قال الدكتور محمود الهواري، الباحث الشرعي بالأزهر الشريف، أن الصيام هو فريضة كلف الله بها عباده، ومن رحمة الله بهم –عزوجل- أنه وضع كل فريضة أو شعيرة تحت دائرة الاستطاعة، لأن الله تعالى يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهذا المعنى أكدت عليه آيات الصيام في قوله تعالى"فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". وأوضح الهواري، خلال الرسالة العاشرة من حملة "أيامًا معدودات"، تحت عنوان "من يجوز لهم الفطر في رمضان؟" أن الله لا يكلف عباده بالمحال وإنما جعل -سبحانه وتعالى- التكليف حسب الاستطاعة، وجاء في قوله تعالى"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا". وذكر الهواري أن الشرع أجاز الفطر في شهر رمضان لعدد من الحالات من بينها المسافر، على أن يعوض الأيام التي أفطرها بعد عودته، كما جاء ذلك في قوله تعالى"فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"، بالإضافة إلى المريض الذي لديه علة تمنعه من الصيام، وفي ذلك أجاز الله الإفطار في نهار رمضان ولكن بشروط وهي إن كان هذا المرض متوقع شفائه فعلى الشخص قضاء تلك الأيام بعد الشفاء، أما إذا كان هذا المرض مزمنا وغير متوقع الشفاء منه عليه أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينا، وينطبق الحكم ذاته على كبار السن ومرضى الشيخوخة الذين لا يستطيعون الصيام، ومن ضمن الحالات التي يُجاز فيها الإفطار، المرأة الحامل والمرضع على أن تقضي بعد ذلك تلك الأيام. يذكر أن حملة "أيامًا معدودات" هي حملة توعوية أطلقها المركز الإعلامي للأزهر الشريف على صفحته الرسمية بموقعي فيسبوك ويوتيوب، لتوضيح العديد من الأحكام والموضوعات المتعلقة بالصيام وآدابه خلال شهر رمضان المبارك، وتتضمن الحملة سلسلة من الفيديوهات القصيرة، لعدد من علماء الأزهر وأعضاء «مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» حول عدد من الموضوعات التي يهتم بها الجمهور خاصة في شهر رمضان المبارك. شيخ الأزهر: بر الوالدين من أفضل الأعمال بعد التوحيد وعبادة الله قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن «بر الوالدين» من أهم الموضوعات التي يجب التذكير بها في شهر رمضان، حيث إن بر الوالدين من أفضل الأعمال بعد التوحيد وعبادة الله، وهو على قدم المساواة مع الصلاة والزكاة كما جاء على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}، وأن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر حتى لو كان التعبير عن العقوق بكلمة «أف». وأضاف فضيلته خلال الحلقة الرابعة عشر ببرنامجه «الإمام الطيب» أن أول ما يلفت نظر المسلم في شأن هذا الموضوع هو تكرار وروده في القران الكريم، حيث ورد 7 مرات كتوجيهات صريحة {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، كما جاء بالثناء على الأنبياء والمرسلين في أكثر من موضع بما هم أهله من نبل الأخلاق وفي مقدمتها بر الوالدين، حيث جاء في شأن سيدنا يحي عليه السلام: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا}، مضيفًا فضيلته أن مطالبة الأبناء بأداء حقوق الوالدين وإن وردت في الآيات في صيغة وصايا خلقية إلا أنها في حقيقتها أحكام تكليفية يترتب عليها ثواب وعقاب، ومسؤولية عظيمة لا يُقبل فيها إهمال أو تبرير. وأكد فضيلته أن التذلل أو خفض جناح الذل للوالدين هو أولًا من باب سداد الديون ثم هو خلق من أخلاق الواجب والوفاء والمروءَة، ومصدره الرحمة ورقة القلب واستقامة الضمير، وإذا بذله الأبناء فإنما يبذلونه طواعية واختيارًا امتثالًا لأمره تعالى وتقربًا إليه، لا تضطرهم إليه ذلة ولا مصلحة، ولا يشعرون به بشيء من الهوان أو النفاق أو المداهنة التي تلحق المتذلل إلى الناس من أجل الحاجة والمصلحة، سواء أكان التذلل سجية في طبعه أو مما جاءت إليه خلائق الرغبة والحرص. وشدد شيخ الأزهر على أن بر الوالدين واجب على الأبناء حتى لو لم يكن الوالدان مسلمين، ويتأكد البر في حال كبر الوالدين وضعفهما أو مرضهما، وعلى الأبناء ألا يضيقوا ذرعًا بإقامة الأب والأم معهم وألا يلجؤوا إلى وضع الأبوين في دور المسنين إلا للضرورات القصوى كعجز الأبناء عن رعاية الوالدين أو تمريضهم، فحكم الأبناء في هذه الحال حكم المضطر ولكن يلزمهم البر بهم والإحسان إليهم والحرص على زيارتهم، وعلى الزوجة ألا تضيق صدرًا بهذا الواجب الخلقي وأن تشجع زوجها على الوفاء به تجاه والديه، وليعلم الزوجان أن ما يقدمانه في هذا الشأن يدخر لهما ويجازيان بهما في الدنيا قبل الآخرة، قال رسول الله ﷺ: «برُّوا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفُّوا تعف نساؤكم». ويذاع برنامج "الإمام الطيب" يوميا على عدد من القنوات في مصر والعالم العربي، بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لفضيلة الإمام الأكبر على "فيسبوك" وقناة فضيلته الرسمية على اليوتيوب، والصفحات الرسمية للأزهر الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي.