شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم انعقادًا استثنائيًا جاء بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لبحث الاعتراض الرئاسي على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية. وفي كلمته الافتتاحية، ألقى المستشار الدكتور حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب، كلمة مهمة وضع فيها النقاط فوق الحروف بشأن طبيعة الاعتراض، وأكد على الدور التكاملي بين مؤسسات الدولة في خدمة المواطن وصون الصالح العام. الاعتراض الرئاسي.. ممارسة دستورية طبيعية استهل الدكتور حنفي الجبالي كلمته بالتأكيد على أن اعتراض رئيس الجمهورية لا يعد رفضًا لمشروع القانون، بل هو ممارسة دستورية أصيلة نص عليها الدستور المصري، تعكس توازن السلطات وتكاملها. وأوضح أن الاعتراض يمثل تعليقًا مؤقتًا لمشروع القانون، لحين إعادة النظر في بعض مواده من أجل تعزيز الضمانات القانونية وتحقيق المصلحة العامة. وأشار رئيس المجلس إلى أن الاعتراض اقتصر على ثماني مواد فقط من أصل 552 مادة تضمنها مشروع القانون، ما يعني أن المشروع في جوهره يحظى بقبول واسع، لكن هذه المواد تحتاج إلى مراجعة دقيقة لاستيفاء الضمانات اللازمة، بما يضمن عدالة وفاعلية الإجراءات الجنائية. النقد الموضوعي.. قيمة وطنية وخلال كلمته، ميّز الدكتور الجبالي بين النقد البنّاء والنقد الهدام، حيث قال إن النقد الموضوعي قيمة نبيلة مرحب بها، لأنها تفتح المجال لتصويب الأخطاء وتعزيز الشفافية. أما النقد الذي ينزلق إلى التشويه أو يفتقر إلى الدقة والموضوعية، فإنه لا يخدم الوطن ولا يحترم وعي المواطن المصري. وشدد على أن البرلمان المصري يؤمن بأهمية الحوار والنقاش البناء، ويعمل على تمكين جميع الأصوات الوطنية الصادقة، بما يعزز الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة. موقف مجلس النواب من الاعتراض أكد رئيس مجلس النواب أن المجلس يجدد ترحيبه بالاعتراض الرئاسي، ويعتبره دليلًا على أن السلطات المصرية تعمل في تعاون وثيق وتكامل كامل من أجل خدمة الشعب. وأضاف أن المجلس سيمضي فورًا في دراسة المواد محل الاعتراض بعين المسؤولية، مع الحرص على أن تكون المعالجة التشريعية الجديدة أكثر دقة وتوازنًا، بحيث تضمن حقوق الأفراد وتحمي مصالح المجتمع في آن واحد. وأوضح الدكتور الجبالي أن البرلمان سيتحرك بسرعة في إطار الإجراءات الدستورية والقانونية، بحيث يتم الانتهاء من مراجعة هذه المواد دون تأخير، لأن الهدف الأسمى هو إصدار قانون عصري متكامل للإجراءات الجنائية يواكب تطورات العدالة الجنائية ويحمي الحقوق والحريات. رسالة البرلمان للشعب وجه الدكتور حنفي الجبالي رسالة واضحة للشعب المصري، أكد فيها أن البرلمان سيظل منحازًا دائمًا لمصلحة الوطن والمواطن، وأنه يمارس دوره الرقابي والتشريعي بروح من المسؤولية الوطنية، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى. وأكد أن التعاون بين مؤسسات الدولة هو السبيل الأمثل لتحقيق تطلعات المصريين وصناعة مستقبل أفضل يليق بمصر. وأضاف أن البرلمان سيعمل على تعزيز ثقة المواطن في منظومة العدالة، عبر قوانين حديثة تحقق التوازن بين حماية الحقوق الفردية وضمان أمن المجتمع، مشيرًا إلى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يُعتبر حجر الزاوية في بناء منظومة قضائية أكثر كفاءة وعدلًا. التعاون بين السلطات سبيل النهضة في ختام كلمته، شدد رئيس مجلس النواب على أن التعاون الوثيق بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية يمثل السبيل الأمثل لتحقيق آمال الشعب المصري. فليس هناك تعارض بين السلطات كما قد يروج البعض، بل هناك تكامل يؤدي إلى اتخاذ قرارات رشيدة تحقق الصالح العام وتحمي الوطن من المخاطر. وأكد الدكتور الجبالي أن التاريخ سيشهد أن مؤسسات الدولة المصرية، في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تسير على نهج من الانسجام والتكامل، وأن كل ما يتم من ملاحظات أو اعتراضات يدخل في إطار الممارسة الدستورية الطبيعية التي تعزز الديمقراطية وتخدم المواطن. كلمة الدكتور حنفي الجبالي في افتتاح انعقاد البرلمان اليوم جسّدت بوضوح أن الاعتراض الرئاسي على بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية ليس خلافًا بل تكاملًا، وأن مؤسسات الدولة تعمل يدًا بيد من أجل تحقيق العدالة وحماية حقوق المواطنين. كما أبرزت الكلمة أهمية النقد البنّاء والتعاون بين السلطات باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لبناء مستقبل مصر، وصون سيادة القانون في إطار دولة عصرية حديثة.