جامعة كفر الشيخ تشارك في فعاليات معرض "أخبار اليوم"    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    سعر الفراخ البيض مساء اليوم 13 أغسطس 2025    تصلب إسرائيلى يتجاوز كل الحدود..الحرب في غزة سياسية ولا يوجد لها أي تفسير عسكري    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني وجروسي العودة إلى مفاوضات البرنامج النووي    الجيش الإسرائيلي يقر خطوطه العريضة لاحتلال مدينة غزة (تفاصيل)    انطلاق بطولة كأس مصر للتجديف من مياه قناة السويس وبحيرة التمساح بالإسماعيلية    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط عصابة استغلت الأطفال في التسول بالقاهرة والجيزة.. صور    «الداخلية» تضبط شخصين لارتكاب أحدهما فعلًا خادشًا للحياء ضد فتاة بالشرقية (فيديو)    نقيب الصحفيين ينعى صنع الله إبراهيم: «وداعًا لمن صنع من الكتابة حلمًا»    «تنوع كبير في العروض».. تفاصيل وموعد انطلاق فعاليات «القاهرة لمسرح العرائس»    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    ب 34 مليون جنيه.. روكي الغلابة يحقق إيرادات عالية خلال أسبوعين    ليلة استثنائية في حب فيروز وزياد رحباني علي أوتار ثنائي العود    المخططات الإسرائيلية للهجوم على غزة بين الموافقة والتمدد    كيفية تحسين جودة النوم والتخلص من الأرق    افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي بمستشفى الأورام الجامعي في المنيا    تدمير الآبار والينابيع وتعطيش السكان جنوبي الضفة الغربية    مؤتمر الإفتاء يحذر: فتاوى الذكاء الاصطناعي تشوه الدين    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    فضيحة اسمها الانتخابات    نور وغزل تحرزان ذهبية تتابع ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة بالإسكندرية    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    فكك 6 شبكات تجسس.. قصة خداع «ثعلب المخابرات المصرية» سمير الإسكندراني للموساد الاسرائيلي    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    رئيس الوزراء ينعي الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم    جامعة الجلالة توجه الشكر لأول مجلس أمناء بعد انتهاء بعد دورته    مجلس الوزراء يستهل اجتماعه بدقيقة حدادا على روح الدكتور علي المصيلحي    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    بعد صرف 800 مليون إسترليني.. هل نشهد أقوى سباق على الإطلاق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي؟    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    المصري يختتم تدريباته لملاقاة طلائع الجيش في الدوري    تخفيف الزحام وتوفير الأدوية.. تفاصيل اجتماع رئيس "التأمين الصحي" مع مديري الفروع    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور ويحيل عاملا للتحقيق- صور    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    فيلم "درويش" ينطلق اليوم في دور العرض السينمائي    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر    المشاط: العلاقات المصرية الأردنية تحظى بدعم مباشر من قيادتي البلدين لتحقيق التكامل الاقتصادي    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مينا نجا من رصاص مبارك ومات برصاص طنطاوى
نشر في الفجر يوم 14 - 10 - 2011

أصيب برصاصتين يوم جمعة «الغضب» الأولى وبثالثة يوم «موقعة الجمل» وسقط شهيداً برصاصتين أمام ماسبيرو
حركة «كلنا أقباط» وهى الحركة التى ضمت فى عضويتها شباباً مسلمين ومسيحيين للمطالبة بحقوق كل المصريين
خرج «مينا دانيال» ليبحث عن الحرية فى الميادين.. ولن يعود مرة أخرى، ذهب ليجلب الحرية.. العدالة.. الرحمة، لكنه لن يهتف بتلك الكلمات، لن يعترض طريق من يقمعون الحريات، لن يدافع عن نفسه ضد من اتهموه بتعطيل المصالح، لن يبتسم مرة أخرى فى وجه جلاديه، ولن يضطر كارهو الوطن لتلقينه وصلة تعذيب جديدة، لقد ترك لهم «مينا دانيال» الوطن الذى ضاق على شباب الثورة رغم رحابته.. غادر الحياة التى يطوقها عسكر الظلم وضباط الفساد وفلول جهنم، ذهب البطل الشاب إلى من تسع رحمته الجميع.. ولا يميز بين عباده، لقد أراد له أعداء الوطن الشر، لكن الله أراد له حرية غير منقوصة، حرره حتى من جسده.. أطلق العنان لروحه لتحلق حيث أراد لها صاحبها، الآن يا «مينا» آن للجسد الجريح أن يستريح.. الآن يا رفيق.. نزفك إلى أرض الملكوت.. شهيداً.
غاب الوجه الملائكى عن ساحة النضال.. غاب عن جدران منزله الذى كانت ابتسامته تملؤه بالدفء، لن تضطر والدته لأن تحيطه بذراعيها بعد الآن، لن تتحجر الدموع فى عين والده فى لحظة وداع لأنه لن يخبره مجدداً بالنزول إلى الميدان، لن ينتظر أشقاؤه الثلاثة عودته لأحضانهم، ولن تعلن شقيقتاه ضيقهما من آثار معارك الحرية التى تترك آثارها على ملابسه دائما، ولن ينتظر زملائه فى شركة التوريدات الكهربائية أن يخبرهم عن حال البلد ومستقبله، ولن يبحث زملاؤه فى أكاديمية المقطم عن أخباره، «مينا» لن يحتفل مرة بذكرى ميلاده لأن القدر لن يضيف إلى سنوات عمره أرقاماً جديدة بعد عامه الخامس والعشرين.
