حسب ما يرى العديد من المحليين بمختلف الاتجهات، وحسبما أعتقد أنا كذلك فإن العالم عقب هذه الأزمة الطاحنة الفجائية التي عصفت بدول العالم أجمع، لاسيما الدول الكبري كامريكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول التي كشف فيروس كورونا عن عوار كبير في منظومتها الطبية رغم الإنفاق الكبير عليها، فالولاياتالمتحدةالأمريكية تعد الدولة الأكبر اتفاقا علي الرعاية الصحية وفي ذات الوقت باتت اكثر الدول تضررا جراء فيروس كورونا إضافة إلي ايطاليا وغيرها من دول العالم الأول. فيروس كورونا حسب رأيي ورغم ما جاء به من مخاطر مفزعه للجميع إلا أنه حمل في طياته رسائل إيجابية عده مفادها أولا أن المجتمع الإنساني يعود في اصولة لعائلة بيولوجية ذات اصل واحد وعلي الجميع أن يعمل وفقا لهذا المبدأ وأن نتوقف عن تلك النزعة البرجماتية التي اتسم بها العلم الغربي لفترات طويلة من الزمن فالجميع بات في قارب واحد وأصابه أحدهم قد تودي بحياة الآخرين. الإيجابية الثانية التي قد نراها في عالم ما بعد كورونا أن ثمة اهتماما كبيرا ستاخده البيئة العالمية بالحفاظ على المقدرات الطبيعية بات أمرا لا مفر منه للتخلص من عديد المشكلات التي تؤثر علي حياة الإنسان، وكما رأينا مؤخرا جراء عمليات حظر التجوال في دول عدة أن السماء باتت صافية حتي أن الأمريكان احتفل بعضهم برؤية جبال الهيمالايا من شرفات المنازل لأول مره. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي فثمة تغيرات اقتصادية ستحدث دون شك فالاتحاد الأوربي أوشك بشكل كبير علي التفكك في السنوات القليلة المقبلة وظهر هشا في مواجهة ازمه كورونا ولم يقدم دعما كبيرا للدول المتضررة كاسبانيا وإيطاليا حتي أن المانيا لأول مرة نراها تتخلي عن دور المنقذ للاتحاد الأوربي ونأت بنفسها بعيدا. وكما يعرف المتابع الجيد لحركة الاقتصاد العالمي انه في العشرين عاما الأخيرة باتت الكفة تميل أكثر باتجاه الشرق متمثلا في القطار السريع القادم من بكين تلك المدينة التي باتت اقوي عواصم العالم اقتصاديا وربما سياسيا، فالصين رغم أنها الدولة الأولي في العالم مواجهة لأزمة كورونا إلا أنها اتخذت خطوات حاسمة ومهمه للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، حتي إنها لم تكتفي بذلك بل قدمت مساعدات لدول اخري ما سيساهم في تعزيز مكانتها الاقتصادية والسياسية في مختلف أنحاء العالم، وذلك علي عكس المانيا التي نجحت فقط في السيطرة علي الفيروس داخليا دون مساعدة أي أطراف خارجية. أما أكثر الخاسرين من تلك الأزمة هي الولاياتالمتحدةالأمريكية فقدت تكبدت خسائر كبيرة في مختلف النواحي حيث شهدت عددا كبيرا من حالات الإصابة والوفيات، إضافة إلي الخسائر الإقتصادية التي ستظهر ملامحها مستقبلا حيث تراجعت السمعة العلمية الأمريكية كثيرا وبدت منظومتها الطبية هشة بشكل صارخ أمام العالم أجمع ما سيعمل علي تراجعها ثقافيا وفنيا أيضا. وفيما يتعلق بالنظم والإدارات الحاكمة للعالم فإني أري أن دونالد ترامب الرئيس الحالي للولايات المتحده هو أكبر الخاسرين فقبل وقوع ازمه كورونا كانت فرص فوزه بالانتخابات المقبلة تقارب 60 بالمائة اما الآن وبعد الفشل الذريع في إدارة ومواجهة الأزمة، حيث ذكرت بعض التقارير أن ترامب كان قد اتخذ قرارا بإغلاق أحد المراكز البحثية المتعلقة بمواحهة الوباء عقب توليه الحكم بحجة تقليل النفقات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ذهب لاتهام الصين بشكل مباشر بأنها مسؤولة عن هذا الوباء ما يعرض المصالح السياسية الأمريكية للتراجع حيث تمتلك الصين تعاطفا دوليا كبيرا جراء هذا الوباء، إضافة لوقف ترامب المساعدات الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية ما يقوض الدور الأمريكي بوصفها كبيرة للعالم. العالم الآن أمام تحد كبير تحد ستتغير معه خريطة العالم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبات جليا أنه بات واجبا علي المجتمع العالمي أن يكون انسانيا أكثر وأن يكون ضمير الفكر حيا تجاه الإنسان وأن تكون انسانية العلم وممارساته أكثر أخلاقية ومراعاة للمخاطر التي قد تنجم عن التجارب العلمية المختلفة خصوصا تلك المتعلقة بالجوانب البيولوجية والهندسة الوراثية التي رغم من فوائدها العديدة للإنسان إلا أنه يمكننا أن نضعها أو نصفنها من ضمن التكنولوجيات الخطرة علي حياة الكائنات الحية بشكل عام. ثمة قضية اخري أثارت حفيظتي هل الديكتاتورية لها جوانب مضيئة احيانا، رغم أنني من أنصار المذاهب التي تولي الحرية الإنسانية قدرا كبيرا وداعما لفكرة الحكم الديمقراطي القائم علي المشاركة وحرية الرأي، إلا انني لمست جانبا مضيئا لنظام الحكم الديكتاتوري فجميعنا يعلم أن الصين تعمل بهذا النظام وعقب انتشار الفيروس بمدينة ووهان فرضت نظاما صارما حددت فيه القواعد العامة للتعامل مع الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد وبينت العواقب التي سيلاقيها من يخالف ذلك ما ساهم بشكل واضح في محاصرة المرض في بؤرة انتشارة، في الوقت التي وجدت الحكومات الأوربية صعوبات كبيرة في تحديد إقامة المواطنين ومنعهم من الخروج خوفا من الملاحقات القانونية يكفلها القانون ونظام الحكم هناك، ولا أعني بهذا القول أنني أصبحت كافرا بالنظام الديمقراطي ومؤمنا بالديكتاتوريه بل أردت أن أبين أنه لا يوجد نظام سئ بشكل مطلق ولا يوجد اخر جيد بشكل مطلق،فبينما كانت أثينا الديمقراطية متميزة ثقافيا وعلميا كانت اسبرطة الديكتاتورية تتفوق في الحروب والمعارك. أما في الشأن المحلي المصري فحقيقة ورغم المشكلات العديدة التي تعانيها إلا أنني أجد الدولة المصرية تتخذ خطوات سريعه لأول مرة منذ زمن بعيد لمواجهة هذه الأزمة وغيرها من الأزمات، فمجلس الوزراء والرئيس والمنظومة الطبية الذين نرفع لهم احتراما منقطع النظير وكذلك المحافظين والأمن الذين يعملون جميعهم ليل نهار للحفاظ علي استقرار الوضع الصحي دون إغفال الجوانب الاخري ومراعاة الفئات الأكثر فقرا في محاوله جاده للخروجمن الأزمة بشكل جيد. وفي نهاية حديثي فإنني أطلب من الجميع أن يحافظوا اكثر علي أنفسهم وذويهم وأن يمكثوا في منازلهم قدر الإمكان لنتمكن سويا من التغلب على هذا الوباء