وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة ومضاعفة الحوكمة    اليوم.. المصريون بالخارج يصوتون فى ال 30 دائرة المُلغاة    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    سعر الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025.. عيار 24 بدون مصنعية ب6411 جنيها    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال شرق قلقيلية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الإثيوبيون يحتجون في إسرائيل على قمع الشرطة ولشعورهم بالتمييز.. إعلام إسرائيلى: تصاعد الأزمة بين كاتس وزامير.. رئيس الأركان الإسرائيلى: نستعد لاندلاع حرب مفاجئة    ريال مدريد يسقط أمام سيلتا فيجو بثنائية ويواصل نزيف النقاط.. فيديو    خبير استراتيجي: الاحتلال يماطل في تنفيذ المرحلة الثانية من "اتفاق غزة"    ارتفاع ضحايا مليشيا الدعم السريع على كلوقي إلى 114 سودانى    تسريب الذكرى الأولى لسقوطه.. "الأسد" يسبّ سوريا والغوطة ويهاجم حزب الله.. من المستفيد؟!    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    محمد الخراشى: مصر والسعودية قادرتان على بلوغ الدور الثانى فى كأس العالم    رمزى صالح: فوز فلسطين بكأس العرب حق مشروع.. ومصطفى شوبير محظوظ    لميس الحديدي توجه رسالة لاذعة لاتحاد السباحة بشأن الراحل يوسف محمد    وزير الرياضة يوضح أسباب وفاة السباح الناشئ يوسف محمد    سلتا فيغو يصعق ريال مدريد 2-0 في البرنابيو    ريال مدريد يسقط أمام سيلتا فيجو 2-0 في الدوري الإسباني    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    عاشر جثتها.. حبس عاطل أنهى حياة فتاة دافعت عن شرفها بحدائق القبة    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة المواطنين بالإكراه في الحوامدية    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    متحدث "الصحة": الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية في مصر في معدلاته الطبيعية    3 أكلات يجب تجنبها لتحسين مقاومة الأنسولين    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة مقطعة وملقاة بالقمامة فى عين شمس    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    رئيس الحكومة اللبنانية: الوضع الحالي في المنطقة لا يزال بعيدا عن السلام والاستقرار    بحب نيللي كريم و التمثيل حلمي.. أبرز تصريحات مي عمر بمهرجان البحر الأحمر    ميرهان حسين تكشف خططها الفنية الجديدة وأعمالها وأمنياتها | شاهد    الصحة: إجراءات وقائية جديدة لمكافحة الأمراض التنفسية بين أطفال المدارس    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    «صناع الخير» تسلم أهالي الغربية 4 آلاف نظارة طبية مجانية ضمن مبادرة «تمكين»    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    حماية النيل من البلاستيك    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    بث مباشر.. قمة نارية بين العراق وعُمان في صراع إنعاش الآمال بكأس الخليج تحت 23 سنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سويد يكتب: "النقي الأمين..."
نشر في الفجر يوم 19 - 08 - 2022

عندما يؤذَن للأنقياء الطيبون بالارتقاء، تَنضبُ الأرض شيئًا فشيئًا، وكيف لا..؟ وهُم مَن يُهون قسْوتَها، ويُطفئ نِيران شقْوتها، بمحَبةٍ صادقةٍ، بكلمةٍ طيبةٍ، أو حتى بابتساماتٍ عابرة، لا تملُّق فيها ولا ريَاء.

كُلنا يَعلم أن الرحلة قَصِيرة، وأنَ الرحِيل مَحتوم، لكن لا نُدرك فواجِعَه، إلا بَعد أن نَتجرَع صدْمَته، فهيّهات أن تُعوضنا الذكريات، أو تَمْلأ فراغًا تركه مَن مات.
عفوًا.. لم أقصد أن أصُف كلمات رثاء، أو أُصَدّر حَالة حُزن، لا قِبَل للقارئ بها، بقدر ما استْحضرت مُقدمتي، حقيقة اللحظات الأخيرة، في لحظات الحقيقة، التي قلَّما تَتَجرد لنَعْتَبِر.
هكذا فُجِعْت وفُجِع الأحبة، برحيل أخ كريم وصديق حميم، المغفور له بإذن ربه – بلا ألقاب- عبد الله منتصر، الذي شيعه الآلاف، إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة، برهنت أن الحب أقوى من المناصب، والأثر الطيب أصدق من المنفعة.
اللواء مهندس عبد الله منتصر سويد، صاحبُ مسيرة عامرة بالعطاء، منذ تخرجه في الدفعة 23 من الكلية الفنية العسكرية، وطوال خدمته العسكرية، حتى توليه مدير مركز المعايرة والقياس الرئيس بالقوات الجوية، لم يكن إلا خادمًا مخلصا لوطنه وللجميع.
أما وقد قَضى نَحبه، أصبح مأذُون لي أن أروي ما لم أحُب أن يطّلع عليه أحد قبل ذلك.