إن سنوات عمره القليلة تجعله يحتفظ بشباب دائم.. وجسد ضئيل كان يساعده دائماً على تصدر مشاهد المطالبة بالحرية، خرج فى الخامس والعشرين من يناير باحثاً عن الحرية والكرامة، اعتصم برفاق النضال فى ميدان الحرية، لم يغادر حلمه.. تشبث به إلى أن رحل الطاغية، وتنحى رأس الفساد ونائبه.
توقع «مينا» أن يعيش مثل وطنه.. عمراً طويلاً بقدر الحرية التى نالها المصريون بعد ثورتهم، قرر أن يبدأ فى تكوين أسرة جديدة، اختار شريكة حياة من ميدان التحرير، أعلن خطبته، لكنه قرر التأكد أولا من تحقيق حلم الحرية، وصدق ظنه، ليعود مرة أخرى إلى ميادين الحرية بحثاً عن العدل الذى يريده للجميع.
كان حضوره ملحوظاً فى كل أنشطة طليعة الشباب الثوري، كان سباقاً فى التطوع لمهام التيار الفكرى الذى ينتمى له، كان واحداً من الوجوه النشطة فى حركة «شباب من أجل العدالة والحرية» التى انضم لها قبل ثلاثة أعوام، وشارك فى مظاهراتها ضد الديكتاتور المخلوع على سلالم نقابة الصحفيين.. ومسيرات شبرا.. وتظاهر ضد قتلة الشهيد خالد سعيد فى الإسكندرية، كان مسيحى الديانة، لكن قلبه معلق بكل ما هو مصرى دون تمييز، يعرف شباب الكنيسة الارثوذكسية مدى شجاعته فى الحق.. منذ قاطع قيادة كنسية أثناء عظته وداع شهداء الوطن فى حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية.. لأنه يرفض الثناء على من كان رئيساً للجمهورية وقتها، وهو ما جعل القيادة الكنسية تصفه بالمندس، لكن شباب ديانته اعتبروا ما فعله شهادة حق يستحق عنها التقدير.. لذا رفعوه على الأعناق حين تقدم مظاهراتهم أمام كاتدرائية العباسية للتنديد بالحادث.
أسس شهيد الوطن «مينا دانيال» حركة «كلنا أقباط» وهى الحركة التى ضمت فى عضويتها شباباً مسلمين ومسيحيين للمطالبة بحقوق كل المصريين، وكان لا يهتف لغير الوطن.
كان يؤمن بالوطن قبل كل شيء، لذا خرج فى مسيرة شبرا دفاعاً عن كنائس الوطن، وحين بدأت حلقة القمع.. قرر أن يدافع عن قضيته، جعل من جسده النحيل درعاً يحمى الآخرين، كان شجاعاً لم يهب الموت فى كل معارك الحرية التى خاضها، تصدى للمعتدين بقدر تصديه لمن إرادوا إخماد الثورة فى أيامها الأولى، لقد أصيب من قبل فى جمعة الغضب الأولى برصاصتين فى يده تركتا جراحاً سطحية تثبت بطولته، وفى مساء اليوم التالى أصيب برصاصة ثالثة استقرت فى قدمه، فنقله الثوار إلى مستشفى قصر العيني.. وهناك أحس بأنه معرض للقبض عليه فقام شخص بنقله الى المستشفى الميدانى بالتحرير.
يقول حسين البدرى صديقه المقرب، إنه ظل معتصماً فى الميدان ورفض الرجوع لمنزله وفى موقعة الجمل كان فى الصفوف الأمامية بجوار المتحف يدافع عن الميدان التحرير ضد بلطجية الحزب الوطنى طوال الليل، كان مشغولاً بالوطن بينما كانت أسرته تشعر بالقلق لما ينتظره، والمدهش أنه تم القبض عليه بعد تنحى مبارك، وتعرض للتعذيب، ليأتى المشهد الأخير أمام ماسبيرو، أصيب «مينا» بطلق ناري.. فاضطر للمرة الأول أن يعطى ظهره لجلاده.. لكنه عاجله برصاصة أخرى فى الظهر اخترقت كتفه اليمن.. وحمله البعض إلى مدخل إحدى العمارات ليلفظ أنفاسه الأخيرة.. وكانت وصلة من الراحة وحلقت بعدها روحه إلى مرتبة لا يدركها سوى الشهداء. كان مشهد الرحيل مأساوياً بالقدر الذى يصعب على الذاكرة المصرية نسيانه، مشهد لا تقوى أفلام المعارك على تقديمه بهذا المنظر، ولن يقوى أفضل نجوم هوليوود على تجسيده، ربما لأن منطق العقل لا يقبل أن يتحول البطل الذى ملأ الدنيا نضالاً مجرد جثة هامدة فى مدخل عمارة.. وفى ساحة الموت تتشابه الجثث.. تكتسى جميعها بملامح الغدر الذى أجهز عليها، تبتسم جميعها لمصير تعرف أن بيد من هو أرحم علينا من الأب والأم، فى حضرة الموت يتساوى «مينا وبلال» وكلاهما شهيد، قدم جسده قربانا لأجل حرية الوطن، اختاروا الرحيل فرادى ليبقى الوطن مجتمعاً.. على ثورته.. على شهدائه، رحلت أجسادهم لتتحرر أرواحهم ووطنهم.. رحلوا ليعيشوا طويلاً فى قلوبنا وتاريخ ثورتنا.
رحل «مينا» ليمنحنا فرصة أخرى فى العثور على ما نتفق عليه.. الثورة، لذا هتف مودعوه « يللا يا مينا قول لبلال.. أصل الثورة صليب وهلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.