أسدلت محكمة النقض الستار على واحدة من القضايا الجنائية المثيرة، بعدما أصدرت حكمها النهائي في واقعة المعروفة إعلاميًا ب«قضية طبيب الساحل»، حيث أيدت إعدام متهمين اثنين، وأقرت عقوبة السجن المشدد بحق المتهمة الثالثة. وكانت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمنطقة العباسية، قد سبق أن عاقبت المتهمين الأول والثاني بالإعدام شنقًا، عقب أخذ الرأي الشرعي لمفتي الجمهورية، فيما قضت بسجن المتهمة الثالثة 15 عامًا، قبل أن يُعرض الحكم على محكمة النقض التي أيدته بالكامل. وتعود تفاصيل الواقعة إلى تلقي الجهات المختصة بلاغًا يفيد باختفاء الطبيب أسامة توفيق، طبيب عظام يعمل بمستشفى معهد ناصر، بعد خروجه متجهًا إلى مقر عمله، حيث انقطع الاتصال به بشكل مفاجئ وأغلق هاتفه المحمول. وبتكثيف الفحص باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، جرى تحديد آخر مكان تواجد فيه المجني عليه، ليتبين أنه كان بصحبة أحد أصدقائه، وهو طبيب عظام يعمل بالمستشفى ذاته، داخل عيادة خاصة. وبالانتقال لمعاينة المكان، لاحظت الجهات المعنية وجود أعمال ترميم حديثة وحفر داخل العيادة، إلى جانب أجولة ممتلئة بمخلفات الحفر، وانبعاث رائحة كريهة أثارت الشكوك. وخلال أعمال الفحص، جرى تحديد مصدر الرائحة أسفل ثلاجة بإحدى الغرف، حيث كشفت أعمال الحفر عن العثور على جثمان الطبيب المختفي مدفونًا أسفل الأرضية. وعلى الفور، جرى انتداب الطب الشرعي لتشريح الجثمان وتحديد سبب الوفاة، مع أخذ عينات لفحص البصمة الوراثية ومقارنتها بآثار الدماء التي تم العثور عليها داخل العيادة، فضلًا عن فحص الأدوية والعقاقير المضبوطة بالمكان. كما أسفرت مراجعة كاميرات المراقبة عن تتبع تحركات المجني عليه منذ مغادرته مستشفى معهد ناصر مساء يوم اختفائه، الموافق 4 يونيو، حيث ظهر برفقة أحد المتهمين، العامل بالعيادة، أثناء دخولهما أحد العقارات بشارع مسجد الرحمة، ثم خروجهما في صباح اليوم التالي ومعهما الطبيب المتهم. وبضبط المتهمين، أقر العامل بأن الطبيب المتهم خطط لاستدراج المجني عليه بدافع الانتقام، نتيجة خلافات سابقة بينهما. كما كشفت التحقيقات أن حفر الحفرة داخل العيادة سبق ارتكاب الجريمة بفترة، في إطار مخطط مُعد سلفًا للتخلص من المجني عليه بعد قتله، إما بدافع سرقة أمواله أو ابتزازه بطلب فدية من أسرته. وأجرى المتهمان محاكاة تصويرية للجريمة، أوضحا خلالها كيفية استدراج المجني عليه وارتكاب الواقعة داخل الوحدة السكنية، ثم نقل الجثمان ودفنه داخل العيادة. وعلى ضوء ما انتهت إليه التحقيقات، قررت النيابة العامة حبس المتهمين الثلاثة احتياطيًا، ووجهت إليهم اتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار، المقترن بالسرقة بالإكراه، قبل إحالتهم إلى المحاكمة الجنائية التي انتهت بتأييد الحكم من أعلى جهة قضائية.