في أواخر عام 2017، كان لي شرف استدعائه، وترشيحه لمنصب رئيس مصلحة دمغ المصوغات والموازين، التي تتولى شئون دمغ ومراقبة الذهب والمعادن الثمينة، ومراقبة ومعايرة كل أجهزة القياس في مصر.
بعد أن تجاوز كل مقابلات لجان القيادات العليا بامتياز، أذكر أن المقابله الأولى له بوزير التموين والتجارة الداخلية، بصفته مُفوض من رئيس الوزراء، لاختيار رئيس المصلحة، كانت صادمة، اعتراض الوزير كأن مُلفِتًا، قال لي وقتها مندهشًا " لا يصلح"..!!.
ولأن ثقتي فيه مطلقة.. حاولت أن استوعب الصدمة، وأعاود السؤال بلطف للوزير، لماذا إذًا..؟ فأجاب؛ "كيف لرجل بهذا النقاء أن يتعامل مع أباطرة تجار الذهب"، وفي تورية مقصودة أكمل؛ "وما أدراك ما أهل الصاغة..!" ولكن الرهان قد ربح.
تحمل الرجل المسؤلية، ودخل عش الدبابير، مقاتلًا كما تعود، ولك أن تتخيل أن هذا أنه كان حارسًا وأمينًا على كنوز لا حصر لها، ولا عدّ، فأبواب خزائن الجهة التي يتولى شئونها، تسمح بدخول سيارات النصف نقل والجامبو المحملة بالذهب والمجوهرات والمعادن الثمينة، إلى داخل الخزينه نفسها، ربما تتعجب!.
هذا هو الواقع الذي لا يعرفه كثيرون، فبجانب أطنان الذهب والمشغولات التي لا بد أن تمر لتُدمَغ داخل المصلحة يوميًا، وتُدفع عنها الرسوم والضرائب، قبل أن تخرج، بحُكم القانون، هو صاحب الولاية والتصرف لصالح الدولة، في كل ما يُضبَط ذهب ومعادن ثمينة على كافة الحدود والمنافذ البرية والجوية لجمهورية مصر العربية، وما أدراك بكنوز المهربين!.
كل ذلك أو بعضه، لا يحمل الدهشة التي ستصيبك لو علمت أن راتب هذا الرجل الذي حدده القانون في ذلك الوقت 5 آلاف جنيه تزيد إلى 7 آلاف جنيه، بعد الحوافز والمزايا.
وقد كان قنوعًا أمينًا يرى كل هذه الكنوز والعدم سواء أمام طاعة ربه.
لم يكتفِ بتسيير الأمور -على قد فلوسهم- ولكنه سخر فكره وعلمه، بصفته ضابط مهندس وخبير في شئون المعايرة والقياس في القوات الجوية، لإحداث طفرة في آلية العمل التقليدية التي تسمح بضياع مئات الملايين على الدولة يوميًا، جراء غش الذهب، وتحايُل بعض التجار على دفع حق الدولة في دفع الرسوم والضرائب.
فأطلق المشروع القومي لرقمنة الذهب والمعادن الثمينة، وقطع فيه شوطًا كبيرًا وصل إلى مرحلة التنفيذ الفعلي.
ولمن لا يعرف هذا المشروع ؛ عن طريقه يتم تحويل الدمغة التقليدية، بالقلم، إلى الدمغ بالليزر وينتِج رقم ذكي QRC، مُحمل عليه بيانات العيار والقيمة وتاريخ الميلاد والمنشأ وكافة بيانات كل قطعة ذهب في السوق المصري – تُتاح هذه البيانات للمراقبين والمستهلكين على قاعدة بيانات إلكترونية واحدة، لمنع الغش والتلاعب والحفاظ على ثروات المواطنين، وتعظيم الدخل القومي من هذا الصناعة الهامة.
لم تتغير أو تتبدل فطرته، ظل هيِّنًا ليِّنًا، بشوش الوجه، نقي القلب، حافظًا لكل من أسدى له جميل، فسكن قلب كل من عَرفه أو مرّ به.
وعلى غير عادتهم، أجمع أهل الصاغة، وتجار وصناع الذهب، على نقاء هذا الرجل، الذي لم ينقذه إلا الله، من شر ما صنع أصحاب المصالح غير المشروعة للإطاحة به.
وكان تكريم الدولة له استثناءً وعرفانًا بالجميل، بعد بلوغه سن المعاش، بتعيينه مستشارًا لوزير التموين والتجارة الداخلية لشئون الذهب، وتكليفه بالإشراف على المشروع القومي، الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بانشاء أول مدينة عالمية للذهب في مصر.
نسأل الله العظيم أن يجعل ما قدّم في ميزان حسناته، وأن يكرمه في الآخرة، بحق محبة الناس له في الدنيا، كما ورد في حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانًا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.