تغرق تونس التي تشهد بعد سقوط نظام بن علي اضطرابات متزايدة، في مرحلة من التشكيك في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي للمرة الاولى عن احتمال تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي. وفي خطاب متلفز الى الامة مساء الاحد القى رئيس الوزراء الباجي قائد السبسي الذي كلفت حكومته ادارة شؤون البلاد حتى ذلك الاستحقاق، بظلال من الشك حول احترام الموعد المقرر في 24 تموز/يوليو بحجة "التأخير" في الاعمال التحضيرية. وقال ان "الحكومة اختارت موعد 24 تموز/يوليو. نحن متمسكون بهذا التاريخ لكن اذا قالت الهيئة العليا انه هناك مشاكل فنية او لوجستية فعندها يمكن النظر في تاريخ آخر". واضاف "صحيح ان هناك بعض التاخير (...) لكن الهيئة العليا لحماية اهداف الثورة مستقلة عن الحكومة التي تكتفي بتقديم الدعم المادي واللوجستي لها". وتشهد الساحة السياسية في تونس انقساما بين الاحزاب السياسية التي يدعو بعضها الحكومة الى اجراء انتخابات المجلس التاسيسي في موعدها المحدد وبين هذه الاحزاب بالخصوص حزب التجديد (الشيوعي سابقا) والحزب الديموقراطي التقدمي اللذان كانا شاركا في حكومة رئيس الوزراء السابق محمد الغنوشي. ومن الاحزاب الداعية الى تاجيل انتخابات المجلس التاسيسي الى الخريف هناك بالخصوص حزب الوحدة الشعبية وحزب العمال الشيوعي التونسي الذي كان دعا لتنظيم الانتخابات في تشرين الاول/اكتوبر. اما رئيس حزب النهضة الاسلامي راشد الغنوشي فقال في مقابلة ان "الوضع في تونس خطير" وان التونسيين "يشكون في مصداقية الحكومة" الانتقالية. وقال ايضا ان "رد فعل الحكومة حيال ما حدث (...) خلال التظاهرات كان وحشيا والشرطة ردت بقسوة شديدة (...)، انهم يرفضون ادراك ما حدث من تغييرات وان من حق التونسيين التظاهر"، في وقت تجري تظاهرات مناهضة للحكومة بشكل منتظم في تونس العاصمة منذ الخامس من ايار/مايو. ومنذ ثلاثة ايام تشهد احياء فقيرة في العاصمة التونسية اعمال عنف ونهب. ودعا السبسي الاحد الى انهاء اعمال العنف، قاطعا بذلك صمت السلطات بشأن هذه الاحداث. وشهد حي التضامن الفقير الواقع في احدى ضواحي تونس العاصمة ليل الاحد الاثنين اعمال شغب جديدة كما افاد شاهد عيان بالرغم من حظر التجول الذي فرض السبت في العاصمة لفترة غير محددة. وروى عبد الرزاق حويني احد سكان هذا الحي في اتصال هاتفي "لقد تكرر هذا الليل ما حصل في الليل السابق (ليل السبت الاحد) واستمر الامر حتى الخامسة صباحا وكان بمثابة لعبة الهر والفأر" بين قوات الامن ومجموعات من الشبان "في حال سكر شديد رغم حظر التجول". واضاف حويني ان "احد الشبان صعد الى سطح احد المنازل هربا من الشرطة التي تلاحقه وسقط"، مضيفا انه "سمع ان الشاب مات". وتعذر تاكيد الخبر على الفور. ومضى يقول "هؤلاء الشبان الفقراء كانوا يشربون كميات كبيرة من البيرة ولا ادري من الذي يمدهم بالمال، لذلك لا اعلم من يقف وراء كل هذا". واندلعت اعمال عنف السبت اثناء مباراة ضمن دوري ابطال افريقيا قرب العاصمة التونسية احرق خلالها مناصرون تونسيون مقاعد في الملعب والقوا زجاجات مياه على عناصر الشرطة وضربوا الحكم وبعض اللاعبين ما تسبب بحركة ذعر وتعليق المباراة. واليوم الاثنين تظاهر عشرات الصحافيين في جادة الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة تنديدا باعمال العنف الاخيرة التي تعرض لها خمسة عشر منهم اثناء تغطيتهم التظاهرات. وتثير اعمال العنف هذه غير المسبوقة منذ سقوط زين العابدين بن علي تخوفا من عودة الاساليب القمعية التي كان النظام السابق يستخدمها ازاء وسائل الاعلام. فقد تعرض 15 صحافيا يعملون في وسائل اعلام دولية لمعاملة قاسية من الشرطة اثناء تغطيتهم التظاهرات الخميس والجمعة في العاصمة. وقدمت وزارة الداخلية مساء الجمعة في بيان "اعتذاراتها الى الصحافيين والمواطنين الذين تم التهجم عليهم من دون قصد" مؤكدة "احترام العمل الصحافي". وفي هذه الاجواء المضطربة دعت احزاب سياسية عدة الاثنين الحكومة الانتقالية الى التحلي بالشفافية لاستعادة ثقة الشعب والعمل من اجل استقرار الوضع في البلاد.