لافتات الثورة أدخلته إلى قلب الحدث هو المهندس محمد الأشقر المنسق الحالى للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» وصاحب تاريخ طويل من المعارضة لنظام مبارك، واعتقل فى عهده مرات كثيرة ولا تكاد تخلو مظاهرة طوال الثلاثين عاما الماضية إلا وتجد محمد الأشقر حاضرا بها، بل ومنظما لها فى أحيان كثيرة ويبتعد عن الإعلام. لذا فإن شهادته عن محاولة اغتيال «عمر سليمان» نائب الرئيس المخلوع هى شهادة صادقة إلى أبعد حد لأنها شهادة معارض له وليست شهادة شخص عادى يمكن أن يتعاطف مع أى مسئول فى لحظة خطر، المثير أن تعرض الأشقر للاعتقال والاحتجاز كان وراء تواجده فى لحظة تعرض عمر سليمان لمحاولة الاغتيال.
وبمناسبة فتح الحديث عن الحرس الجمهورى فى الأيام الأولى للثورة روى الأشقر شهادته المسجلة والمثيرة عن محاولة الاغتيال الغامضة، وفى السطور القادمة ننقل لكم أحداث مصادفة تواجد الأشقر فى قلب محاولة الاغتيال.
(خرج الأشقر بسيارته من ميدان التحرير الساعة الخامسة يوم الأحد 30 يناير متوجها إلى منزله بالجيزة إلا أنه اكتشف اغلاق كبارى قصر النيل وأكتوبر بسبب بدء سريان حظر التجوال منذ الساعة الرابعة عصرا.. فاتجه إلى طريق صلاح سالم.. فاستوقفه كمين للشرطة العسكرية قرب القلعة.. وأثناء تفتيش السيارات لفت انتباه افراد الكمين يافطات كفاية التى يضعها المهندس محمد الأشقر دائما على زجاج سيارته الخلفى فأمره ضابط بالركن تحت الكوبري.. وفتشت سيارته بعناية وأخرجوا منها لافتات ومنشورات حركة كفاية وبعد نصف ساعة.. جاءت سيارة جيب شرطة عسكرية وبها ضابط قبض على الأشقر وتم اقتياده إلى مقر الشرطة العسكرية بالقلعة، حيث وجد الأشقر شبابًا مقبوضًا عليهم جالسين على الارض وقاموا بكتابة بياناته وأخذوا منه رخصة القيادة ثم نقل لمقر تحريات الشرطة العسكرية بشارع الخليفة المأمون.. وعندما وصلها الأشقر كانت الساعة قد تخطت السادسة مساء ليجد نفسه فى مكتب مجاور لمكتب اللواء حمدى بدين مدير إدارة الشرطة العسكرية، ويؤكد الأشقر أنه بعد وصوله بعشر دقائق فقط سمع ضرب رصاص بغزارة شديدة أمام مقر الشرطة العسكرية وأن اللواء حمدى بدين أمر كل افراد الشرطة العسكرية بالنزول بالسلاح فهرع عدد كبير منهم للشارع وقتها لم تنقطع تليفونات المكتب عن الرنين.. ثم دخل ضابط ومعه جهاز لاسلكى أبلغ فيه قيادة مهمة «أن افراد المهاجمين كانوا يرتدون زى حرس جمهورى ويركبون سيارة إسعاف قاموا بمطاردة سيارة اللواء عمر سليمان وأطلقت عليها الرصاص فى الشارع.. إلا أن اللواء عمر سليمان كان يركب سيارة الحرس فى حين ركب الحرس سيارته «فطلب منه قائده معرفة وجود اصابات من عدمه فرد عليه الضابط» أن هناك شخصًا مقتولاً والثانى مصاب من حراس عمر سليمان «وعندما سأله عن القبض على المهاجمين رد عليه الضابط أنهم «نزلوا من سيارة الإسعاف وهربوا إلى منطقة المساكن القريبة «فطلب منه القائد «تفتيش تلك المساكن ومحاولة القبض عليهم».. فنزل الضابط من المكتب الذى يتواجد به الأشقر الذى اوضح أن الاشتباك بين حرس عمر سليمان والمهاجمين وأفراد الشرطة العسكرية استمر لمدة تزيد على النصف ساعة تم خلالها تبادل إطلاق الرصاص.
ظل اللواء حمدى بدين مدير الشرطة العسكرية فى الشارع.. وهو ما اضطر الضابط المكلف بتسليم محمد الأشقر إلى النزول بمحضر تسليم محمد الأشقر إليه.. حيث احتجز لليوم التالى فى عربة ترحيلات وسمع الأشقر الحراسة وهى تكرر التفاصيل السابقة لمحاولة الاغتيال الفاشلة.. ثم نقل الأشقر إلى معسكر احتجاز حبس فيه لمدة ثمانية أيام مع المقبوض عليهم من المتهمين فى قضايا سرقة وبلطجة ونقل إلى عنبر المجندين.. حتى جاء يوم المحاكمة العسكرية ليفاجأ أنه متهم «بكسر حظر التجوال» وحكم عليه بثلاثة شهور حبسًا.. إلا أن المشير أصدر قرارا بوقف تنفيذ الأحكام لمدة ثلاث سنوات.. ليخرج بعدها الأشقر فى يوم الاثنين 7 فبراير ويعود مرة أخرى للميدان.. بعد أن جعلته الظروف شاهدًا رغم أنفه على محاولة الاغتيال