في أحد الأيام الهادئة، كان هناك رجل حكيم يُدعى "فارس".. كان هذا الرجل يتمتع بحكمة عميقة، وكان الكثيرون يلجؤون إليه لطلب النصائح في شتى أمور الحياة، لكنه كان دائمًا يبتسم ابتسامة غامضة عندما يسأله أحدهم عن سر نجاحه في اتخاذ القرارات الهامة، وكأنه يمتلك مفتاحًا لفتح الأبواب المغلقة. مؤمن الجندي يكتب: عبور المستحيل مؤمن الجندي يكتب: ظل البقاء مؤمن الجندي يكتب: الهروب العظيم مؤمن الجندي يكتب: أزرار السوشيالجية ذات يوم، جاءه شاب يُدعى "عادل" وكان في غاية الحيرة.. قال له: "يا حكيم، لم أعد أستطيع تحديد الوقت المناسب لفعل الأشياء! دائمًا أكون في حالة من التأجيل، أحيانًا أبدأ في شيء ثم أكتشف أنه كان يجب علي أن أبدأ في وقت آخر.. كيف يمكنني معرفة التوقيت المثالي؟". ابتسم فارس وقال: "عادل، إن فن اختيار التوقيت ليس مجرد علم، بل هو فطرة تكتسبها التجربة.. وكل لحظة في الحياة تحمل معها توقيتها الخاص، الذي لا يتكرر أبدًا".. ثم قال له: "هل تذكر عندما كنت صغيرًا، وكيف كنت تنتظر ساعة الغروب لتذهب إلى الجبل وتلتقط لحظات السكون؟ ما الذي كان يجعل ذلك الوقت في اليوم ذا سحر خاص؟".. ليرد فارس: "إنه التوقيت المثالي، يا عادل. في الحياة أيضًا". تعجبت للغاية من ظهور مدرب الزمالك المُقال أمير عزمي مجاهد، فرغم إعلانه خوفه على نادي الزمالك إلا أن توقيت الظهور لم يكن مثاليًا! فعندما تكون مسؤولًا في مكان ما، وتواجه لحظة عاطفية قوية بعد أن تم إقالتك أو تم سحب المسؤولية منك، يكون فن اختيار التوقيت في الحديث أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالتحدث في لحظة الغضب أو الاندفاع قد يجلب نتائج عكسية.. في تلك اللحظات، يجب أن تدرك أن الكلمات التي تخرج منك لن تُنسى بسهولة، وأن التوقيت في اختيار الوقت الذي تعبر فيه عن مشاعرك يمكن أن يصنع الفرق بين الاستماع إليك كقائد حكيم، أو كمن خرج مكسور الجناح. حين تتحول اللحظة إلى فرصة؟ ومن وجهة نظري، أنه قد يكون الأفضل أن تأخذ وقتك لتفكر في الكلمات التي ستقولها، حتى وإن كانت لحظة الانتظار مؤلمة.. ولكن في تلك اللحظة، يكون الكلام أكثر قوة عندما يخرج ببطء وهدوء، ليظهر أنك تملك السيطرة على الموقف رغم الألم. بالضبط! التوقيت فن يتطلب منا الاستماع لنبض الحياة، لمتابعة التفاصيل الصغيرة التي لا تلاحظها العين المجردة، إن التوقيت ليس مجرد فعل متسلسل، بل هو انسجام بين العقل والقلب، بين ما هو ظاهر وما هو خفي. أما عندما تتحدث بعد فترة من الزمن، يكون لديك فرصة أفضل لتقييم الموقف بعقلانية. التوقيت هنا يتطلب أن تكون قد تجاوزت اللحظة العاطفية، وأنك مستعد للتعبير عن نفسك بأسلوب منطقي وعقلاني. في النهاية، يبقى ال"sense" حاسة التوقيت هي السر الخفي وراء كل قرار حكيم، وكل كلمة تترك أثرًا عميقًا في النفوس.. إن فن اختيار اللحظة المناسبة لا يقتصر على الفعل، بل يمتد ليشمل كل حديث وكل خطوة في الحياة، فالتوقيت هو الذي يمنح للكلمات قوتها، وللأفعال عظمتها، فالحكمة تكمن في انتظار اللحظة لنختار لحظاتنا بعناية، ولنتقن فن التوقيت، لأن الحياة لا تعطي الفرص مرتين، وعندما نعلم متى نتحرك ومتى ننتظر، نصبح قادرين على صنع لحظات فارقة تظل خالدة في الذاكرة. للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا