أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أمرًا ملكيًا كريمًا بتعيين الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، بمرتبة وزير. ويأتي هذا التعيين في إطار حرص القيادة السعودية على تعزيز المرجعية الدينية الوسطية التي تقوم على منهج السلف الصالح، وتأكيد مكانة المملكة باعتبارها منارةً للعالم الإسلامي في الاعتدال والوسطية ونشر قيم الإسلام السمحة.
السيرة العلمية والمهنية للشيخ الفوزان وُلد الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في 28 سبتمبر 1935م (1 رجب 1354ه) في بلدة الشماسية بمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية، وينتمي إلى قبيلة الدواسر. فقد والده صغيرًا، فتربى في بيئة محافظة، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة. التحق بمدارس القصيم الحكومية، وتدرّج في التعليم حتى حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1381ه، ثم نال درجة الماجستير في الفقه برسالة بعنوان "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية"، ودرجة الدكتوراه برسالة بعنوان "أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية". تولى الشيخ الفوزان عدة مناصب أكاديمية وعلمية، حيث عمل أستاذًا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود، وعضوًا في هيئة كبار العلماء، وعضوًا في المجمع الفقهي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي، وعضوًا في لجنة الإشراف على الدعاة في موسم الحج. كما كان إمامًا وخطيبًا ومدرّسًا في جامع الأمير متعب بن عبد العزيز في الرياض.
منهجه العلمي وتأثيره الدعوي يُعد الشيخ الفوزان من أبرز العلماء في المدرسة السلفية الأثرية، ويتميز بمنهجه الواضح في ترسيخ مفاهيم التوحيد، والعقيدة الصحيحة، ومحاربة البدع، مع الحرص على الاعتدال والبعد عن الغلو. له إسهامات كبيرة في الدعوة والتعليم، عبر دروسه وبرامجه الإذاعية مثل "نور على الدرب"، ومشاركاته في المؤتمرات العلمية. وقد تتلمذ على يديه عدد من كبار العلماء والدعاة في المملكة، منهم الشيخ عبد الرحمن السديس، والشيخ محمد صالح المنجد، وغيرهم.
مؤلفاته العلمية ألّف الشيخ الفوزان عددًا من الكتب التي أصبحت مراجع معتمدة في الدراسات الإسلامية، من أبرزها: الملخص الفقهي الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد شرح كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب البدع والمحدثات وما لا أصل له البيان فيما أخطأ فيه بعض الكتاب شرح مسائل الجاهلية من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة الخطب المنبرية في المناسبات العصرية وتُدرّس بعض مؤلفاته كمراجع أساسية في المعاهد والكليات الشرعية داخل المملكة وخارجها.
دلالات التعيين يرى مراقبون أن تعيين الشيخ الدكتور صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة يأتي امتدادًا لنهج المملكة في دعم العلماء الراسخين، وتعزيز مكانة الإفتاء الرسمي القائم على الأدلة الشرعية وضبط الفتوى وفق ضوابط الشريعة. كما يعكس القرار ثقة القيادة في شخصية علمية مشهود لها بالعلم والاعتدال والتمسك بالمنهج الوسطي، خاصة في ظل ما يشهده العالم الإسلامي من تحديات فكرية وموجات تطرف وغلو. في النهاية، بهذا القرار الملكي الكريم، تُؤكد المملكة العربية السعودية استمرارها في التمسك بالثوابت الدينية الراسخة، وتقديم الإسلام في صورته الحقيقية القائمة على الوسطية والعلم الراسخ، تحت راية التوحيد، وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.