هزت جائحة فيروس كورونا الأسواق العالمية في جميع الدول تقريبًا لتترك ضرر اقتصادي مؤلم ومجهد للغاية، لم يقتصر التأثير فقط على الوظائف وعلى الصحة الجسدية للناس لكنه تسبب في وفيات لا حصر لها وأضرار اقتصادية جسيمة انعكست على أسعار الأصول في الأسواق المالية العالمية. عندما بدأ تفشي فيروس كورونا في بداية العام بدت أسواق العملات الأجنبية غير مهتمة، حيث كان من المتوقع أن يقتصر التأثير الاقتصادي على الصين فقط ،ولكن مع انتشاره واتضاح تداعياته على التجارة العالمية أصبح المحللون يحذرون من المخاطر التي يشكلها على العملات المختلفة مما تسبب في قدر كبير من تقلبات السوق. استطاعت عدد من العملات تحقيق مكاسب كبيرة فيما خسرت الكثير من العملات في سوق الفوركس خلال أزمة كورونا،لكن يمكننا القول بأن الدولار الأمريكي كانتالعملة الوحيدة التي حققت مكاسب هائلة وارتفعت قيمتها أمام أغلب العملات (باستثناء الين الياباني والفرنك السويسري)، حيث اتجه المستثمرون بكثافة من جميع أنحاء العالم إلى شراء الدولار الأمريكي بغرض حماية محافظهم الاستثمارية، ولكن إذا انتشرت الموجة الثانية من الفيروس فهناك تهديد يلوح في الأفق بحدوث ركود عالمي عميق، الذي قد سيؤدي إلى اختلال جميع الأسواق. الضرر الاقتصادي للوباء إن الركود الاقتصادي الذي أحدثه الوباء في عام 2020انعكس بالفعل على المؤشرات الاقتصادية مثل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وزيادة معدلات البطالة وأرقام العجز في أكبر اقتصادات العالم،والذي زاد من التقلبات في سوق العملات والضحايا الرئيسيون في هذا الصدد هم الاقتصادات الناشئة التي يتعين عليهم استخدام الاحتياطيات للتخفيف من انخفاض قيمة العملة في أسوأ وقت ممكن. حذر الخبراء من الأداء الاقتصادي والصناعي للعالم خلال 2020،لأن الأزمة الناجمة عن عمليات الإغلاق وتدابير التباعد الاجتماعي التي تم تنفيذها لمواجهة الوباء أدت إلى انخفاض واسع النطاق لقيمة الكثير من العملات خاصة الأسواق الناشئة. كان الانخفاض في أسعار صرف العملات بسبب الصدمة المزدوجة التي أثارها الفيروسوالتي تمثلت في انخفاض غير مسبوق في النشاط الاقتصادي مقترنًا بحلقة من النفور من المخاطرة العالمية للمستثمرين. سوق الأسهم الهابطة والهروب إلى النقد منذ الإعلان عن فيروس كورونا لأول مرة في نهاية العام الماضي ، كانت الأسواق التي تأثرت في البداية هي البورصات في الصين حيث تم اكتشافه، ومع انتقاله إلى جميع دول العالم تقريبًا وتحوله إلى جائحة عالمية بدأت الأسواق الدولية تظهر اتجاهات مماثلة. وقد شهدت أسواق الأسهم العالمية جنبًا إلى جنب أسواق السلع وجميع الأصول تقريبًا بما في ذلك الذهب وحتى عملة البيتكوين هبوطًا حادًا، حيث سعى المستثمرون للحصول على النقد كملاذ آمن. بعد أيام فقط من إعلان منظمة الصحة العالمية أن كوفيد 19 أصبح وباء وبعد أسبوع قاسٍ بالنسبة لمؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، عقد البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعه الطارئ الثاني في 15 مارس لخفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو تحسبًا لتباطؤ الاقتصاد بسبب جائحة فيروس كورونا. أضاف الإجراء المتمثل في خفض الأسعار في الولاياتالمتحدة المزيد من التحفيز لأسواق الصرف الأجنبي التي كانت مضطربة بالفعل بسبب التقلبات من فئات الأصول الأخرى، وحذت البنوك المركزية العالمية حذو البنك الاحتياطي الفيدرالي حيث خفضت أسعار الفائدة تحسبا لحدوث تباطؤ اقتصادي عالمي. بشكل عام سيكون للمعدلات المنخفضة جنبًا إلى جنب حزم التحفيز الاقتصادية الواسعةلها تأثير على الأسواق عن طريق طباعة تريليونات من الدولارات الأمريكية التي ستؤدي إلى تداول كميات هائلة من العملات. تأثير ايجابي على الدولار الأمريكي في بداية العام ظل الدولار الأمريكي هو المسيطر على سوق الفوركس، فكان أداءهإيجابيًابشكل كبيرمتفوقًا على أغلب العملات بما في ذلك الين الياباني الذي يعدعملة الملاذ الآمن والذي شهد تراجعًابسبب مخاوف المستثمرون من المخاطر الكبيرة للعملات الآسيوية. استفاد الدولار الأمريكي من ارتفاع المخاطرة في سوق العملات حيث حقق مكاسب كبيرة ليسجل أعلى مستوياته في أكثر من عامين، ولكنه خلال الأشهر القليلة الأخيرة تراجع بشكل حاد مع فتح الاقتصادات وبدء تعافي الاقتصاد العالمي. إن التحركات الحالية في الطلب على الدولار مدفوعة بمقاييس عاطفية قصيرة الأجل، والتي لا تقيِّم تأثير العوامل طويلة الأجل مثل البطالة الجماعية والاقتراض الحكومي الواسع. تفاقم مشاكل اليورو كان لفيروس كورونا تأثير أكبر على العملة الموحدة لعدة أسباب،فمنطقة اليورو مرتبطة بشكل وثيق بالتجارة العالمية ولديها روابط أكثر شمولاً مع الصين، مما يعني أن التباطؤ الاقتصادي سيكون تأثيره أكبر، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد في حالة أكثر هشاشة مقارنة بالولاياتالمتحدةوبريطانيا. أدى تفشي الفيروس في أوروبا إلى اتخاذ تدابير صارمة للحد من انتشارهمع إجبار العديد من الشركات على الإغلاق، بما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الأوروبي الذي يعاني بالفعل من الضعف. الجنيه الإسترليني تحت الضغط سيكون الجنيه الإسترليني ضعيفًا إذا استمر الاقتصاد العالمي في التباطؤ بسبب تفشي الفيروس، في الوقت الحالي يُنظر إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على أنها قضية أكثر إلحاحًا، يعتمد اقتصاد المملكة المتحدة على التجارة العالمية وبالتالي سيكون انخفاضها الملحوظ له عواقب على الجنيه الإسترليني. وسيؤدي هذا إلى مزيد من الضغط على الاقتصاد البريطاني خلال العام الانتقالي الحاسم بعد خروجها النهائي من الاتحاد الأوروبي. العملات القائمة على السلع لا تزال تعاني كانت العملات القائمة على السلع الأساسية مثل الدولار الكندي من بين أول من شعر بتأثير فيروس كورونا، فانخفاض الطلب على النفط من الصين له تأثير على أسعاره وهذا بدوره يضغط على الدولار الكندي. في أستراليا ونيوزيلندا كان التأثير على طرق التجارة والسياحة فوريًا مما تسبب في ضعف العملة، في أستراليا الاقتصاد المحلي غير مستقر بالفعل بسبب الدمار الذي أحدثته حرائق الغابات، كما يضيف تقلص التجارة في مثل هذا الوقت الصعب مزيدًا من الضغط على العملة المتعثرة بالفعل.