل على الارجح جانبها من الحدود الجبلية سهلة الاختراق الممتدة مع ليبيا والجزائر ومالي.
وقال مسؤول عن منطقة أجاديز التي عبر منها الساعدي -وهو ابن هارب اخر من أبناء القذافي- يوم السبت انها استضافت محادثات أمنية مع مسؤولين امريكيين.
وتحدث هذا المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه عن خطط فرار لسيف الاسلام ورئيس المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي وهما مطلوبان في المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب.
وأضاف "السنوسي يجري نقله من مالي الى بلد غير موقع على معاهدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية وأنا واثق من أن كليهما (السنوسي وسيف الاسلام) سيجري نقلهما جوا أحدهما من مالي والاخر من النيجر."
غير ان عضوا بالبرلمان من شمال مالي هو ابراهيم الصالح اج محمد نفى وجود السنوسي أو سيف الاسلام في بلاده قائلا انهما لن يتمكنا من الدخول اذا حاولا ذلك.
ووقعت النيجر شأنها شأن مالي على القانون المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية لكن تسليم سيف الاسلام سيثير ضيق سكان الشمال الذين يشعرون بالبعد عن العاصمة نيامي واعتنقوا طويلا رؤية القذافي بشان شعب صحراوي عبر الحدود.
وقال مودور بركة الذي يقطن في اجاديز بشمال النيجر "مستعدون لاخفائه حيثما دعت الحاجة. نقول للمجتمع الدولي ابعد عن هذا الامر ولسلطاتنا الا تسلمه والا فاننا مستعدون للخروج الى الشوارع ويتعين عليهم التعامل معنا."
وكان القذافي الذي صور نفسه على انه "ملك ملوك" افريقيا اقام صداقات مع قبائل تقطن الصحراء في النيجر ومالي وغيرها من المستعمرات الفرنسية السابقة في غرب افريقيا وانفق الاموال بسخاء على دول افريقية عديدة.
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية سيف الاسلام بالاستعانة بالمرتزقة لتنفيذ خطة وضعها مع والده والسنوسي لقتل محتجين عزل.
والجزائر التي تستضيف ام سيف الاسلام واخته وشقيقه هانبيال واخاه غير الشقيق محمد لم توقع على معاهدة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية وكذلك السودان وزيمبابوي.