بقلقٍ بالغ، واهتمامٍ كبير، تتابع وسائل الإعلام العبرية، بالإضافة لعددٍ من المحللين والسياسيين والإعلاميين في الكيان الصهيوني، المجريات والنتائج غير النهائية للمجلس التأسيسي في تونس، بعدما أظهرت تصدر حزب "النهضة" التونسي الإسلامي الفائزين وبنسبة كبيرة. ولم يخفِ الجانب "الإسرائيلي" مخاوفه من أن تؤدي هذه النتائج إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في تونس، بعدما كانت ولعقود عديدة دولةً علمانية، المخاوف هذه لم تقتصر على تونس وحدها، فقد أشار عدد من المحللين إلى تخوفهم من أن تنتقل عدوى فوز الإسلاميين من تونس إلى مصر في الانتخابات الرئاسية القادمة. جاء ذلك في تقرير لمجلة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية التي اعتبرت أن الانتخابات التي أجرتها تونس وفاقت فيها نسبة المشاركة 90 في المئة من المسجلين، وأظهرت نتائجها الأولية فوز الإسلاميين، تشير إلى أن الدول العربية التي وصلها قطار الربيع العربي تتجه نحو تكرار النموذج التونسي من حيث فوز الإسلاميين، وسيطرتهم على مقاليد الأمور، وهو الأمر الذي يدعو إلى قلق "إسرائيل" وخشيتها من فرض الشريعة الإسلامية في المنطقة. وقالت المجلة: "إن قادة الغرب الذين أشادوا بالنموذج التونسي ووصفوه بأنه تطور إيجابي من شأنه أن يجلب الحريات والديمقراطية للشرق الأوسط، نسوا أن هذا النموذج سوف يقود المنطقة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، خاصة بعد فوز حزب "النهضة" الإسلامي في أول انتخابات برلمانية حرة تشهدها بلدان الربيع العربي". ونقلت المجلة عن محللين تحذيرهم من أن الربيع العربي على وشك أن يلد شتاء إسلامياً، وكانت تونس أول دولة في الربيع العربي تطيح ب"الديكتاتور" زين العابدين بن علي الذي ظل جاثماً على صدرها طويلاً. وأوضحت المجلة أن هذا الفوز، والفوز المتوقع للإسلاميين في البلدان التي وصلها الربيع العربي؛ أمر يشير إلى أن تونس سوف تقود العالم العربي لفرض الشريعة الإسلامية، ثم تطرقت المجلة إلى الأوضاع في مصر، حيث إنها على وشك إجراء أول انتخابات منذ الإطاحة السابق حسني مبارك، وكل التقديرات تشير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تفوز بأغلبية مطلقة ومريحة في البرلمان، وهو ما يؤكد وجهة نظر المجلة بأن تونس سوف تقود العرب إلى تطبيق الشريعة مثلما قادته للثورات. تقول صحيفة "هآرتس" العبرية، بالتزامن مع انطلاق انتخابات المجلس التأسيسي الوطني في تونس: "إن هذه أول انتخابات ديمقراطية تجري في دول الربيع العربي"، مشيرة إلى أنها "أول امتحان للعالم العربي بعد الثورات، لا سيما أن الاستطلاعات تشير إلى تقدم الحزب الإسلامي على باقي الأحزاب". إلا أن بعض المحللين "الإسرائيليين" أشاروا إلى أن ما يجري في تونس ليس له تأثير مباشر على "إسرائيل"، بعكس مصر وسوريا، لكنهم استدركوا بالقول: "ما يخيفنا أن ما يجري في تونس سيكون له انعكاس مباشر بالضرورة على ما سيجري من انتخابات في مصر، ومن هنا تنبع مخاوفنا". ولم تغب التغطية الصحفية للانتخابات في تونس عن الإذاعة العبرية الرسمية وكبريات الصحف الإسرائيلية مثل "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" و"هآرتس"، حيث أفردت مساحة واسعة لتغطية مشاركة حزب "النهضة الإسلامي" -الذي وصفته بالحزب المتشدد-، في هذه الانتخابات واحتمالات فوزه. يقول آفي يسخاروف الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" العبرية: "المرشح من بين كل الأحزاب لنيل أغلبية الأصوات هو حزب النهضة الذي يمثل التيار الإسلامي المتماثل مع معسكر الإصلاحيين في "الإخوان المسلمين". وقال: "زعيم النهضة راشد الغنوشي، حاول في الأسابيع الأخيرة إن يعيد لحركته صورتها المعتدلة، غير الدينية بل وقدم امرأة بلا حجاب كمرشحة رائدة عن منظمته في إحدى المناطق الانتخابية". مضيفاً: "تشكل الانتخابات في تونس بلا ريب اختبار قوة للإسلام السياسي في الدول العربية، والتيار العلماني الذي يحاول منع التحول الإسلامي في هذه الدول وحتى الثورة... كانت تونس دولة علمانية صرفة، وكثيرون في الدولة يخشون من أن يكون في نية حزب النهضة إحلال قوانين الشريعة، رغم النفي من جانب راشد الغنوشي ورجاله". وتتمثل مهمة المجلس التأسيسي في وضع دستور لتونس يحل محل دستور 1959، وأيضا تولي التشريع وتقرير السلطات التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية التي تلي الانتخابات إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في ضوء الدستور الجديد.