أصدر مكتب المدعي العام في البوسنة والهرسك أمرا باعتقال الزعيم الصربي، ميلوراد دوديك، رئيس جمهورية صرب البوسنة، من بين آخرين حكم قضائي يثير الجدل تصاعدت الأزمة السياسية في البوسنة والهرسك بعد إصدار محكمة الدولة في سراييفو حكمًا غيابيًا بحق رئيس جمهورية صرب البوسنة، ميلوراد دوديك، يقضي بسجنه لمدة عام ومنعه من تولي المناصب الحكومية لمدة ست سنوات. جاء هذا القرار بعد توجيه النيابة العامة اتهامات له في أغسطس 2023 بعدم الامتثال لتوجيهات المندوب السامي الأممي للبوسنة والهرسك، كريستيان شميدت، حيث وقع دوديك مرسومًا يصادق على قانون أقره برلمان جمهورية صرب البوسنة في يونيو 2023، يقضي بعدم سريان قرارات المحكمة الدستورية البوسنية في أراضي الجمهورية الصربية. رفض الحكم والتصعيد السياسيرفض دوديك الحكم القضائي ووصفه بأنه محاولة لفرض سياسات غير شرعية على الإقليم الصربي في البوسنة. وصرح قائلًا: "ليس هناك شيء استثنائي في هذا الحكم، ونحن ندعم الحوار السلمي بعيدًا عن النزاعات". ومع ذلك، أثار الحكم ردود فعل قوية في بانيا لوكا، حيث أقر برلمان جمهورية صرب البوسنة قانونًا جديدًا يحظر أنشطة القضاء والنيابة العامة البوسنية في أراضيها، في خطوة وصفها معارضون بأنها تهدف إلى تعزيز النزعة الانفصالية. تدخل الشرطة وطرد القوات الوطنية في تطور غير مسبوق، قامت قوات الشرطة في منطقة الأغلبية الصربية، اليوم الجمعة، بطرد عناصر الشرطة الوطنية من مبنى حكومي في مدينة بانيا لوكا، تنفيذًا للقوانين الانفصالية التي وقعها دوديك مساء الأربعاء. وأكدت النيابة العامة في البوسنة أنها تحقق في ما وصفته بأنه "هجوم على النظام الدستوري للدولة"، في إشارة إلى تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية وسلطات جمهورية صرب البوسنة. موقف المجتمع الدولي وروسيا تأتي هذه الأزمة في ظل اعتراض روسيا على تعيين كريستيان شميدت كمندوب سامٍ للبوسنة، بحجة عدم حصوله على موافقة مجلس الأمن الدولي. ومن جانبه، استند دوديك في رفضه لتوجيهات شميدت إلى اتفاقية دايتون، التي أنهت الحرب البوسنية في التسعينيات، مؤكدًا أن التعيين يتعارض مع القانون الدولي ودستور البلاد. تحركات جديدة وردود فعل في خطوة تصعيدية أخرى، دعا دوديك جميع الموظفين الصرب العاملين في المؤسسات الأمنية والقضائية البوسنية إلى ترك وظائفهم، متعهدًا بتوفير وظائف بديلة لهم داخل مؤسسات جمهورية صرب البوسنة. وتستمر الاحتجاجات الداعمة له في بانيا لوكا، حيث نظمت مظاهرات حاشدة للتعبير عن دعمهم لقراراته. تداعيات مستقبلية محتملة يبدو أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي في البوسنة، مع احتمال تصاعد التوترات بين المكونات العرقية في البلاد، خصوصًا أن التحركات الأخيرة قد تثير ردود فعل قوية من الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي. في الوقت ذاته، يترقب الجميع ما إذا كان دوديك سيستأنف الحكم الصادر ضده، أم أنه سيمضي في مساعيه لتعزيز الحكم الذاتي لجمهورية صرب البوسنة. جذور الازامت التريخية داخل البوسنة والهرسك كان اندلاع الحرب في البوسنة، وهي الحرب التي أخضعت العاصمة البوسنية سراييفو لحصار دام قرابة أربع سنوات (1992-1995). الحصار هو الأطول في التاريخ الحديث. حصدت حرب البوسنة أرواح أكثر من 100 ألف شخص، وأجبرت قرابة نصف سكان البلاد -الذين كان تعدادهم يبلغ قبل الحرب أربعة ملايين ونصف- على الهروب من منازلهم. خلال حصار العاصمة سراييفو الذي استمر 44 شهرا، قُتل أكثر من عشرة آلاف شخص معظمهم بنيران القناصة الصرب وصواريخهم. سراييفو، التي كانت في الماضي مدينة التعدد السعيدة، لم تنجح حتى اليوم وبعد نحو 16 عاما من نهاية الحرب، في استعادة ما كانت عليه قبل ذلك. مثل زعيم صرب البوسنة رادوفان كاراديتش أمام المحكمة الدولية في لاهاي، ليواجه تهمة الإبادة الجماعية خاصة ضد المسلمين في البوسنة، فالخراب الذي خلفته قواته للتركيب الإثني لسراييفو لا تخطئه العين.